توصيات للنهوض باقتصاد «إنتاجي» بعد إقرار لبنان موازنته التقشفية

TT

توصيات للنهوض باقتصاد «إنتاجي» بعد إقرار لبنان موازنته التقشفية

تبحث الحكومة اللبنانية فور الانتهاء من التدقيق في موازنة عام 2019 التي أرادتها تقشفية للتصدي للأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها البلاد، اعتماد خطة تتصدى للانكماش الذي قد يخلفه التقشف الحاد وانخفاض نسبة النمو الذي لا يبلغ حالياً أكثر من 1 في المائة.
ويؤكد المعنيون أن لبنان سيكون مضطراً للانتقال من الاقتصاد الريعي الذي يقوم على دعم السياحة والمصارف والعقارات، وهي السياسة المتبعة منذ تسعينيات القرن الماضي، إلى الاقتصاد الإنتاجي الذي يقوم بشكل أساسي على دعم القطاعات الإنتاجية، خصوصاً الصناعة والزراعة.
ووضعت شركة «ماكينزي» الاستشارية العالمية العام الماضي، خطة للنهوض بالاقتصاد اللبناني تسعى بشكل أساسي لخلق بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات الخارجية، ولتفعيل قطاعات تنافسية قادرة على تعزيز مؤشرات الأداء الاقتصادي وخلق فرص عمل، بعدما تراجعت حصة الصناعة والزراعة من الناتج المحلي من 30 في المائة في عام 1974 إلى 16 في المائة في السنوات القليلة الماضية.
وفي مارس (آذار) الماضي، أعلنت جمعية الصناعيين اللبنانيين حالة طوارئ صناعية بعد تراجع الصادرات اللبنانية، نتيجة إغلاق الحدود البرية بين سوريا والأردن، وبالتالي قطع الطريق على الصادرات من لبنان، نحو مليار ونصف مليار دولار (من 3.6 مليار دولار إلى 2.1 مليار)، وبعد وصول ميزان العجز التجاري إلى رقم كارثي غير مسبوق يناهز 17 مليار دولار، باعتبار أن لبنان يستورد 75 في المائة من حاجاته والمقدرة بـ20 مليار دولار، فيما لا يصدر إلا ما قيمته 3 مليارات دولار.
وبحسب وزير الاقتصاد السابق رائد خوري الذي أشرف على وضع خطة «ماكينزي»، فإن هذه الخطة تقوم بشكل أساسي على النهوض بالقطاعات الإنتاجية، بعدما ثبت أن النمط الاقتصادي القائم منذ عشرات السنوات لا يمكن أن يستمر لأنه يعتمد على عامل واحد هو التحويلات الخارجية لتمويل العجز والدين العام. وشدد خوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «عدم إمكانية الاستمرار بإدارة البلد بغياب رؤية اقتصادية واضحة، خصوصاً بعد إقرار موازنة تقشفية ستؤدي إلى تراجع المصروف ما سينعكس مباشرة على نسبة النمو المهددة بأن تصبح دون 1 أو 2 في المائة في حال لم تنصرف الحكومة مباشرة بعد إقرار الموازنة لإقرار خطة اقتصادية متكاملة تؤمن النهوض بالاقتصاد من خلال دعم القطاعات الإنتاجية».
وطرح وزير الاقتصاد الحالي منصور بطيش أخيراً ولدعم الصناعات والمنتجات اللبنانية فرض رسم استثنائي موحد قدره 3 في المائة على الواردات، يؤمن من خلاله بعض الدعم والتحفيز للقطاعات الإنتاجية.
ويعتبر الخبير المالي والاقتصادي غازي وزنة أنه خلال العقدين الماضين تم تهميش القطاعات الإنتاجية على حساب القطاعات الريعية، ما أدى إلى إقفال عدد كبير من المؤسسات الصناعية وصرف عدد كبير من الموظفين، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن السياسة الاقتصادية المتبعة منذ عام 1992 أثبتت فشلها، لأنها أدت إلى تهجير الطاقات الشبابية الإنتاجية وزيادة معدلات البطالة التي بلغت أكثر من 35 في المائة، ما بات يستدعي بإلحاح العمل على تطوير الاقتصاد من ريعي إلى إنتاجي. وأضاف: «هذا التطوير يقوم وكما نصت دراسة (ماكينزي) بشكل أساسي على دعم القطاع الصناعي كي يكون قادراً على المنافسة وتأمين الأسواق الخارجية المناسبة للمنتجات، ولعل أبرز الصناعات التي يتوجب التركيز عليها صناعة الأدوية وقطاع المعرفة القائم على الاتصالات والتكنولوجيا كما تشريع زراعة الحشيشة».
ويطالب الصناعيون كما يطالب المزارعون للنهوض بقطاعاتهم بتخفيض تكلفة الطاقة ومنحهم مزيداً من التسهيلات المصرفية وتخفيض الضرائب، كما بمكافحة الاقتصاد الموازي ووقف عمليات التهريب عبر المعابر البرية والبحرية ومنع الإغراق وتطبيق الاتفاقيات التجارية بشكل عادل ومتوازن على قاعدة المعاملة بالمثل. وتحتل الصين وفق التقديرات الرسمية صدارة الدول التي يلحق الاستيراد منها أضراراً فادحة بالقطاع الصناعي اللبناني، تليها تركيا ومصر والاتحاد الأوروبي.
وإذا كان الصناعيون أعلنوا قبل أشهر قليلة حالة طوارئ، فقد كان المزارعون سبقوهم إليها بعد تراجع عدد العاملين في الزراعة من 19 في المائة إلى 6 في المائة من مجمل القوى العاملة بين عامي 1970 و2015. كما تراجعت حصّة الزراعة من مجمل الناتج المحلّي من 9 في المائة إلى 3 في المائة خلال الفترة نفسها.
ويتخوف رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم ترشيشي من أن تطول السياسة التقشفية التي تعتمدها الحكومة دعم التصدير الزراعي، لما سيكون لذلك من انعكاسات مباشرة على وضع القطاع الذي يرزح تحت صعوبات شتى أصلاً، مشدداً في الوقت عينه على وجوب عدم استباق الأمور وانتظار ما ستؤول إليه الأرقام الرسمية التي ستصدر بعد انتهاء الاجتماعات الوزارية. ويضيف ترشيشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المطلوب النهوض بالقطاع الزراعي لا زيادة حصاره، ونحن نؤيد كل ما ورد في خطة (ماكينزي) في هذا المجال، خصوصاً ما ذكرته بخصوص وجوب تشريع زراعة القنب الهندي (الحشيشة) للاستفادة منه بصناعات طبية».
وللنهوض بالقطاع الزراعي، «لحظت خطة (ماكينزي) رفع إنتاجية صغار المزارعين من خلال اعتماد التكنولوجيا والأساليب الزراعية الحديثة، وتغيير أنواع البذور والاستفادة من الإمكانات التصديرية للمزارعين التجاريين من خلال تحسين معايير الجودة والانتقال إلى المحاصيل ذات القيمة الأعلى».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.