حول العالم

حول العالم
TT

حول العالم

حول العالم

كوتور ـ مونتينيغرو
> تعد كوتور، المُدرجة على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي، وجهة شعبية في أوروبا لا يمل السائح من زيارتها في أي وقت، فهي مثالية للاسترخاء وتذوق الحياة اللذيذة، كما هي مناسبة لهواة المغامرات والأنشطة البدنية، مثل تسلق الجبال وقمة كوتور، أو استكشاف خليجها.
ولعشاق قراءة التاريخ في المتاحف ومن خلال البنايات أيضاً نصيب، فهي تضم كثيراً من الحصون القديمة، والقصور والمباني ذات الطراز الباروكي والنمساوي، والميادين المرصوفة بالرخام المصقول، إضافة إلى كاتدرائية سانت تريفون التي يعود تاريخها إلى 1200 عام مضت. وتضم هذه الكاتدرائية آثاراً ذهبية قديمة، ولوحات جصية يونانية أصلية، وأرضية كنيسة سانت لوكاس التي شيدت عام 1195، وشواهد قبور تعود إلى الزمن الذي كان يتم فيه الدفن داخل الكنيسة ذاتها. وعلى عكس كثير من البلدات التاريخية التي تحتضن مواقع دينية، تبقى كوتور مدينة نابضة بالحياة والأنشطة طوال أيام السنة.
وتقع في الجزء الجنوب شرقي من خليج كوتور، أدنى جبل لوفسين. ومن الأمور المحببة فيها جدرانها الحصينة التي تعود إلى القرون الوسطى، وتتألق في المساء بالأنوار والمؤثرات الضوئية الرائعة. وبفضل النفق الذي يربط كوتور بتيفات، لا يستغرق الوصول إلى المدينة بالسيارة أكثر من 15 دقيقة، لكن يظل الوصول إليها بالقارب في يوم مشمس تجربة لا تنسى.
وقد استقرت القبائل السلافية الأولى في المنطقة خلال القرن الثاني عشر، وكانت أسرة نيمانجيس تحكم كوتور حتى عام 1420، حتى سيطرة الفينيسيين على السلطة، الذين ظلوا متحكمين في مقاليد الأمور حتى عام 1797. وبعد الحروب التي شهدتها ما بين 1797 و1814، حين تناوب الروس والفرنسيون والنمساويون والمونتغمريون على حكمها، أصبحت كوتور، خلال مؤتمر فينيسا عام 1814، دائرة تابعة للحكم النمساوي المجري حتى عام 1918، عندما أصبحت المنطقة جزءاً من يوغسلافيا حتى تاريخ تفككها.

ريغا ـ لاتفيا
> تعود مدينة ريغا مرة أخرى إلى قائمة الوجهات السياحية المهمة لهذا العام. فقد أكدت أنها وجهة مثالية لاكتشاف آفاق جديدة، بما تقدمه من تنوع حضاري يجمع فنون العمارة والتاريخ بالحداثة التي تمثلها الحياة العصرية وتسهيلاتها، من المقاهي العصرية والمطاعم إلى شوارع التسوق الغنية بالمنتجات التقليدية. فمركزها التاريخي القديم مُكتظ بالمطاعم التي تقدم كل أصناف الأطباق، التقليدية والعالمية على حد سواء. هذا ويوجد بها واحد من أكبر الأسواق في أوروبا، مساحة ومنتجات، فهو يضم 5 عنابر مغطاة مليئة بأصناف الجبن والسمك واللحم المدخن والعسل والفاكهة الطازجة والمحاصيل الزراعية الموسمية.
وأقل ما يمكن قوله عن ريغا أنها مدينة مفعمة بالحركة والنشاط، وبأجواء ترحيبية تجعل صورها تبدو رائعة على موقع «إنستغرام». ويُعتبر مركزها القلب النابض لعاصمة لاتفيا التي تحتضن 800 عام من التاريخ، مما دفع منظمة اليونيسكو للاعتراف بها، كأحد مواقع التراث العالمي. وساعدت كثير من الدول والشخصيات التاريخية في بنائها، مثل بطرس الأكبر، كما قضى بها ريتشارد فاغنر وقتاً مهماً.
وفي هذه المدينة، ستجد بانتظارك تحفاً معمارية، مثل منزل السود، والأزقة الحجرية الرومانسية، والميادين النابضة بالفن، علماً بأنها شهدت عصراً ذهبياً في بداية القرن العشرين، مع ظهور حركة الآرت نوفو، مما جعلها تتزين به، ليطبعها إلى الآن. فهناك ما يزيد على 800 مبنى مشيد على طراز الآرت نوفو في كل أنحائها، وإن كانت أهمها تلك التي توجد في شارع «ألبرتا إيلا» الذي أبدعه المعماري ميكائيل أينشتاين.
وتخليداً لنضالهم من أجل الحصول على الاستقلال، وضعوا نصباً فنياً يجسد معنى التضحية والنصر، هو نصب الحرية الذي أبدعه النحات كارليس زال، وأزيح الستار عنه عام 1935، ولعب دوراً مهماً بارزاً في الأحداث التاريخية اللاحقة التي شهدتها البلاد.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».