الجزائر: رئيس «المجلس الدستوري» السابق إستدعي في قضية «التآمر على الجيش»

رئيسا حكومة و4 وزراء سابقون أمام القضاء بسبب شبهات فساد

TT

الجزائر: رئيس «المجلس الدستوري» السابق إستدعي في قضية «التآمر على الجيش»

بينما استدعت المحكمة العسكرية بالجزائر رئيس «المجلس الدستوري» السابق الطيب بلعيز لسماع أقواله بخصوص اتصالات مع رموز في الدولة، يوجدون رهن الحبس الاحتياطي حالياً، رد رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، أمس، و4 وزراء سابقين، على أسئلة قاضي التحقيق بمحكمة مدنية بالعاصمة حول ممارسات فساد جرت تحت مسؤولياتهم.
وقال أحد قضاة «المحكمة العليا» (أعلى هيئة بالقضاء المدني)، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن قاضي التحقيق العسكري بالبليدة (جنوب العاصمة)، استمع أمس إلى أقوال بلعيز بخصوص اتصالات جرت بينه وبين السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، بشأن المخارج القانونية والدستورية للمأزق الحاد الذي تسبب فيه ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وكان دافعاً لخروج ملايين الجزائريين للتظاهر منذ 22 فبراير (شباط) الماضي.
وذكر القاضي أن بلعيز استدعي بصفته شاهداً في قضية شقيق الرئيس السابق ومديري جهاز المخابرات سابقاً الجنرالين بشير طرطاق ومحمد مدين، وهؤلاء الثلاثة يوجدون حالياً في السجن العسكري، ويواجهون تهمتي «المؤامرة ضد سلطة الدولة» و«المس بسلطة الجيش»، بحسب ما جاء في بيان للنيابة العسكرية. كما تم سجن لويزة حنون، زعيمة حزب سياسي يساري، بالتهمتين نفسيهما تقريبا، بحجة أنها التقت بمدين والسعيد في 27 مارس (آذار) الماضي لبحث الوضع في البلاد.
وسئل بلعيز في المحكمة العسكرية عن فحوى الاتصالات، التي تمت بينه وبين شقيق الرئيس وكبير مستشاريه سابقاً. علماً بأن بلعيز كان بحكم منصبه السابق الرجل الثالث في الدولة، بحسب الدستور. أما السعيد بوتفليقة فلم يكن مؤهلاً مؤسساتياً للخوض في قضايا مهمة، مثل مصير رئيس الجمهورية، الذي ثار ضده الجزائريون، أو أن يقترح أسماء لقيادة المرحلة الانتقالية. وقد صرح الرئيس السابق اليمين زروال بأن مدين اتصل به لينقل له طلب السعيد بأن يكون رئيساً مؤقتاً، لكنه رفض.
وعدت قيادة الجيش هذه المساعي والاتصالات بمثابة «مؤامرة على الدولة» لأن «قوى غير دستورية» (السعيد وتوفيق) تقف وراءها. كما جرى في تلك الاتصالات حديث عن تنحية رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح من منصبه، بقرار يتخذه السعيد باسم شقيقه الرئيس، وهو ما أثار حفيظة صالح، الذي أمر بسجن الأربعة: السعيد وطرطاق ومدين وحنون.
وذكرت مصادر من المحكمة العسكرية أن قاضي التحقيق عاتب بلعيز لأنه خاض في قضايا تخص شؤون الدولة والحكم مع أشخاص لا يملكون مناصب تسمح لهم بذلك، خصوصاً مدين الذي أحيل إلى التقاعد منذ 2015.
في سياق متصل، شوهد رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال وهما يدخلان «محكمة سيدي امحمد» أمس، وذلك في إطار التحقيقات الجارية مع رجل الأعمال المسجون علي حداد، وتبعهما وزراء التجارة والنقل والمالية والموارد المائية السابقون، عمارة بن يونس، وعمار تو، وكريم جودي، وحسين نسيب، ووالي الجزائر العاصمة المقال حديثاً، عبد القادر زوخ.
ويرجح مراقبون أن يكون حداد قد ذكر بالتفصيل كيف أصبح في ظرف سنوات قليلة أول رجل أعمال في البلاد، وصاحب ثروة كبيرة، وأنه أحاط المحكمة بأسماء الأشخاص الذين كان لهم الفضل في ذلك. علماً بأن حداد كان رئيساً لـ«تكتل أرباب العمل»، الذي يضم نحو 100 شركة خاصة.
وقالت تقارير إعلامية إن وزراء آخرين سيتم استدعاؤهم للمحكمة لاحقاً، كانوا على صلة وثيقة بحداد، أبرزهم عمار غول وزير الأشغال العمومية سابقاً. وعلق ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، على سبيل السخرية، بأن ما جرى أمس بالمحكمة كان «اجتماعاً لمجلس الحكومة»! وطالبوا بتوجيه التهمة لهم «بدل الاكتفاء بسماعهم كشهود».
وتجمع أمس عدد كبير من الأشخاص أمام مدخل المحكمة، عندما شاهدوا حركة عادية لقوات الأمن في المكان. وبينما كان المسؤولون يخرجون من سياراتهم ويدخلون بسرعة إلى المحكمة، كان المتظاهرون يصرخون بأعلى أصواتهم: «التهمتم البلد أيها اللصوص»، وهو الشعار الذي ظل يملأ شارع مبنى المحكمة ساعات طويلة.
ولم يعرف مصير المسؤولين السابقين، وإن كانوا سيعودون إلى بيوتهم دون تلقي تهم، أم سيحالون إلى السجن بعد اتهامهم، أم توجه لهم التهمة ويضعهم القاضي تحت الرقابة القضائية.
وتم استدعاء هؤلاء المسؤولين، الذين تولوا مسؤوليات كبيرة في عهد بوتفليقة، بعد أن أُتي على ذكرهم في التحقيق من طرف حداد، الذي يواجه تهماً عدة بالفساد. وتوجد شبهات قوية بأنهم وظفوا نفوذهم لمصلحة حداد، وذلك بمنحه قروضاً كبيرة من المصارف الحكومية دون ضمان، وامتيازات في إطار صفقات ومشروعات في قطاعات كثيرة، ضخت فيها الدولة أموالاً طائلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».