تسريبات جديدة تعزز اتهامات الفساد ضد نتنياهو

TT

تسريبات جديدة تعزز اتهامات الفساد ضد نتنياهو

أظهرت تقارير إسرائيلية تفاصيل جديدة مع ملفات الفساد المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما يسعى هو إلى سن قانون مثير للجدل يعطيه الحصانة من المحاكمة إذا عاد رئيساً للوزراء. ونشرت هيئة البث الإسرائيلية تفاصيل بشأن الملف «1000» المتعلق بتلقي نتنياهو وزوجته، سارة، هدايا وفوائد من رجال أعمال. ورصد التقرير عدة طلبات لسارة من مساعدة الملياردير أرنون ميلتشين، ومن الملياردير جيمس باكر، طلبت فيها هدايا وفوائد.
وقال التقرير إن نتنياهو شخصياً طلب بشكل مباشر من مساعدة ميلتشين تلبية جميع مطالب زوجته. ورصد التقرير كيف أن زوجة نتنياهو طلبت من مساعدة ميلتشين أدوات حلاقة لزوجها، وكيف وبختها مرة لأن ميلتشين وباكر لم يكونا على استعداد لترميم البركة الخاصة بمنزلها في قيسارية. كما ذكر التقرير كيف أن عائلة نتنياهو حصلت على مفتاح منزل باكر المحاذي، وكانوا يستخدمونه بما في ذلك حوض السباحة الخاص. وكانت لائحة الاتهام التي قدمت ضد نتنياهو في هذا الملف أشارت إلى أنه في غياب باكر، أخذ أفراد عائلة نتنياهو أغراضاً من المنزل. ورد نتنياهو بالقول إن التقرير مليء بالكذب وإنه يهدف إلى تشويه صورة عائلته.
وجاءت هذه التسريبات في وقت يحاول فيه نتنياهو سن قانون يحميه من المحاكمة، وهو ما أثار خلافات واسعة. ورفض عضو الكنيست من «الليكود» جدعون ساعار خطة نتنياهو تقديم قانون خاص يمنحه حصانة من الملاحقة القانونية أثناء ولايته. ولاقى ساعار، الذي واجه نتنياهو في الماضي وعاد مؤخراً للساحة السياسية، دعم المعارضة الإسرائيلية، والانتقادات من داخل حزبه في أعقاب ملاحظاته.
وفي تفاصيل جديدة أخرى، نشرت تسريبات حول محادثات بين نتنياهو وارنون موزيس، ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت». وكانت الشرطة حققت مع نتنياهو في الملف «2000» الخاص بنشر أخبار إيجابية عن نتنياهو في «يديعوت» مقابل الحد من نفوذ صحيفة أخرى منافسة. وفي تسجيلات اللقاءات، يقر موزيس بتحريف التغطية ضد منافسي نتنياهو في الانتخابات و«إخفاء» مقالات سلبية حول زوجة رئيس الوزراء. وبحسب التقرير، قال موزيس للمحققين إنه يلتقي مع نتنياهو منذ عام 1996، موضحاً أنه في عام 2013 طلب رئيس الوزراء منه تشكيل تحالف، معتقداً أن لديه تأثيراً على نتائج الانتخابات وعلى قادة شركائه الائتلافيين المحتملين حينها؛ نفتالي بينيت ويئير لبيد.
وذكرت القناة التلفزيونية أنه في تسجيل يعود إلى ديسمبر (كانون الأول) 2014، أي قبل انتخابات مارس (آذار) 2015 بفترة قليلة، اشتكى نتنياهو لموزيس من أنه يتم التعامل مع لبيد وبينيت بلطف زائد في «يديعوت» وموقع «واينت».
وتباحثا أيضاً حول رغبة نتنياهو في ضمان حصول بينيت على أقل من 15 مقعداً في الانتخابات، (حصل حزب البيت اليهودي في نهاية الأمر على 8 مقاعد، وكان يتوقع حصوله على 17).وفي تسجيل آخر، يقول موزيس لنتنياهو إن وكالاته الإعلامية تدفن تقارير سلبية حول زوجة رئيس الوزراء التي يشتكي نتنياهو منذ سنوات من أنها تلقى معاملة غير منصفة من قبل الإعلام. وقال موزيس: «تم إخفاء هذه القصة بقدر الإمكان في الصحيفة، وكان يتحدث بخصوص مقال يخص موظفاً سابقاً في منزل رئيس الوزراء رفع دعوى ضد سارة متهماً إياها بسوء المعاملة».
وورد أيضاً أن موزيس قال لمحققي الشرطة إنهما تباحثا رفع تكلفة الصحف، إضافة إلى رغبة موزيس في تقييد نجاح صحيفة «يسرائيل هايوم» المنافسة التي طالما دعمت نتنياهو. وخلال اجتماعين تم تسجيلهما بين نتنياهو وموزيس، تباحثا أيضاً حول صحافيين في «يديعوت». وأشار التقرير إلى حادث يخص ايغال سارنا، من منتقدي نتنياهو، الذي رفع دعوى ضد رئيس الوزراء بتهمة التشهير. وأضاف موزيس: «افعل ما تشاء معه، أرسل له رسالة، اقتله… أتمنى أن تحصل على المال منه. احصل على ما تشاء منه». ولم يتم تطبيق الاتفاق غير القانوني الذي كان من المفترض أن يشهد تقييد رئيس الوزراء صحيفة «يسرائيل هايوم» مادياً.
ومعروف أن المستشار القضائي أفيخاي ماندلبليت قرر تقديم تهم احتيال وخيانة أمانة في القضية، بانتظار جلسة استماع. وتقرر تقديم تهم مشابهة في القضية 1000، إضافة إلى تهم رشوة في القضية 4000. وجمع محامو نتنياهو يوم الثلاثاء ملفات 3 تحقيقات ضده، بعد رفضهم لأكثر من شهر تسلمها. ومن المفترض عقد جلسة استماع قبل توجيه التهم قبل 10 يوليو (تموز)، ولكن طلب طاقم الدفاع تأجيلها.
ويحاول نتنياهو الآن تشكيل حكومة من دون أغلبية مع استمرار الشركاء الائتلافيين المحتملين بالتشبث بمواقفهم، مانعين بذلك إحراز أي تقدم في المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة. ويسعى نتنياهو لتشكيل حكومة من أحزاب تملك 60 عضواً فقط في الكنيست، أي نصف عدد أعضاء، مما لا يمنحه أغلبية مريحة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم