واشنطن تستعد للكشف عن استراتيجيتها لمواجهة «داعش» في سوريا

فرنسا تعتقل شيشانيا بتهمة تجنيد مقاتلين.. ودمشق توجه انتقادات لاذعة لهولاند

واشنطن تستعد للكشف عن استراتيجيتها لمواجهة «داعش» في سوريا
TT

واشنطن تستعد للكشف عن استراتيجيتها لمواجهة «داعش» في سوريا

واشنطن تستعد للكشف عن استراتيجيتها لمواجهة «داعش» في سوريا

وسط مخاوف أميركية من تفاقم خطر المسلحين الأجانب بعد عودتهم من القتال في سوريا في صفوف تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، أعلن النائب الديمقراطي وعضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي دوتش روبرسبرغر، أمس، أن الإدارة الأميركية قد تكشف خلال الأسبوع الحالي استراتيجيتها إزاء سبل مواجهة «داعش» في سوريا.
وردا على سؤال لشبكة «سي إن إن» حول ما يجب القيام به في سوريا لمواجهة هذا التنظيم قال النائب: «ليست لدينا معلومات بهذا الشأن في الوقت الحاضر، إلا أننا قد نعلم الأسبوع المقبل (الحالي) ما قد تكون عليه الخطط» بهذا الشأن.
وكان الرئيس باراك أوباما وضع نفسه في موقف محرج عندما قال يوم الخميس الماضي: «ليست لدينا استراتيجية بعد»، في حين أن المراقبين كانوا يتوقعون الإعلان عن هجمات وشيكة على مواقع التنظيم في سوريا على غرار ما يحصل في العراق منذ الثامن من أغسطس (آب) في العراق.
وأضاف النائب الديمقراطي عن ولاية ميريلاند والرجل الثاني في لجنة الاستخبارات: «هناك الكثير من المعلومات التي تعتبر سرية ولا يمكن أن تقول للعدو إنك قادم لمهاجمته». وأضاف: «أعتقد أنكم ستشاهدون انتقالا إلى الأفعال نحو الأسبوع المقبل (الحالي)»، مشددا على ضرورة أن يكون التحرك بالتعاون مع حلفاء الولايات المتحدة مثل بريطانيا وأستراليا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول التي شاركت أخيرا في إلقاء مساعدات إنسانية بالمظلات على مدينة إمرلي في العراق.
كما اعتبر روبرسبرغر من ناحية ثانية، أن «التهديد الأهم» الذي يواجه الولايات المتحدة يتمثل في الأميركيين الذين ذهبوا للقتال في سوريا والذين يحملون جوازات سفر تتيح لهم دخول الولايات المتحدة من دون تأشيرات دخول.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أمس اعتقال شاب شيشاني في الثانية والعشرين من العمر يوم السبت الماضي في مطار نيس جنوب البلاد للاشتباه بسعيه لتجنيد أشخاص للقتال في سوريا إلى جانب التنظيمات الإسلامية المتطرفة.
وقال وزير الداخلية برنار كازونوف في بيان، إن الرجل اعتقل وتبين أنه دفع ثمن بطاقة سفر لشابة في الـ16 من العمر، كانت تستعد للسفر إلى تركيا تمهيدا للانتقال إلى سوريا عندما منعت من ذلك.
وأبلغت شركة الطيران التركية شرطة الحدود بأن هذه الشابة اشترت بطاقة طيران يوم السبت الماضي في نيس، بينما كانت بصحبة امرأة محجبة. ولم يقنع كلام الفتاة بأنها تريد التوجه إلى إسطنبول لزيارة جدتها عناصر شرطة الحدود الذين اتصلوا بالإدارة العامة للأمن الداخلي (الاستخبارات) للحصول على مزيد من المعلومات حول الفتاة. ولما تم الاتصال بوالد الفتاة قال إنه يجهل نيات ابنته. وأكد بالمقابل أن لا أقارب له في تركيا. وقال مصدر مقرب من الملف لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الأب اعترض على خروج ابنته من الأراضي الفرنسية»، طبقا لما هو وارد في الخطة الحكومية لمكافحة الجهاد. ومع توسع التحقيقات تمكنت شرطة مكافحة الإجرام من اعتقال الشخص الذي يعتقد أنه دفع ثمن بطاقة الطيران إلى تركيا للفتاة، وهو شاب شيشاني.
من جهة أخرى، وجهت دمشق أمس انتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي رفض أي تعاون مع نظام الرئيس بشار الأسد لمكافحة «الإرهاب» في سوريا، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الخارجية السورية. وقال مصدر رسمي مسؤول في الوزارة، إن بلاده تدين إصرار هولاند «على المضي في حملة التضليل المسعورة التي دأبت عليها الحكومة الفرنسية منذ بداية الأزمة الراهنة في سوريا الأمر الذي جعل من بلاده شريكا أساسيا ومباشرا في سفك الدم السوري».
وكان هولاند شدد يوم الخميس الماضي في خطاب ضرورة تشكيل تحالف دولي واسع من أجل مكافحة «الإرهاب» في ظل تصاعد نفوذ «داعش» إلا أنه أكد أن الأسد «لا يمكن أن يكون شريكا في مكافحة الإرهاب، فهو الحليف الموضوعي للجهاديين».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.