نتنياهو يهدد حلفاءه في اليمين بانتخابات جديدة

51 % من الإسرائيليين يؤيدون استقالته في حال تقديم اتهام ضده

لافتات انتخابية تظهر فيها القوى الإسرائيلية المختلفة في مارس الماضي (رويترز)
لافتات انتخابية تظهر فيها القوى الإسرائيلية المختلفة في مارس الماضي (رويترز)
TT

نتنياهو يهدد حلفاءه في اليمين بانتخابات جديدة

لافتات انتخابية تظهر فيها القوى الإسرائيلية المختلفة في مارس الماضي (رويترز)
لافتات انتخابية تظهر فيها القوى الإسرائيلية المختلفة في مارس الماضي (رويترز)

مع تزايد المصاعب التي تواجهه في مهمة تشكيل حكومته الجديدة والاقتراب من انتهاء المدة الممنوحة له لهذا الغرض، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو، حلفاءه في قيادات أحزاب اليمين بالتوجه إلى انتخابات جديدة. وجاء هذا التهديد، أمس (الاثنين)، مع بدء جولة جديدة من المفاوضات مع حلفائه، علماً بأنه خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة لم يتمكن من التوصل إلى أي اتفاق مع أي حزب، فاتهمهم بالصعود إلى شجرة عالية في مطالبهم المبالغ فيها، ودعاهم إلى النزول على الأرض.
والمفترض أن تنتهي المدة الممنوحة لتشكيل الحكومة في 28 الجاري، أي يوم الثلاثاء القادم. ويشكو نتنياهو من أن هؤلاء الحلفاء يمارسون عمليات ابتزاز سياسي ومادي منه، فيطرحون مطالب سياسية متشددة، مثل مطلب أفيغدور ليبرمان، أن يحصل على منصب وزير الدفاع ويعطَى صلاحيات مطلقة في التعامل مع «حماس»، واتحاد أحزاب اليمين الذي يطالب بصلاحيات مطلقة في موضوع توسيع الاستيطان والأحزاب الدينية التي تطالب بتقليص عدد شبانهم الذين يخدمون في الجيش، فضلاً عن المطلب بالحصول على الوزارات الرفيعة: الدفاع، والمالية، والإسكان، والداخلية، والقضاء والتعليم. ويتعرض نتنياهو لضغوط من حزبه، الليكود، حيث يذكّره رفاقه بأن الحزب حصل على 35 مقعداً ولا يجوز أن يعطي الوزارات الأساسية لأحزاب لا يتجاوز حجمها 4 – 5 مقاعد.
وقال مقرب من نتنياهو إن الوضع الذي تواجهه جهود تشكيل الحكومة لم يسبق له مثيل في التاريخ الإسرائيلي. ففي العادة يكون رئيس الوزراء المكلف قد أغلق الاتفاقيات مع غالبية الأحزاب. واليوم، ورغم أن أكبر حزب حليف لنتنياهو لا يتجاوز 8 مقاعد، يطرح قادتها مطالب تعجيزية وغير واقعية البتة.
ويهاجم ممثلو الإعلام والخبراء على اختلافهم هذا الوضع ويشيرون إلى أن عملية الابتزاز التي يتعرض لها نتنياهو بلا خجل مستوحاة من سلوكيات نتنياهو نفسه؛ فهو يريد ائتلافاً حكومياً يكون همه الأساسي منع محاكمته بتهمة الفساد، ويحتاج إلى صوت كل واحد منهم فرداً فرداً، فلماذا لا يستغلونه هم أيضاً ويحصلون على المكاسب المادية السياسية والشخصية.
يُذكر أن جميع أحزاب اليمين الإسرائيلي وافقت على شرط نتنياهو إجراء تعديلات على القانون تتيح له أن يتهرب من المحاكمة خلال السنوات الأربع القادمة. وقد أظهر استطلاع رأي نُشر أمس (الاثنين)، أن أغلبية الجمهور في إسرائيل تعارض قانون الحصانة الذي يعتزم نتنياهو سنّه، بهدف منع محاكمته. وحسب الاستطلاع، الذي نشره موقع «واللا» الإلكتروني، فإن 56% يعارضون منح حصانة لرئيس الحكومة الإسرائيلية أو أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، تمنع محاكمتهم إلى حين انتهاء ولايتهم. وقال 51% إنهم يعارضون استمرار ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة في حال تقديم لائحة اتهام ضده.
لكن الاستطلاع أظهر في الوقت نفسه أن 80% من ناخبي حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، أعربوا عن تأييدهم لاستمرار نتنياهو في ولايته كرئيس للحكومة حتى في حال تقديم لائحة اتهام ضده، و12% منهم فقط يعارضون ذلك. كما أن 71% من ناخبي «الليكود» يؤيدون سن قانون الحصانة، و17% منهم فقط يعارضون سن هذا القانون.
وعبّر 45% من المستطلَعين عن معارضتهم لـ«بند التغلب»، المقصود به تغلب الكنيست على المحكمة العليا ومنعها من اتخاذ قرارات تلغي القوانين التي يسنها الكنيست، لكن 40% أيّدوا هذا البند. وبلغت نسبة التأييد لهذا البند بين ناخبي «الليكود» 72%، فيما عارضه 84% من ناخبي أحزاب الوسط – يسار.
وبرز من الاستطلاع وجود شرخ في هذه الناحية، وإن كان صغيراً، يتمثل في أن 79% من ناخبي حزب «كولانو»، الذي يرأسه موشيه كحلون، الشريك في الائتلاف السابق والحالي، يعارضون قانون الحصانة، كما أن 75% منهم يعارضون استمرار ولاية نتنياهو في حال تقديم لائحة اتهام ضده. وقال 58% منهم إنه يعارضون «بند التغلب» على المحكمة العليا وتقييد صلاحياتها. وكان كحلون قد برز خلال ولاية الحكومة السابقة كمن يدافع عن صلاحيات المحكمة العليا واستقلاليتها، لكنّ بعد هبوطه في الانتخابات الأخيرة من 10 إلى 4 مقاعد في الكنيست فقط، لم يعد يمتلك نفس القوة الانتخابية والتأثير.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».