رسالة من «بريد الليل»

رواية هدى بركات اتسمت برؤية فكرية عميقة

هدى بركات
هدى بركات
TT

رسالة من «بريد الليل»

هدى بركات
هدى بركات

يظل فوز عمل أدبي بجائزة ما نسبياً إلى حد كبير؛ فالعمل الفائز لا يعني أنه الأفضل أو الأكثر تلقياً، لكنه العمل الذي يتجه إلى الحصول على معطيات الفوز التقريبية، التي تفترض تحقيق الأبعاد الإبداعية المختلفة في مضامينه وتركيبه، ليصبح الفوز نفسه بجائزة ما أحد المكونات الداعمة لتلقيه؛ ولعل ذلك ما يجعل تقييم عمل أدبي لجائزة ما على قدر من الصعوبة، لكن الأكثر صعوبة من ذلك تقييم الأعمال التي تنتمي إلى الحقل الروائي؛ إذ تكثر الروايات المشاركة الطامحة إلى نيل الصدارة، وتتفق في كونها مكتوبة بأقلام روائيين محترفين، إلى جانب كونها تضم ملامح كثيرة لسلوك طريق الفوز، الأمر الذي يجعل مستوياتها متقاربة، وتحمل فوق ذلك رغبات مؤلفيها وتطلعات دور نشرها لتحقيق المنجز، وهم يتمثلون مثل غيرهم غريزة الافتتان بما نشروه من كتب، وهو ما أشار الجاحظ إليها بقوله: «... ولذلك تجد فتنة الرجل بشعره، وفتنته بكلامه وكتبه، تفوق فتنته بجميع نعمه».
ظهرت في جائزة البوكر الأخيرة إشارات شتى عن تنافس بدا قوياً وجذاباً، ودعم هذا بنشاط إعلامي كبير في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يدفعنا إلى محاولة عقد قراءة متأنية في الرواية الفائزة «بريد الليل» لهدى بركات. وتتطلع هذه القراءة إلى تحديد ما يميز هذا العمل من ملامح تستحق الإشارة والإشادة. وتتطلع هذه القراءة إلى تحديد ما يميز «بريد الليل» لهدى بركات الذي حظي ببوكر هذا العام 2019.
كُتب عمل «بريد الليل» برؤية فكرية عميقة تتصل بأوضاع المهاجرين الذين تركوا بلدانهم العربية نتيجة الحروب والفقر فيها، وغادروها إلى بلدان أخرى ليلاقوا مصائر حتمية سوداء في تلك البلدان الجديدة بالنسبة إليهم. وكانت لغته أدبية رشيقة دالة على وعي فني، ومعبرة عن ثقافة واسعة، وتميز بملامح استثنائية منها: جدة البنية السردية التي تجسد بها هيكله؛ إذ إنه أتى في بناء مختلف غير معتاد، حضرت فيه الشخصيات، وتبينت للمتلقي دون ذكر أسمائها، ورسمت فيه الأمكنة تفصيلياً دون تحديدها، وتجلت سمات الزمن الروائي دون إغراق، وجاءت الأحداث فيه على صورة رسائل تتبادلها الشخصيات، فتتضح معالم سيرها، وتتعدد في هذا البناء وجهات النظر المتباينة، ويتناوب السرد فيه ضميران اثنان: المتكلم بصفة رئيسة، وضمير المخاطب بصفة فرعية.
تناولت الرواية في الجانب الموضوعي قضايا حيوية منها: تبيان صور العربي لدى الآخر الأوروبي، وصورة الأوروبي لدى العربي، وكان رسم ذلك من خلال تعدد وجهات النظر، إلى جانب إلقاء الضوء على العلاقات التي تؤثر على من هم في سن ما بعد الخمسين، وكذلك العلاقات المثلية والشذوذ. وتبدو هذه المواضيع التي عولجت جيدا في العمل أقل تداولا في الكتابة الروائية إذا استثنينا موضوع صورة الآخر.
تتضمن الرواية خمس رسائل وثلاثة نصوص بدت أحادية (مونولوجية) وآخر بوصفه خاتمة لها، كانت صفات شخصياتها - وفقاً لما سبق - امرأة خمسينية غربية، ولاجئ عربي عاش في بلدها منذ عقود، وذلك الشاب الألباني الذي يعتقل أخيراً، بعد أن كان صديقاً للمتشرد العربي، وتنتهي الرواية بصوت ساعي البريد الذي يشرح كيف وصلت إليه تلك الرسائل؟ وكيف صنفها؟ لا تتحدد الشخصيات في هذا العمل بأسمائها، لكنها تحدد بصفاتها وأفعالها التي تتجلى في أثناء كتابة الرسائل بين أفراد المجموعة، وتتسم الأماكن في العمل الروائي بكونها أقرب إلى أماكن عامة، مثل: أرض المهجر، المطار، الفنادق، ملاجئ المشردين، ومن ثم تأتي الأماكن الخاصة كالمنازل بوصفها استكمالاً لما يدور في تلك الفضاءات العامة.
راوح السرد في الرواية بين ضميري المتكلم والمخاطب، وهما ضميران نادرا الاستعمال معاً إلا حال توظيفهما في القالب الرسالي، وهو ما ظهر في الجزء الأول والأكبر في الرواية التي تضم الرسائل الخمس المتداخلة أو لنقل: المتقاطعة؛ كُتبت الرسالة الأولى من حبيب إلى حبيبته التي هجرها، أما الرسالة الثانية فهي من امرأة مسنة تنتظر صديقاً حميماً لا يأتي، مع كونها عرفته منذ عقود، تعثر هذه المرأة على الرسالة الأولى في غرفة الفندق التي استأجرتها انتظاراً لذلك الفارس العربي، الذي يقرر بعد وصوله أن يعود إلى بلده، وكانت الرسالة الثالثة إلى أمّ ذلك الشاب الذي كان فتى خجولاً، ثم تحول إلى سجين استغله سجانوه؛ ليكون مثلهم في العنف والقسوة على الآخرين، يلتقي بشاب ألباني بعد هروبه ولجوئه إلى بلد أجنبي، يتعرف على امرأة أوروبية، ويقيم معها علاقة جنسية، ولا يلبث أن يقتلها ويسلبها. أما أخته فتكتب له في الرسالة الرابعة وتبين ظروفها الصعبة التي حولتها إلى خادمة وعاهرة، وتكشف كيف تركت أمها في لحظات الموت، وكيفية سرقتها مال والدتها، ثم تفصح عن جريمة قتل مخدومتها ثم سرقة أموالها. يتحول الشاب إلى مثلي منفي، مصاب بفقد إحدى عينيه، كما يتجلى في الرسالة الخامسة التي بعثها إلى أبيه.
إلى جانب الصور التي تكررت في الرواية ظهرت تشكيلات من المجازات الفاعلة فيها؛ ومثال ذلك ما ورد في الرسالة الأولى حين شبه حبيبته المفقودة بصور متتالية: «صراحة، أصبح لا يطاق بحثك عن المعاني. صرت تشبهين حكايات الكتب التي تقرئينها: بداية، متن، نهاية. ثلاثية المنطق الحديدية. صرت مرعبة في شطارتك، في محاولاتك سحب بواطني، بلذة الصياد حين يقدم على شق أحشاء الطريدة منتصراً رافعاً سلاحه، بادئا بالسكين من أسفل البطن، قبل أن يتوقف القلب تماما، بينما البخار الخفيف ما زال ينفث في الشدق المفتوح» ص 15، وتكرر توظيف الحذف في الرواية، ومن أبرز ملامحه حذف أسماء الشخصيات اتساقاً مع هامشيتها في مجتمعاتها الأصلية، وتوافقاً مع أوضاعهم في البلدان التي هاجروا إليها، ومن ذلك توظيف علامات الحذف، وكان هذا التوظيف مراوحاً بين حذف مفردة واحدة، وهو يأتي، غالباً، لما يُستقبح ذكره كألفاظ الجنس وما يماثلها، أو حذف جملة أو جمل تأتي مراعية للسياق، وتترك أحياناً للمتلقي كي يقوم بملئها دلالياً بما يناسب النص.
ووفقا للمعطيات السابقة فإن رواية «بريد الليل» قد قاربت تحقيق مؤشرات الفوز، ونجحت في استمالة محكميها؛ استهلالاً بلغتها، ومروراً ببنائها الذي كان جديداً واستثنائياً، وانتهاءً بمكوناتها الجمالية الأخرى.

- كاتب سعودي



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».