بومبيو ولافروف اتفقا على توسيع الاتصالات حول سوريا

TT

بومبيو ولافروف اتفقا على توسيع الاتصالات حول سوريا

أسفرت محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، أمس، في سوتشي عن اتفاق على توسيع الاتصالات الثنائية حول الوضع في سوريا.
وعلى الرغم من الإقرار بوجود ملفات خلافية كبيرة عالقة، قال لافروف إن الطرفين عملا على «تنسيق المواقف بين موسكو وواشنطن بشأن عدد من النقاط المحددة»، بينها ضرورة القضاء على الإرهابيين في سوريا، وإطلاق العمل لتثبيت الالتزام الكامل بالقرار الدولي 2254؛ كونه يضمن احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية.
وأجرى الوزيران جولة محادثات موسعة أمس، قبل أن ينتقلا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، تبادلا خلالها الآراء حول الوضع في سوريا، مع التركيز على النقاط الخلافية، ووصف لافروف المحادثات بأنها كانت «صريحة ومفيدة» وقال: إن الجانب الروسي طلب توضيحات من واشنطن حول التحركات الأميركية، في إشارة إلى الوضع في منطقة الشمال السوري والوجود الأميركي في منطقة التنف جنوباً.
وأكد في مؤتمر صحافي مشترك أنه «فيما يتعلق بسوريا، تحدثنا عن ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بشكل كامل، والذي يتمثل البند الأساسي فيه في احترام سيادة ووحدة أراضي سوريا»، مضيفاً أن الطرفين اتفقا «على مواصلة المشاورات على أساس الاتصالات القائمة بيننا، وقمنا بتنسيق المواقف بشأن عدد من النقاط المحددة، بما فيها المتعلقة بالقضاء على الإرهابيين على الأراضي السورية نهائياً وتوفير الظروف لعودة اللاجئين وحل القضايا الإنسانية وإطلاق العملية السياسية في سياق تشكيل اللجنة الدستورية».
وأكد بومبيو على أن ملف الوضع حول إدلب كان محور نقاش مستفيض. وزاد: «تحدثنا عن تخفيف معاناة الشعب السوري. ونريد أن نفعل كل ما بوسعنا من أجل ألا تكون الأرض السورية ملاذاً للإرهابيين. كما بحثنا تخفيض التصعيد في إدلب بشمال سوريا».
وكان لافروف شدد في مستهل اللقاء على أن «هناك الكثير من المشكلات التي تحتاج إلى حلول عاجلة، ومنها أزمة سوريا». وأكد استعداد موسكو لإنشاء علاقات بنّاءة ومسؤولة مع الولايات المتحدة في حال كانت واشنطن مستعدة لذلك، مشيراً إلى أن البلدين يواجهان مشاكل تتطلب تدابير عاجلة وحلولاً طويلة الأجل، بما في ذلك قضايا الأمن الاستراتيجي وتسوية الأزمات الإقليمية.
وأكد بومبيو أن تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة «أمر ضروري يصب في مصلحة العالم أجمع»، معرباً عن أمله بأن تثمر الجهود المشتركة في استقرار العلاقات الروسية - الأميركية.
إلى ذلك، كان ملف إدلب محور نقاش خلال مكالمة هاتفية أجراها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، تناولت جوانب الأزمة السورية، مع التركيز على التصعيد الحاصل في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب.
وأفاد بيان أصدره الكرملين بأن الجانبين «واصلا تبادل الآراء حول النواحي الرئيسة للأزمة في سوريا، مع التركيز على الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، نظراً لتصاعد عدد الانتهاكات لنظام وقف إطلاق النار من قبل التشكيلات المسلحة المتطرفة».
وأكد الطرفان - وفقاً للكرملين - على «أهمية مواصلة التنسيق الوثيق للجهود بين روسيا وتركيا، بما في ذلك بين وزارتي الدفاع، بشأن مختلف نقاط التسوية السورية».
وقالت الرئاسة التركية إن إردوغان أكد خلال الحديث مع بوتين على أن تصاعد التوتر في إدلب يهدد تشكيل اللجنة الدستورية السورية، ويضر بالتسوية السياسية. واتهم إردوغان السلطات السورية بأنها تسعى لـ«إحباط» التعاون الروسي - التركي في إدلب، و«الإضرار» بالمفاوضات في إطار آستانة. وتلت المكالمة محادثات روسية - تركية على المستوى العسكري؛ إذ بحث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو هاتفياً مع نظيره التركي التطورات في إدلب والتدابير التي يجب اتخاذها لخفض التوتر في المنطقة. واتفق الطرفان على «الإجراءات الواجب اتخاذها لتخفيض حدة التوتر في هذه المنطقة في إطار الاتفاقات التي تم التوصل إليها في سوتشي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم