الجيش الوطني يتقدم جنوب طرابلس ويفتح جبهة قتال في سرت

«يونيسيف» تطالب بتوفير دعم مالي لتلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين في ليبيا

قوات من مدينة مصراتة موالية لحكومة السراج خلال توجهها إلى العاصمة طرابلس للمشاركة في المعارك (رويترز)
قوات من مدينة مصراتة موالية لحكومة السراج خلال توجهها إلى العاصمة طرابلس للمشاركة في المعارك (رويترز)
TT

الجيش الوطني يتقدم جنوب طرابلس ويفتح جبهة قتال في سرت

قوات من مدينة مصراتة موالية لحكومة السراج خلال توجهها إلى العاصمة طرابلس للمشاركة في المعارك (رويترز)
قوات من مدينة مصراتة موالية لحكومة السراج خلال توجهها إلى العاصمة طرابلس للمشاركة في المعارك (رويترز)

فتح المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، جبهة قتال جديدة بإرسال وحدات من الجيش إلى مدينة سرت الساحلية، وسط توقعات باندلاع معارك ضد القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج، وذلك بعد ساعات قليلة من مطالبة مجلس الأمن الدولي بحل سياسي للأزمة في البلاد.
وشهد يوم أمس تقدماً لافتاً لقوات الجيش الوطني جنوب طرابلس، لا سيما في محور العزيزية.
ونقل موقع {بوابة افريقيا} الإخباري معلومات تفيد باستخدام كافة أنواع الأسلحة في الاشتباكات، مضيفاً أن الجيش بقيادة المشير حفتر {يستهدف التشكيلات المسلحة من 3 محاور وهي محور جنوب العزيزية حيث يتقدم الجيش من الهيرة باتجاه مركز المدينة أما المحور الثاني فهو محور شرق مدينة العزيزية من جهة اولاد تليس أيضاً باتجاه العزيزية المدينة بينما المحور الثالث هو محور الطويشة حيث يتقدم الجيش إلى شمال العزيزية (الساعدية و التوغار وكوبري الزهراء)}.
وقصفت طائرات موالية «للجيش الوطني» عدة مواقع للميليشيات المسلحة في ساعة مبكرة من صباح أمس، في محور وادي الربيع وعين زارة، حيث تحاول قوات الجيش تحطيم الدفاعات المستميتة لقوات السراج هناك. كما جرت معارك عنيفة بين الطرفين باستخدام مختلف الأسلحة الثقيلة في محور مطار طرابلس، والطريق المؤدي إليه.
وكانت مصادر عسكرية قالت لوسائل إعلام محلية، أول من أمس، إن قوات كبيرة من «الجيش الوطني» توجهت إلى مدينة سرت، التي تعد مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، مشيرةً إلى أن هذا التحرك مرتبط أيضاً بخطة الجيش لـ«تحرير» العاصمة طرابلس، وبالمعارك التي تدور حول تخومها منذ الرابع من الشهر الماضي.
ولم يعلن المشير حفتر رسمياً عن تحريك القوات. لكنّ لقطات مصورة وزّعها بعض وحدات الجيش المشاركة في هذا التحرك أظهرت آليات عسكرية وجنوداً متوجهين إلى المدينة في الساعات الأولى من صباح أمس.
وكانت القوات الموالية لحكومة السراج في سرت قد نفت على مدى اليومين الماضيين وجود أي قوات تابعة لـ«الجيش الوطني» على مشارف سرت، وأعلنت عن نشر دوريات في مختلف ضواحي المدينة.
في غضون ذلك، أعلنت ألمانيا على لسان أوليفر أوتشازا، سفيرها لدى ليبيا، عن تأييدها الكامل لوقف إطلاق نار فوري في ليبيا لأسباب إنسانية، ووقف الأعمال القتالية، وعودة أطراف النزاع إلى وساطة سياسية تقودها الأمم المتحدة. وقال أوليفر أمس، في تغريدة عبر وقع «تويتر» إن هذا الموقف جاء بعد مشاورات مجلس الأمن بالأمم المتحدة، أول من أمس، بشأن ليبيا.
ومن المقرر أن يستقبل ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلنطي (ناتو)، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، داخل مقر الحلف، غداً، حيث سيحضر سلامة أيضاً اجتماعاً لمجلس شمال الأطلنطي، وفقاً لبيان أصدره الحلف.
ويُجري سلامة حالياً جولة في العواصم الأوروبية لمناقشة طرق الوقف الفوري للقتال في ليبيا، واستعادة الحوار السياسي في ليبيا، علماً بأن الأمم المتحدة فشلت في التوسط لوقف إطلاق النار بعد الهجوم المباغت.
ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن سلامة ظل في أغلب الوقت في ليبيا، لكن تم تقليص عدد موظفي بعثة المنظمة بشكل كبير.
من جانبها، طالبت منظمة «يونيسيف» بتوفير 5.5 مليون دولار بشكل فوري لتلبية الاحتياجات في ليبيا، جراء المعارك الجارية حول طرابلس.
وقال مكتب «يونيسيف» في بيان، مساء أول من أمس، إنه «لتتمكن المنظمة من مواصلة الاستجابة العاجلة وتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان المتأثرين بالنزاع في طرابلس وغرب ليبيا، ومع وجود عجز يصل إلى 4.78 مليون دولار، تطالب وبصورة فورية بالحصول على 5.5 مليون دولار».
وقامت «يونيسيف» بنقل إمدادات إضافية، بنحو 17.8 طن من إمدادات الطوارئ الغذائية والصحية جواً لمواصلة الاستجابة لحالات الطوارئ في ليبيا. وتعد هذه الإمدادات أساسية لتتمكن «يونيسيف» من الاستمرار في دعم الأطفال والعائلات المتضررة من النزاع الجاري.
وقال عبد الرحمن غندور، الممثل الخاص لـ«يونيسيف» في ليبيا: «حتى الآن نزح أكثر من 60 ألف شخص، بينهم آلاف الأطفال، ونقل الإمدادات جواً يمثل جزءاً من جهود الاستجابة السريعة لتلبية الاحتياجات المتزايدة لما يقارب 575 من الأسر المتضررة من النزاع، والأسر النازحة مع أطفالهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم