«الابيضاض» يهدد الشعاب المرجانية بالخليج العربي

«الاحترار العالمي» سبب المشكلة و3 سيناريوهات لحلها

«الابيضاض» يهدد الشعاب المرجانية بالخليج العربي
TT

«الابيضاض» يهدد الشعاب المرجانية بالخليج العربي

«الابيضاض» يهدد الشعاب المرجانية بالخليج العربي

قبل نحو عامين كشف باحثون أستراليون أن ظاهرة الاحترار المناخي، تهدد ما يعرف بـ«الحاجز المرجاني العظيم» بالساحل الأسترالي، عبر تحويل لون الشعاب المرجانية إلى اللون الأبيض، وهي الظاهرة التي تعرف بـ«الابيضاض». ومنذ ذلك التاريخ بدأ الكثير من الفرق البحثية حول العالم تدرس انعكاسات الاحترار العالمي على الشعاب المرجانية، وأحدث هذه الجهود كانت لباحثين من جامعة نيويورك - أبوظبي رصدوا انتقال تلك المشكلة إلى مياه الخليج العربي، رغم أن الشعاب المرجانية بها توصف بأنها «الأكثر تحملاً للحرارة في العالم».
- شعاب الخليج
وكشف باحثو جامعة نيويورك - أبوظبي في دراسة نشرت نهاية أبريل (نيسان) الماضي في دورية «فرونتيرز إن مارين ساينس»، أن الشعاب المرجانية في مياه الخليج العربي ليست منيعة أمام حالات الارتفاع الشديد في الحرارة المرتبطة بظاهرة الاحترار العالمي، والتي ألحقت الضرر بالشعاب المرجانية في أماكن أخرى من العالم، مسببة ظاهرة «الابيضاض». وتتحول الشعاب المرجانية للون الأبيض حين تتسبب الحرارة الشديدة في طردها لطحلب بحري يعيش داخل أنسجتها ويسمى «زوزانتلا»، والذي يعمل على تزويد الشعاب بلونها، كما يُعد مورداً غذائياً سهلاً بفضل عملية التركيب الضوئي التي تمد الشعاب بـ90 في المائة من طاقتها مما يسمح لها بالنمو والتكاثر. وعزا الباحثون حدوث المشكلة إلى غياب الرياح الصيفية الخفيفة، المعروفة بـ«رياح الشمال»، والتي لم تعد كافية لتبريد سطح المياه في الخليج العربي، لتصل إلى درجات حرارة تعتبر قاتلة للشعاب المرجانية على امتداد فترات الصيف.
وقالوا إن استمرار ظاهرة الاحترار العالمي، من المتوقع نظرياً أن تبقي الشعاب المرجانية في الخليج عرضة لخطورة الابيضاض في حال أثرت على رياح المحيط الهندي الموسمية، التي تمهّد لرياح الشمال في هذه المنطقة. وتوصل الفريق البحثي لهذه النتيجة بعد أن قاموا بجمع وتحليل البيانات من ثلاث مستعمرات مرجانية كبرى موجودة في مياه أبوظبي جنوب الخليج، وهي جزيرة السعديات (بجوار موقع جامعة نيويورك أبوظبي)، ورأس غناضة، والضبعية، حيث تتمتع هذه المواقع الثلاثة بنفس العمق والبُعد عن الشاطئ، وتعتبر من أكثر التجمعات المرجانية غزارة في القسم الجنوبي من الخليج العربي.
- نموذج رياضي
وصمم الباحثون نموذجا رياضيا يصف الطاقة التي تتدفق عبر عمود الماء، واستطاعوا من خلاله إعادة إنتاج البيانات المرصودة وكشف النقاب عن أن الرياح الشمالية يمكن أن تحقق خلال أشهر الصيف أكثر من 300 واط لكل متر مربع من التبريد التبخيري، وهي طاقة تبريدية تنافس طاقة معظم أنظمة تكييف الهواء.
يقول جون بيرت الأستاذ المساعد في البيولوجيا لدى جامعة نيويورك أبوظبي في بيان «مع الحرمان من هذه الطاقة التبريدية تعرضت الشعاب المرجانية إلى درجات حرارة تتجاوز العتبة الحرارية التي اكتسبتها خلال مراحل تطورها، ما أدى إلى ظاهرة الابيضاض». ويضيف «أصبحت ظاهرة الابيضاض تظهر بتواتر متزايد في الخليج العربي خلال العقود الأخيرة، وكان صيف عام 2017 واحداً من المواسم الأكثر سوءاً التي تم تسجيلها».
وهذه ليست الدراسة الأولى التي يجريها بيريت وفريقه البحثي حول الظاهرة، حيث سبق أن كشف، بالتعاون مع هيئة البيئة - أبوظبي، عن خسارة أكثر من ثلاثة أرباع الشعاب المرجانية في جنوب الخليج العربي بين صيف 2017 وربيع 2018. لأسباب متعلقة بالابيضاض وتفشي الأمراض اللاحقة لذلك، ونُشرت نتائج تلك الدراسة في صحيفة «كورال ريفز».
وقال بيرت «نواصل من خلال تعاوننا مع هيئة البيئة – أبوظبي مراقبة هذه الشعاب بحثاً عن علامات تدل على التعافي طويل الأمد، حيث تتمتع الشعاب المرجانية في هذه المنطقة بأهمية بيولوجية كبيرة للغاية، حيث إنها أكثر الأنظمة البيئية تنوعاً حيوياً ضمن هذه المنطقة الجافة المجدبة، كما أنها تشكل مورداً اقتصاديا هاماً لسكان الساحل كونها تمثل بيئة حاضنة ومرعى لأنواع كثيرة من الأسماك ذات الأهمية التجارية».
ويعد التعافي الطبيعي هو أحد السيناريوهات التي يمكن أن تكون سببا في استرداد الشعاب المرجانية للونها المميز، لكن هذا يحتاج إلى انخفاض درجات حرارة الماء بسرعة، وبما يكفي للسماح للطحالب بإعادة استعمار الشعاب المرجانية، كما يقول د. محمد عاشور، الباحث بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بمصر.
ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «إذا لم يحدث ذلك، فإن السيناريو الآخر هو أن الشعاب المرجانية المتضررة من الممكن أن تتعافى عن طريق إعادة بنائها بشكل كامل».
وتوجد طريقتان لإعادة البناء يشير إليهما د. عاشور، وهما تقنية تعرف باسم «التطور المساعد»، وفيها يتم تربية أنواع شعاب مرجانية أكثر تحملا لتغيرات المناخ، كما أن هناك أيضا تقنيات تعرف باسم «زراعة المرجان الناشئة» التي يتم خلالها تنمية الشعاب المرجانية في المختبر وإعادة زراعتها مرة أخرى في البحر.


مقالات ذات صلة

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
بيئة جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

تشكل الفكرة القائلة إنّ «المناطق الزرقاء» المشهورة في العالم بطول عمر سكانها وارتفاع نسبة المعمرين فيها، مجرد خدعة تستند إلى بيانات غير صحيحة؟

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثّلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً