«رجال حول الملك»: زعماء طبعوا التاريخ السياسي للمغرب

ألفه محمد الأمين أزروال انطلاقاً من مبدأ أن «الصحافي مؤرخ اللحظة»

«رجال حول الملك»: زعماء طبعوا التاريخ السياسي للمغرب
TT

«رجال حول الملك»: زعماء طبعوا التاريخ السياسي للمغرب

«رجال حول الملك»: زعماء طبعوا التاريخ السياسي للمغرب

يحفل الكتاب الجديد للصحافي المغربي محمد الأمين أزروال «رجال حول الملك»، الصادر حديثاً، بالكثير من الوقائع والأحداث التي ساهم في صنعها أناس وصلوا إلى مربع القرار السياسي أو كانوا قريبين منه.
وكتب مقدمة الكتاب الراحل الدكتور زكي مبارك، وهي آخر ما خطه قلمه من كلمات قبل رحيله بعد عمر حافل بالعطاء والبحث، وخاصة فيما يرتبط بالتأريخ لصفحات المقاومة بالمغرب في نشأتها وتطوراتها.
وقال مبارك إن الكتاب يضم بين دفتيه بورتريهات لشخصيات إدارية وسياسية، تركت بصماتها على مرحلة مهمة من تاريخ المغرب المعاصر، وعددها أزيد من ثلاثين شخصية تنتمي إلى عالم السياسة والمال والأعمال والإدارة العمومية والدبلوماسية، أولها الزعيم علال الفاسي، مؤسس حزب الاستقلال، أعرق تنظيم سياسي بالمغرب، وآخرها إدريس البصري، الرجل القوي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي تقلد في فترة من فترات المغرب السياسي، وزارتين في وقت واحدهما وزارة الداخلية، ووزارة الإعلام.
شخصيات من دون رتوش
أما المؤلف، وانطلاقا من مفهومه لمبدأ أن «الصحافي مؤرخ اللحظة»، فقد عبر عن أمله في أن يكون قد ساهم في تعريف جيل الشباب بجوانب ظلت معتمة في حياة السياسيين، بما لها وما عليها.
وقال أزروال إنه حاول أن يكون موضوعيا في تناوله لهذه الجوانب، وذلك بتقديم هذه الشخصيات من دون رتوش، ولم يقتصر على ذكر المناقب، وغض الطرف عن المثالب، والتعرض للإيجابيات وإغفال السلبيات، فالإنسان معرض فطرياً للخطأ.
​ومن بين القناعات التي تكونت لدى أزروال وهو يقتفي خطى جل السياسيين المغاربة الذين كتبوا مذكراتهم أو كتبت لهم، هي أنهم «تعمدوا الحديث عن الجوانب الوردية من حياتهم، واقتصروا على ذكر انتصاراتهم وفتوحاتهم وبطولاتهم فقط، ليقدموا لنا أنفسهم كما لو كانوا ملائكة لا يخطؤون، ناسين أنهم بشر يخطئون ويصيبون، فكل ابن آدم خطاء، وأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، إذ ليس منهم من امتلك الشجاعة واعترف بأخطائه، وبذلك ساهموا في التعتيم على جوانب مهمة من تاريخنا المعاصر».
استقراء التجارب والمواقف السياسية
ويلمس القارئ من خلال الغوص بين صفحات الكتاب أن هناك مجهودا ملحوظا للمؤلف في تتبع مسارات الشخصيات السياسية، من خلال وضعها تحت المجهر، واستقراء تجاربها ومواقفها السياسية.
ومن بين هؤلاء مبارك البكاي، أول رئيس حكومة لمغرب ما بعد الاستقلال، ومحمد بلحسن الوزاني، أول مغربي درس العلوم السياسية، وزعيم حزب الشورى والاستقلال، وعبد الله إبراهيم الرجل الذي رفض تقاعد رئيس الحكومة، وأحمد رضا كديرة، أول مؤسس للفكر الليبرالي في المغرب، والذي عمل مستشارا للملك الراحل الحسن الثاني.
كما يتحدث الكتاب بتفصيل عن أحمد عصمان، ابن الشعب الذي منح له تفوقه الدراسي الانتماء إلى المدرسة المولوية (الأميرية) بالقصر الملكي، والذي أوصله طموحه السياسي إلى منصب الوزير الأول (رئيس الوزراء)، وتأسيس حزب التجمع الوطني للأحرار، علما بأنه كان صهراً للملك الراحل الحسن الثاني.
ومن رجالات العصر وقادته البارزين، توقف المؤلف عند عبد الرحمن اليوسفي، باعتباره مهندس حكومة تجربة التناوب، وأول قيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي يكسر الحاجز النفسي لعلاقة هذا التنظيم السياسي بالقصر الملكي، بعد أن ظل لعدة سنوات متموقعا في المعارضة.
وعلى ذكر حزب الاتحاد الاشتراكي، فقد كان لأحد رموزه، وهو المهدي بنبركة حضور بارز ضمن صفحات الكتاب، حيث استعرض أهم المحطات السياسية في حياته، كوجه سياسي بارز إلى أن تم اختطافه بباريس يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1965، وظلت عملية اختفاء جثته لغزا محيرا حتى اليوم.
والواضح أن المؤلف لا يتطرق فقط في كتابه إلى الشخصيات التي جلست على كراسي المسؤولية، أو كانت لها مناصب في هرم الدولة، بل يستحضر أيضاً وجوهاً لعبت أدواراً طلائعية من خلال نشاطها السياسي، وضمنها علي يعته، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية، واصفاً إياه بـ«الشيوعي المؤمن».
ويروى عنه رغم وطنيته أن الملك الحسن الثاني قال عنه مرة إن «ساعته تسير وفق توقيت موسكو، وإنه إذا تساقطت الأمطار في موسكو يرفع سيعلي المظلة في المغرب ويصاب بالزكام»، تلميحا إلى تبعية مواقفه لقصر الكرملين.
وفي هذا السياق، تناول الكتاب أيضا تجربة محمد بنسعيد آيت ايدر «شيخ اليساريين المغاربة»، ومؤسس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، الذي ظلت سمعته خالية من الشوائب.
ولعل مما يميز هذا الكتاب أنه بمثابة شهادة على العصر من خلال الزعماء والوزراء والمسؤولين الذين ارتبطوا بالكثير من الأحداث التي كان لها تأثير في تاريخ المغرب السياسي.
وجاء هذا الإصدار الجديد ضمن سلسلة كتب يخطط أزروال لنشرها، استهلها بـ«سنوات التحرير»، وهو عبارة عن «مذكرات في الصحافة والسياسة»، بعد تقاعده الإداري.
ويوجد لأزروال تحت الطبع مشروع كتابين جديدين، الأول بعنوان «الاستثناء المغربي» يستحضر فيه الطابع المغربي المميز، والثاني بعنوان «في غفلة من الزمن»، ويدور موضوعه حول «وجوه دخلت عالم السياسة في ظروف ملتبسة».


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.