لاودا... من الاحتراق حياً إلى بطل العالم لسباقات فورمولا 1

قصة السائق النمساوي تحولت إلى ملحمة للإرادة البشرية وحب الانتصارات

أسطورة فورمولا 1 النمساوي نيكي لاودا يمين ومايكل شوماخر داخل السيارة (إ.ب.أ)
أسطورة فورمولا 1 النمساوي نيكي لاودا يمين ومايكل شوماخر داخل السيارة (إ.ب.أ)
TT

لاودا... من الاحتراق حياً إلى بطل العالم لسباقات فورمولا 1

أسطورة فورمولا 1 النمساوي نيكي لاودا يمين ومايكل شوماخر داخل السيارة (إ.ب.أ)
أسطورة فورمولا 1 النمساوي نيكي لاودا يمين ومايكل شوماخر داخل السيارة (إ.ب.أ)

توفي صباح اليوم (الثلاثاء) أسطورة سباقات السيارات «فورمولا 1» النمساوي نيكي لاودا، عن عمر ناهز الـ70 عاماً، بعد أن تحولت قصة نجاته من حادث تصادم «مميت» وفوزه بـ3 بطولات عالم، إلى ملحمة للإرادة والقدرة على التكيف مع الحياة.
وكان لاودا يحاول الفوز بلقبه العالمي الثاني في «فورمولا 1» عندما تعرض لواحدة من أشهر الحوادث في تاريخ رياضة السيارات، عندما اشتعلت النيران في سيارته «الفيراري» بعد اصطدامه بحاجز الحلبة بسرعة عالية قبل أن ترتد سيارته إلى الحلبة مجدداً بتأثير قوة الارتطام لتصدمها سيارة أخرى قادمة من الخلف، وذلك خلال سباق الجائزة الكبرى الألماني عام 1976.
وأصيب لاودا بإصابات خطيرة في هذا الحادث وحين نجحت فرق الإنقاذ في سحبه من بين حطام سيارته كان وجهه ورأسه وأذنه اليمنى قد تعرضت لحروق شديدة كما تأثرت رئتاه كثيرا جراء الحادث، حتى إنه تمت الاستعانة بكاهن يتلو عليه صلواته الأخيرة بينما كان السائق النمساوي يرقد في غيبوبة.
وشملت رحلة العلاج عمليات جراحية في العين لإعادة بناء جفونه المحترقة بشدة والجلد من خلف أذنيه، ورفض السائق النمساوي الخضوع لأي جراحة تجميلية في الأماكن التي شوهتها الحروق في وجهه، وارتدى بدلا من ذلك غطاء رأس للاعبي البيسبول لتغطية معظم هذه المناطق، والذي صار علامة مميزة له.
وقال لاودا عن ذلك: «بالطبع هناك أشخاص يستخدمون جراحات التجميل لتغيير طبيعة بعض الأعضاء... في حالتي كان من الممكن حدوث هذا لكنني رفضت لأن ما حدث هو حقيقة من حقائق الحياة».
ولم يكن لاودا يرى أي غضاضة في الأمر، فحتى قبل أن يتعرض للحادث أُطلق عليه اسم «الفأر» بسبب أسنانه الأمامية البارزة، ولم يكن يبالي، وقال لصحيفة «دي فيلت» الألمانية: «إذا حاول أحدهم إزعاجي وأبدى ملحوظة عن الحروق في وجهي أقول له هذا لأنني تعرضت لحادث أما‭‭‭ ‬‬‬أنت فولدت هكذا».‬‬‬‬‬‬
المثير للدهشة أنه بعد ستة أسابيع فقط من الحادث كان قد تم علاج الحروق، وعاد لاودا مجدداً لحلبة السباق، في تصرف سيظل واحداً من أكثر الأعمال شجاعة وإقداماً في ذاكرة سباقات السيارات.
وأدلى لاودا باعتراف متأخر عن مدى ما شعر به من خوف عند عودته للسباقات بعد فترة قصيرة من نجاته من الموت، وقال في مقابلة مع «رويترز» في 2013 عن أول سباق بعد الحادثة: «كان أكثر المرات التي شعرت فيها بخوف ورعب»، وأنهى لاودا هذا السباق في المركز الرابع.
ورغم غيابه عن سباقين في هذا الموسم فإنه خسر اللقب العالمي ذلك العام بفارق نقطة واحدة منافسه وصديقه جيمس هانت، لكنه عاد في العام التالي (1977) ليفوز ببطولة العالم الثانية له، قبل أن يفوز بها للمرة الثالثة في عام 1984.
وكانت حياة لاودا نموذجاً للعناد والإرادة والإصرار، فقد نجح في تجاوز إصابات أخرى أيضا، وخضع لجراحتين لزراعة الـ«كُلى» في عامي 1997 و2009، كما خضع لجراحة لزراعة رئة في عام 2018 أي بعد 42 عاماً من حادث تحطم واحتراق سيارته في «حلبة نوربورغرينغ» التي تسببت في استنشاقه غازات سامة ساخنة.
وولد لاودا لأسرة ثرية في فيينا في 22 فبراير (شباط) 1949، وكان إقدامه على أن يكون سائقا في سباقات السيارات تحدياً لرغبة أسرته، ووقف جده الذي كان يعمل في مجلس إدارة أحد البنوك النمساوية ضد رغبته، ورفض التكفل بمصاريفه، واضطر لاودا إلى التمرد على الأسرة، وذلك بالحصول على قروض بنكية لتمويل سنواته الأولى في عالم سباقات السيارات.
بعد أن حقق بطولة العالم للمرة الثانية عام 1977، قرر لاودا اعتزال سباقات السيارات في عام 1979، بعد قضاء عامين مع فريق «برابهام - ألفا روميو» المتواضع، حيث فشل في الفوز ببطولة العالم، وقال إنه «سأم القيادة».
لكن لاودا لم ينجح في أن يدير ظهره للسباقات طويلا، وبعد عامين من اعتزاله الرياضة، نجح فريق مكلارين في إغرائه للعودة وفاز معه بلقبه الثالث في بطولة العالم في عام 1984.
ترك لاودا مقعد السائق في سباقات السيارات في عام 1985، وذلك بعد عام من تحقيقه للقبه العالمي الثالث لرغبته في إدارة شركة الطيران الخاصة به «لاودا إير»، التي اعتاد فيها مفاجأة الركاب بقيادة الطائرة بنفسه، وباعها للخطوط الجوية النمساوية بعد ذلك.
وفي عام 1991، تحطمت طائرة تابعة لشركة «لاودا إير» في تايلاند، مما أسفر عن مقتل 223 شخصاً، وفي نهاية المطاف تم إثبات أن شركة طائرات «بوينغ» هي المسؤولة وليس شركته، وأبلغ لاودا صحيفة «الأوبزرفر» أن هذه كانت أسوأ فترة في حياته، وليس الفترة بعد حادث سباق ألمانيا، وقال: «عندما تدير شركة طيران ويذهب أكثر من 200 شخص من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) ولا يصلوا إلى وجهتهم، هذه مسؤولية مختلفة».
عاد لاودا إلى عالم «فورميلا 1» كمستشار لفريق فيراري في عام 1993، ثم عمل لفترة وجيزة كمدير لفريق جاغوار في عام 2001، ومنذ عام 2012 يعمل كرئيس غير تنفيذي لفريق مرسيدس، وهو الفريق المسيطر على بطولة العالم في آخر خمسة مواسم.


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.