ليبيا: سلال الغذاء للفقراء... وحلقات المديح لتطهير القلوب

لم تمنع أجواء الانقسامات السياسية والمعارك العسكرية التي تدور في محيط العاصمة طرابلس منذ الرابع من الشهر الماضي، المواطنين الليبيين من الاحتفال بشهر رمضان، مثل كل عام من خلال الطقوس والتقاليد التاريخية الموروثة، التي يحرصون على ممارساتها طيلة الشهر الكريم، ودائماً ما تنتهي بمجالس المديح وقراءة القرآن الكريم.
وقبل حلول الشهر الكريم بأيام، يحرص الليبيون على توزيع سلال الغذاء بكثرة على الفقراء، كلٌّ حسب بلديته ومدينته، الواحدة منها تكفي أسرة متوسطة عدد أفرادها خمسة لمدة أسبوع، كما تبذل الجمعيات الخيرية نشاطاً ملحوظاً من خلال رصد المحتاجين، وأعمارهم، والذهاب إليهم في منازلهم بالطعام والمواد التموينية اللازمة.
ومع تزايد أعداد النازحين عن منازلهم إلى مناطق مثل منطقة المردوم بمدينة بني وليد، بسبب المعارك في العاصمة، فإن كثيراً من «أهل الخير» يسعون إلى احتوائهم وتغطية احتياجاتهم.
ويقول المكتب الإعلامي لجمعية بني وليد للأعمال الخيرية، إن لديهم برنامجاً حافلاً للترحيب بضيوف المدينة يشمل مسابقات دينية في حفظ القرآن الكريم، وفي مجال الألعاب الرياضية، إلى جانب حملات ومساعدات طبية. كما أقامت المدينة خيمة رمضان لعابري السبيل والجاليات الإسلامية داخل المدينة.
ولم تختلف الأجواء الرمضانية في غرب البلاد عن شرقها، من خلال العادات السنوية، إذ يحرص شباب قبيلة العبيدات بمنطقة «تاكنس» بالشرق الليبي، على تنظيم مائدة على أحد جانبي الطريق ويستوقفون المارة عنوة لتناول الإفطار معهم، ويقول أدمن صفحة «أنا ليبي وزوجتي ليبية»: «قبيل أذان المغرب بربع ساعة ستجد هؤلاء الشباب أمامك، ستجدهم في انتظارك بكل ما لذّ وطاب، اللبن والحليب وخبزة التنور، والأكلات الشعبية وأخيراً طاسة الشاهي الخضرة».
ويحرص الليبيون من الجنسين على الذهاب إلى المساجد المشهورة بطلاوة أصوات قرائها، لصلاة التراويح في المساجد الكبرى، ففي طرابلس يقصد المصلون مساجد مثل جامع (القدس) في شارع الجمهورية، ومسجد (مولاي محمد) الذي بناه ملك المغرب محمد الخامس، وكذلك جامع (ميزران) في شارع ميزران.
وفور انتهاء المصلين من إقامة صلاة التراويح، يبدأون في التجمع من جديد في مزرعة أو حوش، أحدهم لقضاء ليلة مع المدائح النبوية، بحيث يبدأ المنشد في تلاوة أول بيت من القصيدة، والجمع يردد من خلفه، من بين هذه القصائد: حب النبي الهاشمي شجاني- وأذاب قلبي والمنام جفاني- والشوق أضنى في جواه حشاشتي- وفقدت في حب النبي كياني.
وفي مقام آخر تجد مَن ينشد: هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا- فليس لي معدل عنهم وإن عدلوا- إني وإن فتتوا في حبهمْ كبدي- باقٍ على ودهم راضٍ بما فعلوا.
ولم تقتصر الأجواء الرمضانية في ليبيا على الصلاة والإنشاد الديني، بل تصل في بعض المناطق إلى تنظيم المهرجانات الرياضية، وحسبما يقول علي الفقهي رئيس اللجنة التحضيرية لمهرجان الأطفال بمدينة بني وليد، إنهم يحرصون على تنظيم فعاليات مهرجان السلام لطفل كل يوم خميس من شهر رمضان، وحتى أيام عيد الفطر، مشيراً إلى أن المستهدفين في هذا المحفل أطفال مدينة بني وليد وضيوفها من النازحين.