التطوع يبلغ ذروته لإفطار الصائمين في المدن السعودية

رمضان في السعودية يشهد حالة من الاستنفار التطوعي، الذي تكثر مشاهدته تحديداً عند الإشارات الضوئية والطّرقات والأحياء، يستعدّ لها شباب وفتيات من المواطنين والمقيمين قبل رمضان بفترة قصيرة لوضع خطة عمل، والبدء في تنفيذها طيلة أيام شهر رمضان.
محمد باضاوي قائد أحد فرق التطوع، الذي قامت فكرة إنشائه للفريق على هدف نبذ التعصب الرياضي السّلبي وتقديم الخدمة الاجتماعية التي يحتاج إليها المجتمع بشعار جمهور هذا الفريق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «هدفنا عكس الصورة السّلبية للمشجع الرياضي إلى صورة إيجابية، تماشياً مع الأهداف التي تنشدها (رؤية 2030) ومن بين برامجنا ومبادراتنا التطوعية لنا مبادرة سنوية في رمضان وهي (إفطار صائم)».
اختار فريق باضاوي إفطار الصائمين «المعتمرين»، ووزّعوا أعضاء فريقهم على مداخل مكة المكرمة، وفي محطات النقل الجماعي، كي لا يدرك المعتمر أذان المغرب إلّا ووجبة إفطاره بين يديه، ويؤكد قائد الفريق أنّ هذا العمل التطوعي وجميع برامجهم ومبادراتهم مراد بها إيصال رسالة إلى المجتمع مفادها أنّ الإنسان «له الحرية وعليه مسؤولية».
أمّا فريق «متّحدون التطوعي» الكائن في مكة المكرمة، فيتوزع أعضاؤه عند مداخل المدينة لاستقبال الصائمين الذين أدركهم الأذان، وإكرامهم بوجبات إفطار مقدمة ومجهزة من أيادي أبنائها. يقول أيمن الغامدي قائد الفريق: إنّ «مبادرتنا السنوية نابعة من حرصنا على إكرام ضيوف الرحمن، وهي صفة متوارثة ومعروفة عند العرب منذ القدم، واشتهر بها أهل مكة المكرمة بسقاية الحجيج».
العمل التطوعي في السعودية لم يقتصر على الشّباب فقط، بل تبرز في كل فريق مجموعة من الإناث اللاتي لهنّ أدوار محددة وفق خطة عمل الفريق. رزان منشي هي قائدة أحد الفرق التطوعية التي تهتم بتقديم خدمات صحّية وتثقيفيّة للمجتمع، والتي تعمل مع فريقها من الجنسين على تنفيذ العديد من المبادرات التطوعية، ومنها مبادرة «لنكن عوناً بالأجر» التي تُنظّم في رمضان.
بيان دقم قائدة فريق «رفقاء السعادة»، قرّرت العام الذي بدأت فيه تشكيل فريقها، عمل مبادرة إفطار صائم لعمال النّظافة الموجودين على الطّرقات، وتقديم وجبات إفطار خفيفة قالت إنها «لن تكلفهم الكثير من المال، لكنّها تعني لهؤلاء العمال الكثير».
وعن هذه الجهود المترامية في جميع مناطق السعودية يقول لـ«الشرق الأوسط» هتان هاشم حمودة قائد ومؤسس فريق «عيون جدة»: إنّ «التطوّع شغف مستمر طوال السنة، ولكن في رمضان تحديداً يزيد هذا الشّغف الممزوج بإحساس الشّعور بالآخر، وتكثر فيه أعمال الخير ومبادرات إفطار صائم، سواء في الطّرقات أو المنافذ البرّية أو الأحياء السّكنية». وأرجع سبب انتشار الكثير من المبادرات التطوعية إلى وعي جيل الشّباب والفتيات بالمسؤولية المجتمعية، وإدراكهم قيمة التطوع في الأعمال والمبادرات الخيرية التي تعود بالنّفع والإيجابية على المتطوّع والمجتمع في الوقت نفسه، بالإضافة إلى السّعادة التي يجدونها من خلال أعمالهم الخيرية، متمنياً أن يحقّق هدفه في الوصول إلى مليون متطوّع غير ربحي.