جدل «بدر رمضان» يتجدد في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي

رغم أن دار الإفتاء المصرية حسمت العام الماضي، الجدل الذي أُثير عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور بدر شهر رمضان مكتملاً قبل موعده، من خلال بيان مفصل كان كافياً لحسم هذا الجدل، فإنه تكرر مجدداً هذا العام، مصحوباً باتهامات عدم الدقة لمرصد القطامية الفلكي، التابع لمعهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية، وهو الجهة التي قال بيان الإفتاء العام الماضي إن حساباتها الفلكية جاءت مؤيدة لما ذهبت إليه لجان الرؤية الشرعية.
وأمطر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صفحة المرصد على موقع «فيسبوك»، بتعليقات تباينت بين التهكم تارة، والرغبة في الاستفسار والمعرفة تارة أخرى، الأمر الذي دفع مدير المرصد إلى إصدار بيان توضيحي لحسم هذا الجدل، الذي بدأ مع صور التقطها أحد مستخدمي موقع «فيسبوك»، يظهر فيها بدر رمضان مكتملاً في السماء، ونشرها على صفحة مرصد القطامية الفلكي، مصحوبة بتعليق يحمل طابع السخرية: «القمر بدر كامل يوم 13 رمضان... الله عليكم يا مرصد القطامية يا فخر العرب».
وانهالت التعليقات المتجاوبة مع ما ذهب إليه صاحب هذا التعليق، وتساءلوا عن صحة صيامهم، إذ إن ظهور بدر رمضان مكتملاً يوم 13 من الشهر، يعني أنهم تأخروا في الصيام.
وبينما تحولت دفة النقاش إلى صحة الصيام من عدمه، استناداً إلى الالتزام بالإعلان الرسمي، تدخل د. أشرف تادرس، رئيس المرصد ورئيس قسم الفلك في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، الذي ذهب إلى أن حساب وصول القمر لمرحلة البدر يعتمد على يوم ولادة هلال القمر، وليس على يوم رؤيته. وقال: «يجوز أن يكون هلال القمر موجوداً في السماء، ولكن يصعب رؤيته بالعين المجردة نظراً لظروف مناخية أو جوية معينة كوجود سحب أو غبار على الأفق الغربي للبلاد».
وأوضح د. تادرس أنه من ناحية أخرى ليست هناك إمكانية لتأكيد اكتمال بدر القمر بالعين المجردة دون أجهزة، فالقمر يكون مضاءً بنسبة 97 في المائة فتراه العين بدراً، ولكن البدر الحقيقي هو عندما يكون قرص القمر مكتمل الاستدارة تماماً، وتكون إضاءته بنسبة 100 في المائة أو 99.9 في المائة على الأقل. وأضاف: «على هذا، يبدو القمر لنا بدراً لمدة ثلاثة أيام على الأقل، يوم قبل البدر الحقيقي، ويوم البدر نفسه، ويوم بعد البدر الحقيقي».
ووفق الحسابات الفلكية، فإن القمر أصبح بدراً مكتملاً أمس، بعد منتصف الليل، وهو ما يدعم ما ذهبت إليه الحسابات من أن شهر رمضان هذا العام سيكون 29 يوماً، كما أكد تادرس في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط». وأضاف أن ذلك يؤكد أيضاً صحة الحسابات الفلكية التي حددت غرة الشهر حسابياً يوم 6 مايو (أيار) الحالي، وعدم ميلاد الهلال عند غروب شمس يوم الرؤية في مدينة القاهرة وجميع العواصم والمدن العربية والإسلامية، وميلاده في تمام الدقيقة 46 في اليوم التالي ليوم الرؤية.
وبعيداً عن الحسابات الفلكية، كانت دار الإفتاء المصرية قد أكدت في بيانها العام الماضي، مع إثارة هذا الجدل لأول مرة، أن لها سبعة مراصد موزعة على مستوى محافظات الجمهورية لرصد الهلال، وتستعين بالرؤية البصرية سواء كانت بالعين المجردة أو بالعين المسلحة التي تعتمد على استخدام المراصد والآلات، بالإضافة إلى الحساب القطعي. مشيرة إلى أنه لم يحدث عبر ما يزيد عن أربعين سنة، أن تتبعت خلالها رصد الأهلة بهذه الطريقة إن وقع اختلاف أو خطأ.
وناشدت دار الإفتاء المسلمين بعدم الالتفات إلى تلك المعلومات غير الدقيقة التي تشكك الناس في مؤسساتهم الدينية وتثير البَلبلة والشك في نفوسهم، وتعكر على الصائمين صفو عبادتهم.