منظمة دولية في دمشق تنوي شطب أسماء 65 % من المستفيدين من مساعداتها

تبقي الـ 35 % «الأشد فقراً»

TT

منظمة دولية في دمشق تنوي شطب أسماء 65 % من المستفيدين من مساعداتها

يعتزم «برنامج الأغذية العالمي» البدء بتنفيذ خطة لإعادة توجيه المساعدات الغذائية الأممية (السلال الغذائية) التي يوزعها في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وتنص على تقليص عدد الأسر المستفيدة إلى نحو 35 في المائة من الأسر المستفيدة حاليا، وحصرها بـ«الأكثر فقرا»، ذلك بعدما باتت نسبة كبيرة من هذه «السلال» تذهب إلى غير مستحقيها.
وقال لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في إحدى «المنظمات المحلية غير الحكومية» التي تتخذها الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى كشركاء لتنفيذ برامجها الإغاثية في مناطق سيطرة الحكومة السورية: «عمموا برنامجا جديدا لتوزيع المساعدات سيتم البدء بتنفيذه بعد نحو شهرين، وأبرموا مع بعض الشركاء عقودا جديدة بشأن تنفيذ هذا البرنامج». وأوضح أن البرنامج الجديد يتضمن «إلغاء أسماء نحو 65 في المائة من الأسر المستفيدة حاليا والإبقاء على نسبة 35 في المائة على أن تكون هذه الأخيرة هي من الأسر الأكثر فقرا».
وضيقت الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات سبل العيش على غالبية الناس، وبات بحسب بحث أجراه «المركز السوري لبحوث السياسات» بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، أكثر من 93 في المائة من السوريين يعيشون في حالة «فقر وحرمان» بينهم نحو 60 في المائة يعيشون في «حالة فقر مدقع»، ذلك بعدما تضاعفت الأسعار في عموم المناطق السورية أكثر من 12 مرة، على خلفية تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي إلى نحو 12 ضعفاً أيضاً مع بقاء مرتبات الموظفين على حالها التي كانت عليها قبل عام 2011 (الراتب الشهري لموظف الدرجة الأولى 40 ألف ليرة).
ومع تردي الوضع المعيشي في مناطق سيطرة الحكومة، أطلقت جمعيات خيرية في السنة الثانية للحرب مشروعاً لتوزيع «سلال غذائية»، وغالباً يكون مصدر تلك السلال «برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وجمعيات خيرية. كما تقوم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة أيضاً للأمم المتحدة، بتوزيع سلل غذائية على اللاجئين الفلسطينيين.
وتشترط الحكومة على المنظمات الدولية، أن تتم عملية الإغاثة بالتنسيق معها، وتمنع أي منظمة تُعنى بالإغاثة من العمل على الأراضي السورية من دون موافقتها. كما تحصر عملية تمويل المساعدات وتسليمها في جمعيات خيرية مرخصة بقائمة أشرفت على وضعها وزارة الخارجية. كما تشترط أن تتم عملية توزيع المساعدات من المنظمات الدولية بالتنسيق معها، عبر «منظمة الهلال الأحمر العربي السوري».
وأعلنت الأمم المتحدة في بداية 2018. أن عدد من يتلقون مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» بلغ ثلاثة ملايين سوري، بعد أن كان أربعة ملايين في أغسطس (آب) 2017. وذلك بسبب نقص التمويل. وبحسب المسؤول في إحدى المنظمات المحلية غير الحكومية، فإن الخطة الجديدة للإغاثة «لا تتضمن خفض كمية المساعدات الإجمالية» التي يوزعها برنامج الأغذية العالمي في مناطق سيطرة الحكومة، وإنما «حصرها بالعائلات الأشد فقرا فقط بناء على وثائق تقدمها تلك العائلات تثبت ذلك»، واستثناء العائلات التي لا تثبت ذلك. وأوضح المسؤول، أنه بموجب الخطة الجديدة، ستزداد كميات ونوعيات ما تحتويه السلة الغذائية، كما سيتم توزيعها مرة في كل شهر بعد أن كانت توزع مرة كل ثلاث أشهر، ويضيف «بمعنى كميات المساعدات بالكامل سيعاد توزيعها ولكن على الأسر الفقيرة».
تحتوي السلة الواحدة التي يتم توزيعها عبر مراكز في العاصمة وريفها، على مواد أساسية قابلة للتخزين ولا تحتاج إلى التبريد لضمان إمكان حفظها لأطول فترة ممكنة. وفي كل سلة، عدس حب (3 - 5 كلغ) وبرغل (2 – 4 كلغ) وأرز (10 كلغ) وزيت نباتي (5 – 9 ليتر) وسكر (2 – 5 كلغ) وملح (1 كلغ) وحمص حب (2 – 4 كلغ) ودقيق (7 كلغ). كما يتم أحياناً، توزيع أدوات مطبخ ومنظفات وفرش وأغطية إضافة إلى السلة الغذائية.
وبحسب النشرات المرفقة مع «السلة الغذائية» والإعلانات الملصقة في مراكز التوزيع، فإن من يحق لهم التسجيل للحصول على «السلة الغذائية» هم العائلات النازحة، والعائلات الفقيرة جدا، والعائلات التي فقدت المعيل على أن تقدم تلك العائلات أوراق تثبت ذلك.
ووفق مكتب التنسيق للشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشوا)، في سوريا 7.5 مليون شخص نزحوا من مناطق إقامتهم إلى مناطق افترضوها أكثر أمناً، إضافة إلى أكثر من خمسة ملايين لاجئ خارج البلاد. لكن المفارقة، أن من يأخذون «السلال الغذائية» في معظمهم من أهالي الأحياء الأصليين الذين لم ينزحوا، على رغم أنهم يسكنون في بيوتهم، بينما تشاهد سيارات فارهة أمام مراكز التوزيع يترجل منها أصحابها ويتسلمون سلالاً غذائية من دون أدنى وجل أو حياء، لا بل تبدو عليهم ملامح الابتهاج بعد عملية التسلم.
ووفق الكثير من الأهالي، فإن ذلك يعود إلى عمليات تلاعب تحصل في عمليات التسجيل، التي غالبا ما تجري بالتواطؤ مع المخاتير والقائمين على مراكز التوزيع، عبر تقديم الكثير من الأسر أوراقاً تثبت أن لها بيتاً في إحدى المناطق المتوتّرة وبيتاً آخر في الحي الآمن الذي تعيش فيه.


مقالات ذات صلة

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة خلال محاولتهم اقتحام معبر سبتة الحدودي مع إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تشيد بتعاون المغرب في تدبير تدفقات الهجرة

أشادت كاتبة الدولة الإسبانية للهجرة، بيلار كانسيلا رودريغيز بـ«التعاون الوثيق» مع المغرب في مجال تدبير تدفقات الهجرة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.