32 قتيلاً بتمرد سجناء «دواعش» في طاجيكستان

الأمن اتهم إرهابيين من التنظيم بقيادة العصيان

جنود خلال مواجهة تمرد سابق في سجن طاجيكي (الشرق الأوسط)
جنود خلال مواجهة تمرد سابق في سجن طاجيكي (الشرق الأوسط)
TT

32 قتيلاً بتمرد سجناء «دواعش» في طاجيكستان

جنود خلال مواجهة تمرد سابق في سجن طاجيكي (الشرق الأوسط)
جنود خلال مواجهة تمرد سابق في سجن طاجيكي (الشرق الأوسط)

قالت السلطات الطاجيكستانية يوم أمس الاثنين، إن 32 شخصا قُتلوا، بينهم 29 متطرفا من «تنظيم داعش» الإرهابي، وثلاثة حراس، خلال تمرد وقع مساء أول من أمس الأحد، في سجن قرب دوشنبيه، عاصمة طاجيكستان في آسيا الوسطى، على الحدود مع أفغانستان. وقالت مصادر من طاجيكستان إن الأمن اتخذ إجراءات وقائية خاصة، ونشر قوة أمنية على الطريق بين السجن والعاصمة، إلى أن تمكن من استعادة السيطرة على الوضع وقمع التمرد الذي قاده عدد من عناصر «تنظيم داعش»، بينهم داعشي ابن داعشي آخر شغل في وقت سابق منصب قائد القوات الخاصة في وزارة الداخلية الطاجيكية، قبل أن ينضم إلى التنظيم الإرهابي، وقُتل في سوريا عام 2017.
وقالت وزارة العدل الطاجيكية في بيان رسمي أمس إن «24 سجيناً من أعضاء (تنظيم داعش) قُتلوا» خلال تمرد في سجن في مدينة واخدات التي تقع على بعد 20 كم شرق العاصمة دوشنبيه، قُتل خلاله أيضاً ثلاثة حراس وخمسة سجناء.
وأوضح البيان أن العصيان بدأ في الساعة التاسعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي (16.30 حسب غرينيتش) في السجن الذي يضم 1500 معتقل.
وقالت الوزارة إن «30 سجينا يمضون فترة العقوبة بتهمة الانتماء لـ(تنظيم داعش) الإرهابي، يحملون السكاكين، احتجزوا ثلاثة من حراس السجن كرهائن، بغية الفرار، ومن ثم قاموا بوحشية بطعن ثلاثة حراس حتى الموت». وأضافت الوزارة أن «المتمردين لم ينصاعوا للأوامر بإنهاء العصيان، وطالبوا بتحريرهم من السجن.
وخلال المفاوضات مع المتمردين نشأ خلاف بينهم وبين سجناء آخرين، تحول إلى عراك استخدموا فيه السكاكين، وأدوات حادة، ما أدى إلى إصابة عدد آخر من الحراس بجروح»، ومن ثم وبهدف ترهيب السجناء طعنوا خمسة منهم، واحتجزوا آخرين، قبل أن يضرموا النار في المنشآت الطبية، وهاجموا طاقم المركز في محاولة للفرار من السجن. وأشار البيان إلى أنه نتيجة «التدابير القانونية الطارئة الخاصة بفرض النظام في السجون، والتي اتخذتها إدارة السجن، سقط عدد من القتلى في صفوف السجناء المتمردين. وأوضحت لاحقا مقتل 29 من السجناء الذين يمضون فترة العقوبة بتهمة الانتماء لـ(تنظيم داعش)، واعتقال 35 آخرين، بينما تم تحرير الرهائن، وعادت الأمور في السجن إلى وضعها الطبيعي».
من جانبها قالت مصلحة السجون الطاجيكية إن «أعضاء في التنظيم الإرهابي هم من نظم حركة العصيان داخل السجن»، وقادها كل من «بهروز غولمورود وغولوف فخر الدين، وشاريبيف محمد الله، وحسانوف روح الله»، وأشارت بصورة خاصة إلى المدعو بهروز الذي يمضي فترة عقوبة بالسجن لمدة 17 عاماً، بتهمة الانضمام إلى «تنظيم داعش»، موضحة أنه ابن الجنرال غولمورود حليم، القائد السابق لوحدة القوات الخاصة في وزارة الداخلية الطاجيكية، الذي التحق بـ«تنظيم داعش» الإرهابي وأصبح واحدا من كوادره المهمة في سوريا، حيث قُتل هناك عام 2017. تجدر الإشارة إلى أن هذه ثاني حالة تمرد من نوعها في السجون الطاجيكية خلال الأشهر الستة الماضية. إذ شهد سجن مدينة خوجاند تمرداً في 8 نوفمبر (تشرين الثاني). وحسب المعطيات الرسمية سقط خلال ذلك التمرد 23 قتيلا، 21 منهم سجناء يمضون العقوبة بتهمة الإرهاب، فضلا عن اثنين من عناصر الأمن العاملين في السجن.
وقال مراقبون من طاجيكستان، إن سبب تكرار حالات التمرد في السجون التي يمضي فيها عناصر من التنظيمات الإرهابية فترة الحكم، تعود إلى انتشار التطرف والترويج له داخل تلك السجون. ويشكل الإرهاب أحد أهم وأخطر التهديدات الأمنية التي تواجهها طاجيكستان، وذلك نظرا لقربها من أفغانستان، التي تحاول التنظيمات الإرهابية التسلل منها، عبر الحدود الطاجيكية، إلى جمهوريات آسيا الوسطى. هذا فضلا عن تهديد مصدره أكثر من ألف إرهابي طاجيكي انضموا إلى «تنظيم داعش» في سوريا والعراق، وفق تقديرات رسمية.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».