صندوق النقد: الإصلاحات الاقتصادية في السعودية بدأت تحقق نتائج إيجابية

توقع تسارع النمو الاقتصادي غير النفطي 2.9 % خلال العام الجاري

صندوق النقد يقول إن احتياطيات النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي لا تزال عند مستويات جيدة للغاية (الشرق الأوسط)
صندوق النقد يقول إن احتياطيات النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي لا تزال عند مستويات جيدة للغاية (الشرق الأوسط)
TT

صندوق النقد: الإصلاحات الاقتصادية في السعودية بدأت تحقق نتائج إيجابية

صندوق النقد يقول إن احتياطيات النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي لا تزال عند مستويات جيدة للغاية (الشرق الأوسط)
صندوق النقد يقول إن احتياطيات النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي لا تزال عند مستويات جيدة للغاية (الشرق الأوسط)

قال صندوق النقد الدولي إن الإصلاحات الاقتصادية في السعودية بدأت تحقق نتائج إيجابية، حيث انتعش النمو غير النفطي، وزادت مشاركة النساء في سوق العمل وارتفعت مستويات التوظيف، في الوقت الذي أسهم التطبيق الناجح لضريبة القيمة المضافة في زيادة الإيرادات غير النفطية، وساعد تصحيح أسعار الطاقة في خفض استهلاك الفرد من البنزين والكهرباء.
ورحبت وزارة المالية السعودية بالبيان الصادر عن بعثة خبراء صندوق النقد الدولي التي زارت السعودية لمشاورات المادة الرابعة خلال شهر مايو (أيار) الجاري. وقال محمد الجدعان وزير المالية السعودي، إن البيان يؤكد تحقيق حكومة المملكة تقدماً جيداً في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، خصوصاً في ظل النتائج الإيجابية للتقرير الربعي الأول لأداء الميزانية العامة للعام الجاري 2019.
وأشار الجدعان إلى أن بيان الصندوق يعكس كذلك الجهود التي تقوم بها المنظومة المالية في تطوير القطاع المالي في المملكة، لهدف تطوير قطاع مالي سعودي متين يحقق الأهداف الاستراتيجية لـ«رؤية المملكة 2030».
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتسارع النمو الاقتصادي غير النفطي الحقيقي بنسبة 2.9% في عام 2019، مفيداً بأن زيادة الإنفاق الحكومي وتنفيذ الإصلاحات دعما النمو الاقتصادي. منوهاً بالتحسن في إدارة الإنفاق الحكومي وبشفافية المالية العامة، مؤكداً وجوب استمرارهما، ومتطرقاً إلى الإصلاحات التي تهدف إلى تقوية عملية إعداد الميزانية العامة للدولة، وتطور إطار المالية العامة متوسط الأجل، متناولاً نظام أتمتة إدارة النفقات «اعتماد»، الذي يسهم في تحسين وتحقيق كفاءة الإنفاق وشفافية المالية العامة.
وأشاد بالتقدم في إصلاحات السوق المالية، التي تُوِّجَت بإدراج السعودية في مؤشرات أسواق الأسهم والسندات العالمية، وتوسيع نطاق منحنى عائد السندات الحكومية ليشمل آجال الاستحقاق الطويلة؛ مما يسهم في تنمية القطاع المالي وتعميق سوق الدين للقطاع.
ودعا الصندوق إلى أهمية أن تعمل الإصلاحات على زيادة قدرة المواطنين على المنافسة للحصول على وظائف في القطاع الخاص، ورفع مستويات الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة التمويل المتاح للشركات الصغيرة والناشئة.

تعافي الاقتصاد الكلي
وأكد الصندوق أن نتائج الاقتصاد تحسنت في عام 2018، حيث سجل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي نمواً بنسبة 2.2% عقب انكماشه في عام 2017، وارتفع إجمالي الناتج المحلي النفطي الحقيقي بنسبة 2.8% (مقابل انخفاض بنسبة 3.1% في 2017)، بينما ارتفع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 2.1% (مقابل ارتفاع بنسبة 1.3% في 2017).
وقال الصندوق إنه تم تنفيذ إصلاحات مهمة بهدف تقوية عملية إعداد الميزانية العامة للدولة، وتطوير إطار متوسط الأجل للمالية العامة، واستحداث نظام أتمتة لإدارة النفقات وتقوية التحليل المالي، ونشْر مزيد من المعلومات والبيانات للعموم بشأن تفاصيل الميزانية.
ولف إلى أنه من المنتظر أن يسهم قانون المشتريات الحكومية الجديد، الذي ينبغي أن يغطي جميع المشتريات الممولة من موارد الميزانية، في تحسين الإنفاق وتحسين كفاءته والمساعدة في الحد من مخاطر الفساد المحتملة في المشتريات الحكومية. غير أن الإنفاق زاد مع ارتفاع أسعار النفط خلال العامين الماضيين.
وبيّن تقرير صندوق النقد الدولي أن الحكومة تعكف على تنفيذ إصلاحات ومبادرات طموحة لتنمية الاقتصاد غير النفطي ضمن إطار «برامج تحقيق رؤية المملكة 2030». وتتركز هذه المبادرات على تحسين مناخ ممارسة الأعمال في المملكة، واستحداث قطاعات اقتصادية جديدة أو توسيع القطاعات القائمة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع وتعميق الأسواق المالية، والاستثمار في رأس المال البشري من المواطنين السعوديين. ومن المهم تحديد أولويات الإصلاح بدقة لضمان نجاح تنفيذها.
قال الصندوق: «طبّقت الحكومة إصلاحات مهمة لتقوية الإطار القانوني والحد من القيود التي تعيق ممارسة الأعمال. وأسهم قانونا الإفلاس والرهن التجاري في سد فجوات مهمة في الإطار القانوني، بينما يُتوقع أن تساعد الجهود المبذولة لتبسيط إجراءات بدء الأعمال وتخليص الحاويات في الموانئ على دعم تنمية الأعمال والنشاط التجاري. وفي الفترة المقبلة تنبغي مراجعة متطلبات إصدار تراخيص الاستثمار الأجنبي المباشر كما هو مخطط له، وتسريع وتيرة برنامج الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي بدأ بالفعل في تسريع إبرام الصفقات».
وشدد على أهمية أن تركز إصلاحات سوق العمل على أربعة مجالات لتشجيع المواطنين السعوديين على العمل في القطاع الخاص، وتشجيع الشركات على توظيفهم، والحد من إتاحة العمل الحكومي وتقليل جاذبيته، ورفع مستوى التعليم والتدريب والتطوير الوظيفي، وزيادة حرية الحركة والتنقل للعمالة الوافدة من خلال إصلاح نظام التأشيرات، ومواصلة زيادة مشاركة النساء في سوق العمل ورفع مستويات التوظيف.
وبيّن التقرير أنه يمكن لسياسات القطاعات الصناعية، كالتي يتضمنها «برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية»، أن تساعد في مواجهة إحجام الشركات الخاصة عن الدخول في قطاعات جديدة أو ذات مخاطر أعلى.

أرباح البنوك السعودية
وقال التقرير إن البنوك تتمتع بالربحية والسيولة، كما تمتلك مستوى جيداً من رأس المال، حيث يتواصل نمو الإقراض العقاري بشكل مستمر وكبير رغم تراجع أسعار العقارات في السنوات الأخيرة. ورغم أن القروض العقارية لا تزال تمثل نسبة قليلة نسبياً من إجمالي القروض المصرفية، وأن المخاطر التي تتحملها البنوك تم تخفيضها من خلال تحويل الراتب وتقديم ضمانات حكومية على نسبة كبيرة من القروض الجديدة، فإن مؤسسة النقد العربي السعودي ينبغي أن تستمر في حرصها على مراقبة مستوى جودة الإقراض العقاري.
ولفت التقرير إلى أن تحسين الشمول المالي يعد هدفاً أساسياً من أهداف «برنامج تطوير القطاع المالي»، داعياً لزيادة الخدمات المالية المتاحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والنساء والشباب، مع ضرورة تجنب وضع أهداف إقراض لقطاعات معينة. ويمكن أن يؤدي تطوير نظام الوكالة المصرفية (حيث تنفّذ المعاملات من خلال وكيل، مثل مكتب البريد) والتقنية المالية إلى المساعدة في توسيع قنوات الحصول على الخدمات المالية وزيادة المنافسة السوقية، ولا سيما في المناطق الواقعة خارج المدن الكبرى. ومع استمرار الإصلاحات سيكون تحقيق التوازن الصحيح بين الابتكار والاستقرار تحدياً أساسياً أمام الجهات التنظيمية للقطاع المالي.
وأوضح أنه لا يزال ربط سعر الصرف بالدولار هو النظام الأنسب للسعودية، نظراً إلى هيكل اقتصادها وطبيعته. ولا تزال احتياطيات النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي عند مستويات جيدة للغاية، إضافة إلى وجود تحسن كبير في إتاحة البيانات الاقتصادية.


مقالات ذات صلة

القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

اختتم اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط بالسعودية عام 2024 على نحو قوي حيث تحسنت ظروف الأعمال بشكل ملحوظ مدفوعة بزيادة كبيرة في الطلبات الجديدة

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد المشروع استخدم مخلفات البناء والهدم في طبقات الرصف الأسفلتية (هيئة الطرق)

الأول عالمياً... السعودية تُنفِّذ طريقاً باستخدام ناتج هدم المباني

نفَّذت السعودية أول طريق في العالم يستخدم ناتج هدم المباني في الخلطات الأسفلتية على سطح الطريق، بهدف تعزيز الاستدامة البيئية، وتطوير بنية تحتية أكثر كفاءة.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

أعلن المركز الوطني لإدارة الدين في السعودية إتمام ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوّارة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بهدف تمويل احتياجات الميزانية العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تصدرت مجموعة الدول الآسيوية عدا العربية والإسلامية مجموعات الدول المُصدَّر لها من السعودية في أكتوبر 2024 (الشرق الأوسط)

الميزان التجاري السعودي ينمو 30 % في أكتوبر الماضي

سجّل الميزان التجاري في السعودية نمواً على أساس شهري بنسبة 30 في المائة، بزيادة تجاوزت 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار) في شهر أكتوبر 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
TT

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)

مع انطلاق «المسار البرتقالي»، اليوم (الأحد)، اكتمل تشغيل مسارات «قطار الرياض»، المشروع الأضخم من نوعه في العالم، وفق ما أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الخطة التوسعية للمشروع الذي تم تدشينه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يربط «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» شرق الرياض بغربها، حيث يمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني في منطقة خشم العان شرقاً، وذلك بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً. ويشمل المسار 5 محطات رئيسية هي: «طريق جدة»، و«طويق»، و«الدوح»، و«طريق هارون الرشيد»، و«النسيم» التي تعد محطة تحويل تربط بين المسار البرتقالي والمسار البنفسجي.

ويتميز هذا المسار بوجود أكبر عدد من مواقف السيارات مقارنة ببقية المسارات، حيث يصل إلى 3600 موقف، ما يعزز من سهولة الوصول إلى المحطات من قِبَل مستخدمي القطار. وفي خطوة موازية، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، وهي محطات «المروج»، و«بنك البلاد»، و«مكتبة الملك فهد».

ويُعد «قطار الرياض» أضخم مشروعات النقل العام، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة. ويشمل شبكة متكاملة من 6 مسارات تمتد على طول 176 كيلومتراً، وتضم 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية. ويتميز بكونه أطول شبكة قطار من دون سائق في العالم. ويحظى القطار بقدرة استيعابية تصل إلى 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين مختلف أجزاء العاصمة، ويسهم في تسهيل حركة التنقل للساكنين والزوار. وتستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض من خلال هذا المشروع تحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

جانب من إحدى محطات «المسار البرتقالي» (واس)

الجدير ذكره أن تكلفة التنقل عبر «قطار الرياض» هي الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، حيث يشكل تكاليف التنقل نحو 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي في السعودية، الذي يعادل 195 دولاراً (733 ريالاً).

وتبدأ ساعات تشغيل «قطار الرياض» من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ويمكن للمستخدمين تحديد وجهاتهم وشراء التذاكر عبر تطبيق «درب»، أو من خلال مكاتب بيع التذاكر أو أجهزة الخدمة الذاتية في المحطات. كما يوفر القطار وسائل دفع رقمية متعددة عبر البطاقات المصرفية والائتمانية، وكذلك الهواتف الذكية.

تعد شبكة «قطار الرياض» جزءاً أساسياً من خطة المملكة لتطوير قطاع النقل العام في إطار «رؤية 2030». ومن خلال هذا المشروع، تسعى البلاد إلى تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير وسائل نقل آمنة.