استعجال تصوير الدراما الرمضانية يكشف عن أخطاء «ساذجة»

باتت ظاهرة موسمية متكررة في مصر

لقطتان من مسلسل «زلزال» يظهر فيها تغيّر لون الميكروباص ضمن المشهد الواحد
لقطتان من مسلسل «زلزال» يظهر فيها تغيّر لون الميكروباص ضمن المشهد الواحد
TT

استعجال تصوير الدراما الرمضانية يكشف عن أخطاء «ساذجة»

لقطتان من مسلسل «زلزال» يظهر فيها تغيّر لون الميكروباص ضمن المشهد الواحد
لقطتان من مسلسل «زلزال» يظهر فيها تغيّر لون الميكروباص ضمن المشهد الواحد

أثار وقوع صُنّاع مسلسلات رمضان المصرية في أخطاء وصفها الجمهور بأنها «ساذجة»، سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبره النقاد امتداداً لأخطاء مسلسلات الموسم الماضي، التي أثارت انتقادات كثيرة جداً. بينما توقّع النقاد والمتابعون وقوع المخرجين في أخطاء جديدة، بسبب التسرّع في التصوير وضغط أيام العمل، واستمرار تصوير بعض المسلسلات حتى نهاية شهر رمضان.
ونشر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» صوراً متنوعة لتلك الأخطاء، وحصل مسلسل «زلزال»، بطولة الفنان الشاب محمد رمضان، على النصيب الأكبر من تلك الانتقادات، حيث شهدت الحلقة الأولى ظهور الطفل «محمد حربي»، وهو يشتري علبة سجائر لوالده، بينما تظهر في البقالة منتجات تُباع حالياً، رغم أن العمل تدور أحداثه عام 1992، وهو عام الزلزال الذي ضرب مصر.
أما الخطأ الثاني الأبرز، فهو تغيُّر لون «الميكروباص» الذي استقلَّه حربي، ضمن أحداث العمل، حيث ظهر في البداية وهو يركب «ميكروباص» أبيض اللون، لكن بعد وصوله للمكان المحدَّد نزل من آخر بلون أحمر.
وفي مسلسل «قمر هادي»، شهدت الحلقة الأولى خطأً فادحاً حيث تم عرض مشهد لانقلاب سيارة من دون موتور، في اللقطة الثانية، وهو ما أثار سخرية مستخدمي مواقع التواصل.
وعلَّق إبراهيم مصطفي، طالب جامعي، على صورة السيارة، قائلاً: «سبحان الله، السيارة كانت تسير بسرعة تزيد على 100 كيلومتر في الساعة، وبعد الحادث اختفى موتورها وشكمانها، وكأن الجمهور ساذج لن يستطيع إيجاد الفرق».
وبعيداً عن ملاحظة الأخطاء، سخر كثير من المشاهدين كذلك من تكرار مشاهد دفن الجثث خلال سياق المسلسلات، حيث شهدت الحلقات الأولى في ثلاثة أعمال ظهور ثلاثة نجوم وهم يحملون أقاربهم المتوفين داخل الكفن، خلال مراسم الجنازة، وهم مصطفى شعبان في «أبو جبل»، وهاني سلامة في «قمر هادي»، ومحمد شاهين في «حدوتة مُرة».
وهو ما علّق عليه السيد شعبان في صفحته الشخصية على «فيسبوك» قائلاً: «تقريباً المخرجون متفقون يعملون المشهد نفسه، لجذب الجمهور وإدخال الحزن والنكد في نفوسهم مع أول يوم رمضان، لأن الشعب المصري عاطفي ويميل للأعمال الحزينة».
كما شهدت «تترات» بعض المسلسلات أخطاء إملائية أيضاً، مثل تتر مسلسل «قابيل»، بطولة الفنان محمد ممدوح وأمينة خليل ومحمد فراج، الذي كُتب فيه اسم الفنان ضياء عبد الخالق، بطريقة خاطئة، حيث كُتب بالتتر «ضياء عبد الخالد»، كما كتب اسم الفنان أحمد السقا على تتر مسلسله «ولد الغلابة» بشكل غير صحيح، حيث تمت كتابة اسمه دون همزة.
كما وقع صُناع مسلسل «زي الشمس» في خطأ إخراجي (راكور) بأحد مشاهد الحلقة الثانية، عندما تعطل المصعد الذي كانت بداخله دينا الشربيني بطلة المسلسل، وأحمد السعدني، وخرجت دينا إلى منزل صديقتها، تغيرت ملابسها هي وصديقتها وزوجها.
من جهته، قال الناقد الفني حسن أبو العلا، لـ«الشرق الأوسط»: «الأخطاء في مجملها قد تكون بسيطة، وغير ملاحَظة، لكن جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، وكثرة عرض تلك المسلسلات على منصات إلكترونية، يبرزانها بشكل واضح».
وأضاف: «ضغط أيام التصوير والتسرع في تنفيذ الحلقات بسبب ضيق الوقت، والاستعانة بمخرجين ووحدتي تصوير في أيام شهر رمضان، من الأسباب الرئيسية في الوقوع في تلك في الأخطاء (الساذجة)».
جدير بالذكر أن أخطاء دراما رمضان باتت ظاهرة موسمية تبرزها مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة؛ ففي مسلسل «نسر الصعيد» الذي أذيع العام الماضي، للفنان المصري محمد رمضان، انتقد جمهور «السوشيال ميديا» لعب الأطفال بكرة تحمل شعار كأس الأمم الأفريقية في 2010، بينما تدور الأحداث في عام 1998، كما استخدم طاقم العمل لمبات موفرة في إحدى جلسات الصلح في التسعينات، وهي لم تكن قد اختُرعت في هذا الوقت، فضلاً عن اختفاء إحدى الشامات من فوق شفته، بينما ظهرت في لقطة أخرى، هذا إلى جانب تحدث عدد من الممثلين بلهجة ليست صعيدية، إضافة إلى الخطأ الأبرز الذي أظهرت فيه الكاميرات أشخاصاً يمنعون المواطنين من العبور فوق كوبري إسنا، أثناء تصوير مشاهد المسلسل.
وفي الحلقة الأولى من مسلسل «كلبش 2» ظهر أمير كرارة مصاباً بطلق ناري في ذراعه، بينما حمل بها نعشاً في جنازة زوجته وشقيقته باللقطة التالية، كما ظهر وهو يصوّب سلاحه نحو أحد الأهداف، فيما يبدو السلاح خالياً من «خزنة الطلقات». كما ظهر الفنان يحيى الفخراني أيضاً في الحلقة الخامسة من مسلسله «بالحجم العائلي» بشارب ولحية عند استقباله أبناءه في منتجعه السياحي، بينما كان حليقاً في اللقطة السابقة.
ويشارك الفنان محمد إمام في السباق الدرامي الرمضاني بمسلسل «هوجان»، الذي تدور أحداثه حول الشاب «هوجان»، الذي يتمتع بقوة كبيرة. وظهر محمد إمام في الحلقات الأولى بالمسلسل وهو يأكل الزجاج، ولكن المخرج جعله يأكل قطعة من الثلج بدل أن يأكل الزجاج، وفق ما ذكره رواد موقع التواصل الاجتماعي.



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».