أوساط عراقية تستبعد تعرض مصالح أميركا لهجمات

رغم تحذير واشنطن لرعاياها من زيارة البلاد

TT

أوساط عراقية تستبعد تعرض مصالح أميركا لهجمات

تعبر اتجاهات عراقية مختلفة عن خشيتها من وقوع العراق في قلب عاصفة التوتر والحرب بين واشنطن وطهران، نظراً لتشابك مصالح البلدين في العراق، ووجود قوى حليفة وعلنية محلية لإيران، يمكن أن تقوم من خلالها بشن هجمات عسكرية على المصالح الأميركية في العراق، في حال اندلاع الحرب بين الجانبين.
إلا أن اتجاهات عراقية غير قليلة تشير إلى أن القوى الحليفة لإيران في العراق غير قادرة على الإضرار بالمصالح الأميركية، لأسباب كثيرة، منها الجدية التي تبديها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والحسم، حيال أي اعتداء على مصالحها في العراق، وهذا ما أكدته زيارة وزير الخارجية الأميركي جورج بومبيو إلى بغداد مؤخراً، ويرون أن النصيحة الأميركية مساء أول من أمس لرعاياها بعدم التوجه إلى العراق، تأتي في إطار الضغوط الموجهة لطهران، وليس خوفاً من أتباعها في العراق.
وأبلغ مصدر مقرب من القوى الشيعية في العراق «الشرق الأوسط» أن «أحد كبار الشخصيات الموالية لإيران في العراق، بعث برسالة إلى السفارة الأميركية عبر أحد الوسطاء، أكد لهم فيها عدم انخراطه في الخلاف بين واشنطن وطهران، وأن ما يصدر عنه من تصريحات في هذا الشأن، هي من باب الاستهلاك المحلي فقط».
من جهته، يرى زعيم الحزب الشيوعي العراقي، وعضو تحالف «سائرون» رائد فهمي، أن «النصيحة الأميركية لرعاياها تأتي في إطار التصعيد الذي أقدمت عليه مؤخراً ضد إيران، وإرسالها لمئات القطع الحربية إلى الخليج، وهو تصعيد متبادل على أي حال بين واشنطن وطهران». ويستبعد فهمي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «إقدام حلفاء إيران في العراق على التعرض للمصالح الأميركية، حتى أن فصائل تابعة لولاية الفقيه الإيرانية أعلنت صراحة عدم إقدامها على هذه الخطوة؛ لأن ذلك سيعرضها ويعرض البلاد إلى خطر شديد». ويرى أن «الحكومة العراقية والقوى السياسية مطالبة قبل اندلاع الحرب وفي كل الظروف بحماية مصالح الدول على أراضيها، وبموقف موحد يجنب العراق ويلات الحرب وتداعياتها».
ويعتقد المحلل السياسي واثق الهاشمي، أن الولايات المتحدة «لا تخشى حلفاء إيران في العراق» ويرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الفصائل الموالية لإيران في العراق تمارس اليوم قدراً كبيراً من الانضباط، ولا تسعى لاستفزاز الولايات المتحدة. أظن أن ذلك ناجم عن توصيات إيرانية بهذا الصدد. وبعض تلك الفصائل، مثل حركة (النجباء) أعلنت صراحة أنها لن تستهدف المصالح الأميركية في العراق». وينظر الهاشمي إلى النصيحة الأميركية لرعاياها بعدم السفر إلى العراق، بوصفها «طريقة أخرى من طرق الضغط الشديد الذي تمارسه واشنطن على طهران، وعبر هذه النصيحة تبعث رسالة إلى الإيرانيين لتثبت جديتها وعزمها في مواجهة طموحاتهم النووية والسياسية في المنطقة».
أما رئيس «مركز التفكير السياسي» إحسان الشمري، فيرى أن «إطلاق التحذير الأميركي لرعاياها في العراق ليس جديداً، وقد حدث ذلك في أكثر من مناسبة؛ لكن أهمية التحذير هذه المرة تكمن في كونه يتزامن مع حالة التوتر الشديد بين طهران وواشنطن». ويعتقد الشمري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة لا تريد أن يكون لإيران أوراق ضغط ضدها داخل العراق، ومنها مثلاً إمكانية أن يقوم حلفاء إيران بخطف رعايا أميركيين في العراق، وحادث خطف الرهائن في سفارة واشنطن في طهران عام 1979 ما زال حاضراً في الذاكرة الأميركية». ويشير الشمري إلى أن «الولايات المتحدة، وخلافاً لإيران، لا تريد أن يكون العراق جزءاً من ساحتها الحربية مع إيران، بحكم وجود فصائل موالية لها في العراق، والأمر في الأخير يتعلق باتخاذ إجراءات احترازية من قبل الجانب الأميركي».
من جهة أخرى، اعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية مهدي تقي الأمرلي، أمس، أن «تحذيرات السفارة الأميركية لرعاياها في العراق ليست نذير حرب داخل العراق تستهدف طرفاً بعينه، مثلما خرجت أغلب القراءات والتحليلات». وشدد الأمرلي في تصريحات على ضرورة أن «تتخذ الحكومة موقفاً وقراراً واضحاً يمنع جعل العراق ساحة معركة، على خلفية التصعيد الحالي بين الجانبين الأميركي والإيراني».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.