أطلقت وزارة الدفاع الروسية، أمس، تحذيرات جديدة بشأن ما وصفته بـ«تحضيرات يقوم بها إرهابيون لشن اعتداء كيماوي في إدلب» يهدف إلى توجيه الاتهام إلى الطيران الروسي والقوات الحكومية بتنفيذ الهجوم. وتزامن التطور مع تحرك روسي في مجلس الأمن، عبر تقديم مشروع قرار يتهم منظمة حظر السلاح الكيماوي بـ«تسييس» التحقيقات حول استخدام الأسلحة المحرمة في سوريا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن لديها معطيات تؤكد أن «جبهة النصرة» تستعد للقيام بـ«استفزازات بالقرب من مدينة سراقب في محافظة إدلب لاتهام القوات الجوية الروسية باستخدام مواد كيماوية ضد المدنيين».
واستندت المعطيات الروسية، وفقاً لبيان الوزارة، إلى «إفادات قدمها سكان سراقب للجانب الروسي» دلت على أن «(جبهة النصرة) نقلت إلى المنطقة عبوات تحتوي على مواد سامة، وشظايا أسلحة روسية تم استخدامها سابقاً من مناطق أخرى في سوريا».
وأشار البيان العسكري إلى أن التنظيم المتشدد «يخطط لتصوير فيلم يدعي فيه أن القوات الروسية استخدمت أسلحة كيماوية قرب سراقب، ونشره بشكل موسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي»، وأضاف أن «المعلومات وصلت إلى مركز المصالحة في سوريا (قاعدة حميميم) من سكان سراقب»، وتم تأكيدها عبر قناة مستقلة أخرى خلال عملية التحقق من صحتها.
كانت موسكو قد اتهمت أكثر من مرة في الشهور الماضية الفصائل المسلحة في إدلب بالتحضير لشن «هجوم كيماوي مفبرك». ونقلت الناطقة باسم الخارجية الروسية، في إفاداتها الأسبوعية، معطيات قالت إن العسكريين الروس حصلوا عليها من مصادر سورية، تؤكد التحضير لشن هجمات بمواد سامة، وتحدثت كذلك عن نقل عبوات عدة مرات إلى بلدات سورية.
واللافت أن التحذيرات الجديدة ترافقت مع تحرك دبلوماسي لروسيا في مجلس الأمن، موجه ضد نشاط منظمة حظر السلاح الكيماوي التي تتهمها موسكو بـ«تجاوز صلاحياتها»، والعمل على «تسييس نشاطها».
وسلّمت روسيا ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يتهم المنظمة بـ«التسييس» قبل بدء تحقيق حول هجمات كيماوية في سوريا.
ويؤكد مشروع القرار أن مجلس الأمن هو الهيئة الدولية الوحيدة القادرة على فرض عقوبات على دول تنتهك اتفاق حظر الأسلحة الكيماوية، ويُعرب عن «القلق إزاء التسييس المتواصل لعمل المنظمة، وخروجها المتزايد عن الأعراف المتبعة من اتخاذ القرارات على أساس التوافق».
ورأى دبلوماسيون في الأمم المتحدة أن الاقتراح الروسي يهدف إلى إبقاء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تحت الضغط، في الوقت الذي تدفع فيه باتجاه تحقيق لكشف الذين يقفون وراء هجمات كيماوية في سوريا. وقال دبلوماسي أوروبي: «ما يُريده الرّوس بالطبع هو خنق المنظمة».
ورأى لوي شاربونو، المسؤول في منظمة «هيومن رايتس ووتش» غير الحكومية، أن مشروع القرار الروسي «محاولة يائسة من أجل تجنُّب تأكيد أنّ الحكومة السورية، على غرار تنظيم (داعش)، استخدمت مراراً أسلحة كيماوية، في انتهاك للقانون الدولي».
ومن المقرر أن يبدأ فريق التحقيق رسمياً تحقيقاته قريباً، على أن يعمل على تحديد المسؤولين عن هجوم بالكلور في مدينة دوما السورية في أبريل (نيسان) 2018، أوقع نحو 40 قتيلاً. ورفضت روسيا وسوريا في وقت سابق ما توصلت إليه المنظمة، عندما أكدت أن ذلك الهجوم تم بواسطة سلاح كيماوي.
وكانت موسكو قد اعترضت بقوة على قرار اتخذته المنظمة الدولية بالغالبية خلال اجتماعها العام في يونيو (حزيران) الماضي، قضى بتوسيع صلاحيات المنظمة، ومنحها الحق في توجيه اتهامات لأطراف، إذا أثبتت التحقيقات ضلوعها في هجمات كيماوية. وشددت على أن «توجيه الاتهام يقع ضمن صلاحيات مجلس الأمن فقط».
وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف، في حينها، إن القرار «يحرف المنظمة الدولية عن مهامها الأصلية». وكان للموقف الروسي القوي ضد القرار خلفيات لا تقتصر على الاتهامات الموجهة للحكومة السورية باستخدام مواد كيماوية، إذ أعربت أوساط روسية عن الخشية من استخدام الغرب الصلاحيات الجديدة لدى المنظمة لاتهام موسكو بشن اعتداءات ضد معارضين روس فروا إلى الغرب، خصوصاً بعدما أثبتت تحقيقات بريطانية أن عميل الاستخبارات الروسي المنشق سيرغي سكريبال تعرض لاستنشاق مادة كيماوية سامة كادت أن تقضي عليه في مارس (آذار) من العام الماضي.
موسكو تحذر من «تحضيرات لاستفزاز كيماوي جديد» في إدلب
موسكو تحذر من «تحضيرات لاستفزاز كيماوي جديد» في إدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة