معلومات عن نية {البنتاغون} التكفل بمصاريف وفد «طالبان» لمحادثات الدوحة

مجلس النواب رفض بحجة أنه سيكون «دعماً غير قانوني للإرهابيين»

معلومات عن نية {البنتاغون} التكفل بمصاريف وفد «طالبان» لمحادثات الدوحة
TT

معلومات عن نية {البنتاغون} التكفل بمصاريف وفد «طالبان» لمحادثات الدوحة

معلومات عن نية {البنتاغون} التكفل بمصاريف وفد «طالبان» لمحادثات الدوحة

كشفت مصادر في الكونغرس الأميركي أن إدارة الرئيس ترمب أرادت دفع مصاريف سفر وفد «طالبان» للمشاركة في محادثات السلام الأخيرة مع وفد الحكومة الأفغانية، إلا أن لجنة في الكونغرس رفضت طلب تسديد تكاليف إقامة وطعام وفد «طالبان».
وقال كيفين سبايسر، المتحدث باسم بيتر فيسكلوسكي عضو مجلس النواب الأميركي، إن اللجنة رفضت طلب تسديد التكاليف لأنه سيكون «دعماً غير قانوني للإرهابيين»، مضيفاً أن وزارة الدفاع طلبت تخصيص أموال في ميزانية عام 2020، تحت بند تمويل أنشطة المصالحة، ووضعت تحت هذا البند تسديد مصاريف سفر وإقامة وفد «طالبان» لحضور محادثات السلام في الدوحة. وقد أرسلت الوزارة، في مارس (آذار) الماضي، رسالة إلى عضو مجلس النواب بيتر فيسكلوسكي، رئيس لجنة الاعتمادات الدفاعية، للموافقة على تخصيص جزء من ميزانية 2019 لتسديد مصاريف أنشطة المصالحة.
وأوضح سبايسر أن فيسكلوسكي ضمن المنع في التصديق على الميزانية لأن طلب تسديد مصاريف «طالبان» يخالف قانون منع الدعم المادي للجماعات الإرهابية، مشيراً إلى «الهجمات التي تشنها (طالبان) على الأميركيين العاملين في أفغانستان، واستمرارها في عدم الاعتراف بحكومة أفغانستان، وبحقوق المرأة في المجتمع الأفغاني».
وكانت الولايات المتحدة قد أجرت منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 6 جولات من مفاوضات السلام مع «طالبان»، في العاصمة القطرية الدوحة، قصد ضمان خروج آمن للولايات المتحدة من أفغانستان، التي تشهد أطول حرب دخلتها الولايات المتحدة في التاريخ. وتركزت المحادثات على خروج آمن للقوات الأميركية من البلاد، مقابل أن تضمن «طالبان» عدم دخول جماعات متشددة أجنبية إلى أفغانستان، وتعهدها بعدم تهديد الأمن الدولي، لكن «طالبان» قالت إنها لن توافق على وقف إطلاق النار إلا بعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، مبرزة أنها تعتبر الحكومة الأفغانية «لعبة في يد الأميركيين».
ويوم الأربعاء الماضي، وافقت لجنة الاعتمادات الدفاعية على مشروع قانون اعتمادات البنتاغون، بقيمة 690 مليار دولار، لكنها رفضت تسديد أي مصاريف تتعلق بالمسلحين المتشددين، وهو ما يعني وفقاً للقانون أن الأموال التي اعتمدتها اللجنة للبنتاغون لا يمكن أن تستعمل لدفع مصاريف لأي من أعضاء حركة «طالبان» قصد المشاركة في أي اجتماع، وفي الوقت نفسه لا ينطبق الأمر نفسه على مشاركة أعضاء الحكومة الأفغانية.
وردت وزارة الدفاع الأميركية، أول من أمس، مؤكدة أن البنتاغون يرغب في تلك الأموال لتوفير السكن والانتقالات لأعضاء حركة «طالبان»، بهدف إجراء المحادثات التي تستهدف تنفيذ وقف إطلاق النار مع الحكومة الأفغانية.
وقالت الكوماندر ربيكا ربياريتش، المتحدثة باسم البنتاغون، في تصريحات للصحافيين: «بعد وقف إطلاق النار في أفغانستان، في يونيو (حزيران) 2018، طلب قائد القوات الأميركية في أفغانستان استخدام بعض الأموال لتسهيل الاجتماعات بين (طالبان) والحكومة الأفغانية، وأكد أهمية تلك الاجتماعات لتقليل مستويات العنف في البلاد»، مضيفة أن تخصيص الأموال «يمكن أن يخصص لإقامة ونقل (طالبان)، إذا كان ذلك ضرورياً لتجميع جميع الأطراف على طاولة المفاوضات في المناطق التي يصعب الوصول إليها». كما أكدت أنه لن يتم استخدام مركبات أو طائرات عسكرية أميركية.
كما أوضحت المتحدثة باسم البنتاغون أنه لم يسبق أن تم استخدام أموال لتسديد مصاريف انتقالات وإقامة متشددين من قبل، لكن البنتاغون تقدم بهذا الطلب لتخصيص الأموال تحسباً لأي سيناريوهات محتملة في المستقبل. وشددت ربياريتش على أن أولويات إدارة ترمب هي إنهاء الحرب في أفغانستان من خلال تسوية سلمية عن طريق التفاوض بين الحكومة الأفغانية و«طالبان»، ولذا تعمل الولايات المتحدة على تسهيل هذه التسوية، ودعم مبادرات السلام، بهدف وقف الأعمال القتالية ضد القوات الأفغانية وقوات التحالف، حسب تعبيرها. وقال محللون إن إقرار البنتاغون بهذا الطلب يأتي في أعقاب رفض اللجنة، وعدم التواصل بين لجنة الاعتمادات بمجلس النواب ومسؤولي البنتاغون، حول جهود المصالحة الجارية بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، بقيادة السفير زلماي خليل زاد.
ويوضح المحللون أن هذا الطلب يسلط أيضاً الضوء على المسارات المتعددة التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها عن طريق التفاوض.
يذكر أن الجولة السادسة والأخيرة من محادثات السلام في قطر، التي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري، وصفها متحدث باسم «طالبان» بأنها «كانت إيجابية بمجملها». وقد غرد السفير خليل زاد وقتها مؤكداً أن الجانبين حققا تقدماً مطرداً، لكن بطيئاً، فيما يتعلق بإنهاء الحرب الأفغانية، لكنه أضاف أن الوتيرة الحالية للمحادثات «ليست كافية عندما يحتدم الصراع ويموت الأبرياء».
وشهدت أفغانستان مقتل أكبر عدد من المدنيين العام الماضي، إذ لقي أكثر من 3800 شخص حتفهم، وقتل أكثر من 2400 جندي أميركي، في النزاع المسلح في أفغانستان الذي ما زال يودي بحياة آخرين منهم.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟