غارات إسرائيلية جديدة على «قاعدة إيرانية» قرب دمشق

بعد شهر من قصف مواقع تابعة لطهران في مصياف وحلب

TT

غارات إسرائيلية جديدة على «قاعدة إيرانية» قرب دمشق

استهدفت الدفاعات الجوية السورية، مساء الجمعة، «أجساماً مضيئة»، مصدرها إسرائيل، وأسقطت عدداً منها، في وقت أفيد بأن الغارات الإسرائيلية استهدفت مواقع قرب دمشق، «خصوصاً قاعدة إيران في منطقة الكسوة» في ريف العاصمة السورية.
كانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلت عن مصدر عسكري قوله إنّ «وسائط دفاعنا الجوي اكتشفت أهدافاً معادية قادمة من اتّجاه القنيطرة وتصدّت لها».
من جهته، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «سُمع دوي انفجارات عنيفة في محيط دمشق ناجم عن استهداف محيطها بعدة صواريخ إسرائيلية».
وأوضح: «سُمعت أصوات 3 انفجارات شديدة على الأقلّ في جنوب وجنوب غربي العاصمة. أحد الانفجارات شوهِد وَميضُه غرب جرمانا، ولا يُعلم ما إذا كان ناجماً عن تصدّي الدفاعات الجوّية».
وأشار عبد الرحمن إلى أنّ «الصواريخ استهدفت منطقة الكسوة، حيث توجد مستودعات أسلحة تابعة للقوات الإيرانية و(حزب الله)»، مضيفاً: «لطالما تعرّضت هذه المنطقة لضربات جوية إسرائيلية».
وفي 13 أبريل (نيسان)، تصدّت الدفاعات الجوّية السورية لقصف جوّي إسرائيلي استهدف منطقة مصياف في محافظة حماة وسط سوريا، وأسقطت صواريخ عدّة، حسب ما أفادت «سانا» التي تحدّثت عن جرح ثلاثة مقاتلين. من جهته، قال «المرصد السوري»، وقتذاك، إنّ ذلك القصف أدّى إلى سقوط «قتلى من المقاتلين الإيرانيين».
وكثّفت إسرائيل، في الأعوام الأخيرة، وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانيّة وأخرى لـ«حزب الله» اللبناني.
واستهدف قصف إسرائيلي، في الآونة الأخيرة، مدينة حلب، إذ أعلنت سوريا في نهاية مارس (آذار) عن تصدّي دفاعاتها الجوّية لـ«عدوان» إسرائيلي استهدف شمال شرقي المدينة. والقصف الذي طالَ، وفق «المرصد»، مستودعات ذخيرة تابعة لمقاتلين إيرانيين، أسفر عن مقتل سبعة مقاتلين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في 21 يناير (كانون الثاني) توجيه ضربات طالت مخازن ومراكز استخبارات وتدريب؛ قال إنها تابعة لـ«فيلق القدس» الإيراني، إضافة إلى مخازن ذخيرة وموقع في مطار دمشق الدولي. وتسببت الضربات، حسب «المرصد»، في مقتل 21 شخصاً، بينهم عناصر من القوّات الإيرانية ومقاتلون مرتبطون بها.
وتُكرّر إسرائيل أنّها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا، وإرسال أسلحة متطوّرة إلى «حزب الله».
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صرّح خلال زيارة له إلى تشاد، في وقت سابق، «لدينا سياسة محدّدة تماماً: تقويض تجذّر الوجود الإيراني في سوريا، وإلحاق الضرر بأي جهة تريد الإضرار بنا».
وفي تقرير مفصل، قال «المرصد»، أمس، «سمع دوي انفجارات عنيفة في محيط العاصمة دمشق ناجمة عن استهداف محيطها بعدة صواريخ إسرائيلية، حيث سمعت أصوات 3 انفجارات شديدة على الأقل في جنوب وجنوب غربي العاصمة؛ أحد الانفجارات شوهد وميضه غرب جرمانا، ولا يعلم ما إذا كانت ناجمة عن تصدي دفاعات النظام الجوية، أم أنها استهدفت مناطق في محيط العاصمة».
وأشار إلى أن «الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منطقة مصياف في الريف الغربي لحماة في 13 أبريل، خلفت عدداً من القتلى والجرحى، حيث وثق (المرصد) مقتل ما لا يقل عن 14 من الإيرانيين والمجموعات الموالية لها، هم 9 من جنسيات سورية وغير سورية مقيمين على الأراضي السورية، بينما الـ5 الآخرون بينهم 3 إيرانيين على الأقل، ممن قتلوا جميعاً جراء القصف الإسرائيلي الذي طال مدرسة المحاسبة في مدينة مصياف ومركز تطوير صواريخ متوسطة المدى في قرية الزاوي ومعسكر الطلائع في قرية الشيخ غضبان بريف مصياف، كما أن القصف ذاته تسبب في إصابة أكثر من 15 آخرين منهم»، في حين وردت معلومات لـ«المرصد» عن مقتل خبراء روس وخبراء من كوريا الشمالية في القصف الإسرائيلي.
وفي 28 مارس، قال «المرصد» إن الانفجارات التي هزت منطقة مطار حلب الدولي والمنطقة الواصلة بينها وبين المدينة الصناعية في الشيخ نجار، ناجمة عن غارات إسرائيلية استهدفت مستودعات ذخيرة تتبع للقوات الإيرانية، ما تسبب بانفجارها، حيث نفذت الطائرات الإسرائيلية غارات استهدفت مستودعات أسلحة تابعة للقوات الإيرانية، بالتزامن مع إطلاق دفاعات النظام الجوية عدداً من الصواريخ للتصدي للصواريخ الإسرائيلية.
وفي 19 مارس «هزت انفجارات عنيفة ضواحي العاصمة دمشق، ولم ترد معلومات إلى الآن عن طبيعة الانفجارات، التي تزامن دويها العنيف مع إطلاق صواريخ من مضادات الدفاع الجوي المنتشرة في ضواحي العاصمة، حيث شوهد وميضها في سماء المنطقة»، حسب «المرصد» الذي أشار إلى أن «انفجاراً ضرب بلدة حضر بالقطاع الشمالي من ريف القنيطرة مساء اليوم الأحد الثالث من شهر مارس، ناجماً عن سقوط قذيفة صاروخية واحدة على الأقل على منطقة عند الأطراف الغربية لبلدة حضر، دون معلومات حتى اللحظة عن خسائر بشرية».
وفي 11 فبراير (شباط)، سجل «المرصد» قصفاً صاروخياً نفذته القوات الإسرائيلية على ريف القنيطرة «استهدف مناطق توجد فيها ميليشيات موالية لقوات النظام من (حزب الله) وإيران في منطقتي جباتا الخشب والقنيطرة المهدمة، حيث استهدفت بـ3 صواريخ مشفى مدمراً في القنيطرة المهدمة، وبصواريخ أخرى أطراف جباتا الخشب». ووثق «المرصد السوري» إصابة 4 على الأقل من الميليشيات الموالية لقوات النظام جراء الضربات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم