رجال أعمال وقانون يحذّرون نتنياهو من مغبة التهرب من القضاء

شجارات في الكنيست واجتماع طارئ في نقابة المحامين

TT

رجال أعمال وقانون يحذّرون نتنياهو من مغبة التهرب من القضاء

شهد الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس (الثلاثاء)، معركة صاخبة بين مؤيدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذين طرحوا مشروع القانون القاضي بتوفير حصانة له تمنع محاكمته بتهم الفساد، وبين المعارضين لهذه الخطوة بشدة ويعتبرونها «تحويل الكنيست إلى ملجأ للمافيا». وتحولت النقاشات إلى شجارات وكادت تتحول إلى صدامات بالأيدي. وفي المقابل، باشرت مجموعة من كبار رجال القانون ورجال الأعمال حملة احتجاج على القانون وغيره من المشاريع التي ينوي اليمين تمريرها لضرب سلطة القضاء.
وقد أقام كبار المسؤولين في نقابة المحامين، أمس، اجتماعاً طارئاً للبحث في «الاعتداء الصارخ على سلطة القضاء» أعلنوا فيه أنهم سيكونون سداً في وجه محاولات الائتلاف الحكومي الجديد فرض قوانين تشل المحاكم والنيابة وتتيح للسياسيين التهرب من حكم القضاء في قضايا الفساد.
وبرز بين الحضور عدد من المحامين الذين ينتمون إلى اليمين السياسي، وبعضهم تولى في الماضي الدفاع عن نتنياهو في قضايا الفساد وغيرها. وقال أحدهم، وهو دوري كلاجسبيرغ: «ليس من المعقول أن نسمح للكنيست بأن يكون فوق الجهاز القضائي، فبهذه الطريقة ندمر إسرائيل والقيم الديمقراطية التي نؤمن بها». ولوحظ أن المتنافسين على منصب رئيس نقابة المحامين، في الانتخابات التي ستجري في الشهر القادم، آفي حيمي وتسيون أمير، أعلنا أنهما يتركان التنافس جانباً لأن هناك خطراً شديداً على سلطة القانون يوحدهما ويضعهما في خندق واحد بمواجهة نتنياهو وأمثاله من المتهربين من العدالة. وأكدا أن «هذا الاجتماع الطارئ يأتي لأن إسرائيل باتت في حال طوارئ. فالحرب على سلطة القانون مدمرة أكثر من الحرب العسكرية».
وقال المحامي دودي تدمور إن إسرائيل لم تشهد في تاريخها اجتماعاً طارئاً كهذا للمحامين، لأن سلطة القانون فيها لم تشهد في تاريخها هجوماً كهذا على سلطة القانون.
وهدد المحامون باتخاذ إجراءات شديدة ضد المساس بسلطة القانون. وقال الرئيس المؤقت للنقابة، آفي حيمي، إنه لا توجد خطة عملية لديهم بعد، لكنّ «الأمر المؤكد هو أن البلدوزر الحكومي من طراز d - 9 قد خرج باتجاه المحكمة العليا، رمز العدالة وسلطة القانون، ونحن سنرمي بأجسادنا أمامه ولن نسمح له بالوصول إليها».
في سياق آخر تكلم رجل الأعمال إيزي شيراتسكي عن هذا القانون وغيره من القوانين المعادية للديمقراطية، فقال إن «نتنياهو ببساطة يهدم الدولة العبرية». وهدد: «إذا تم تمرير هذا القانون في النهاية فإنني سأتوقف عن تقديم التبرعات لأي مشروع في إسرائيل». وأضاف: «لدينا رئيس حكومة لا يعرف كيف ينطق بكلمة صدق واحدة. يعرف بأنه متورط في الفساد ويحاول كسب الوقت وجر الدولة إلى سراب تلو الآخر من دون أن يفكر بمصالحها. يفكر فقط في مصلحته. لكن ظهور إسرائيل أمام العالم بهذا الشكل، كدولة فساد يدوس قادتها قوانينها، يؤثر على التعامل الدولي معها، يضرب اقتصادها. يُفقِد أصدقاءها ثقتهم بها. لذلك يجب أن نتخلص فوراً من ظاهرة نتنياهو».
كان رئيس الكنيست يولي أدلشتاين، وهو أيضاً من «الليكود» قد أقام لجنة خاصة للبحث في هذا القانون، بشكل مخالف لأنظمة الكنيست. فهذه الأنظمة تنص على أنه لا يمكن تحضير مشاريع قوانين جديدة أو تعديل قوانين قائمة إلا في لجنة الدستور والقضاء البرلمانية. ولكن، وبما أن الكنيست انتُخب حديثاً ولم ينجز بعد تشكيل اللجان، وبسبب استعجال نتنياهو تمرير هذا القانون قبيل تشكيل الحكومة، تم تشكيل لجنة خاصة بهذا الشأن بأكثرية أحزاب الائتلاف. وقد التأمت اللجنة، أمس، في جلسة صاخبة جداً.
وعرض عضو الكنيست من حزب الليكود، ميكي زوهر، اقتراحه على جدول أعمال هذه اللجنة الخاصة، لتعديل «قانون الحصانة»، وادّعى زوهر أنه يأتي بهذا الاقتراح فقط لأنه يؤمن بضرورة تعديل القانون وليس بهدف خدمة نتنياهو وتهريبه من المحاكمة بتهم الفساد. لكن أحداً لم يصدقه وراحوا يسخرون منه. وقالت عضو الكنيست من حزب العمل المعارض، شيلي يحيموفيتش، إن تقديم الاقتراح بهذا الشكل المهرول يؤكد بوضوح أن «الهدف الأكبر من المفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي، هو نجاة رئيس حكومة فاسد من طائلة القانون من خلال هدم الديمقراطية الإسرائيلية». وناشدت النواب أن «يبذلوا كل جهد في سبيل إنقاذ الدولة من أيدي من يدوسها لغرض النجاة بجلده».
وهاجم وزير الأمن السابق وعضو الكنيست من كتلة «كاحول لافان»، موشيه يعلون، اقتراح تعديل القانون، ووصفه بأنه يهدف إلى تمكين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من النجاة بجلده من طائلة القانون. وقال يعلون إنه سيعمل ضد التشريع الشخصاني الذي يهدف إلى تحويل الكنيست إلى ملجأ لمخالفي القانون، وعلى رأسهم نتنياهو، مع لوائح الاتهام.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.