ردود فعل متباينة في تونس حول رسالة بن علي

أكد عودته للبلاد ورفض توظيفه سياسيا

TT

ردود فعل متباينة في تونس حول رسالة بن علي

نشر منير بن صالحة، محامي الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، رسالة وجهها هذا الأخير إلى الشعب التونسي، وأكد فيها عودته إلى البلاد، مشدداً على رفضه التام لأن يتحول شخصه إلى موضوع للتوظيف والاستثمار السياسي. وهذا أول خطاب مكتوب يتوجه به بن علي بشكل مباشر إلى التونسيين منذ مغادرته البلاد.
وتساءل أكثر من طرف سياسي عن مغزى هذه العودة، وإن كانت عودة سياسية أم عودة لأسباب صحية، وهل تعني عودة بن علي إلى البلاد إنهاء المتابعات القضائية ضده، خصوصاً أن أحكام السجن ضده تقدَّر بعشرات السنين.
وجاء في رسالة بن علي: «أتابع وضع بلادي مثل كل تونسي لا يملك إلا أن يتمنى الخير لبلده، ولا أرى أن الوقت اليوم يسمح حتى يزايد التونسيون بعضهم على بعض، بل عليهم الانكباب على حماية بلادهم، وإنقاذها من الوضع الاقتصادي المتأزم».
وشكّك بعض التونسيين في هذه الرسالة، استناداً إلى أن المحيط العائلي للرئيس السابق ما زال يدحض ما راج مؤخراً حول تدهور وضعه الصحي، وأكدوا أنه لم يكتب الرسالة، وأنه آخر من يعلم بمحتواها، موضحين أن بعض الأطراف المحيطة بالعائلة هي التي اقترحت هذه الرسالة، وتم التشاور مع محامي العائلة منير بن صالحة حول محتواها وتوقيت نشرها.
في المقابل، أكد عدد آخر من التونسيين أن تصريحات السياسيين،حول إمكانية عودة بن علي أعطت مصداقية لهذه الأخبار، وجعلت بعض التونسيين يحنّون إلى فترة ما قبل 2011، خصوصاً في ظل تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع معظم الأسعار.
وقال مورو عن حزب النهضة إنه «من حق بن علي أن يُكمل ما تبقى من حياته في تونس، وبإمكانه العودة إلى البلاد، إذا كانت هناك لفتة سياسية لهذا الملف». مضيفاً: «لا أعتقد أن أمن تونس سيكون مهدداً لو فُتحت لأبناء بن علي أبواب العودة، والزيارة على الأقل، مع حفظ كرامتهم».
بدوره، قال عبد اللطيف المكي، قيادي حركة النهضة «بن علي فارٌّ من العدالة، ومطلوب منه العودة وتسليم نفسه، وهو ليس مطروداً أو منفياً، وبإمكانه العودة»، بشرط أن يعيد كل ما لديه من أموال منهوبة في البنوك الأجنبية، وهي كفيلة بسداد كل ديون تونس الخارجية، حسب تعبيره. غير أن برهان بسيس، وهو سياسي اشتهر بدفاعه الشرس عن النظام السابق، انتقد ما قاله عبد اللطيف المكي، وقال بلهجة ساخرة: «بن علي ترك للتونسيين يوم مغادرته صندوقاً للأجيال يقدَّر بثلاثة آلاف مليون دينار تونسي خارج ميزانية الدولة، تم صرفه في فترة سنة واحدة من «الحكم الرشيد» بعد تسلم الثوار الحكم . كما ترك نسب نمو اقتصادي في حدود 5%، بعد أزمة اقتصادية عصفت بالعالم سنة 2008 لم تَسْلم منها الدول الغنية، وكل هذه الأرقام الإيجابية ذهبت ليحل محلها الغلاء وارتفاع كلفة المعيشة وزيادة نسب الفقر بين التونسيين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.