لبنان يتوقع موسماً سياحياً مزدهراً بعد قرارات خليجية برفع حظر السفر

جانب من مدينة عاليه
جانب من مدينة عاليه
TT

لبنان يتوقع موسماً سياحياً مزدهراً بعد قرارات خليجية برفع حظر السفر

جانب من مدينة عاليه
جانب من مدينة عاليه

يترقب اللبنانيون بشغف عودة الخليجيين للاصطياف في لبنان، بعد رفع المملكة العربية السعودية حظر سفر مواطنيها عن زيارة لبنان، وإعلان سفير الإمارات في بيروت أن الإمارات ستتخذ الخطوة نفسها.
وقالت مصادر سياسية إنّ موقف الرياض سينسحب على معظم دول الخليج، مشيرة إلى أن هناك تقديرات حول أعداد كبيرة من السعوديين يستعدون لزيارة لبنان.
ويؤكد بعض السياسيين اللبنانيين العائدين من الرياض أن عودة السعوديين للاصطياف في لبنان قائمة والاستعداد من قبل الدولة اللبنانية جارٍ على قدم وساق.
ويقول مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تداولاً في مجلس الوزراء لعقد جلسة خاصة من قبل الوزراء المعنيين بالسياحة وقطاع الخدمات تخصص للتحضير للموسم السياحي ووضع كل الإجراءات والخطوات الآيلة لإنجاح هذا الموسم من خلال المطار أو الحدود أو على مستوى الخدمات وكل مرافق الدولة. في السياق، يقول عضو اللقاء الديمقراطي النائب نعمة طعمة لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤشرات الحالية تؤكد أن عودة الخليجيين لا سيما الأشقاء السعوديين إلى لبنان، ستكون مدار ترحيب من كل اللبنانيين على حد سواء، لأن للسعوديين ممتلكات ومنازل في قرى وبلدات الاصطياف، إضافة إلى تاريخ حافل في الاصطياف من عاليه إلى بحمدون وصوفر وحمانا والشوف وبرمانا وبيت مري وغيرها، حيث تعتبر الروابط الوثيقة بين الشعبين مدخلاً أساسياً لقضاء الرعايا السعوديين إجازاتهم في لبنان بعد عيد الفطر المبارك». وتوقع طعمة أن تكون مرحلة ما بعد عيد الفطر «منطلقاً لموسم سياحي واعد يؤكد أن لبنان ما زال البلد الذي يفضله السعوديون والخليجيون لما يجمعهم من علاقة تاريخية وصداقات سياسية واجتماعية».
ويتمنى النائب طعمة أن تقوم الحكومة بخطوات وإجراءات فاعلة لإنجاح هذا الموسم، وذلك من خلال تأمين كل مقومات موسم السياحة، لا سيما أن لبنان ينعم باستقرار داخلي عبر دور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية في الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار.
ويقول رئيس بلدية عاليه وجدي مراد لـ«الشرق الأوسط»: «إن مدينة عاليه متأهبة لاستقبال موسم الاصطياف، وهي في جهوزية تامة على مستوى البنى التحتية والفنادق والمطاعم والمقاهي والمتنزهات وكل ما تحتاجه السياحة والاصطياف».
ويؤكد مراد أنه بدأ يلمس أن هذا الموسم سيكون واعداً بعد قرار السعودية رفع الحظر عن رعاياها، «وهذا ما أثلج صدورنا، إذ سيسري ذلك على سائر دول الخليج، ما يعيد أيام الفرح والبهجة ومواسم العز إلى مدينة عاليه وسائر قرى وبلدات الاصطياف، لا سيما أننا في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا من أزمات اقتصادية ومعيشية، نحتاج إلى جرعات أمل وموسم الاصطياف يشكل حلقة متكاملة على المستوى الاقتصادي ويسهم في دعم خزينة الدولة ويخلق فرص عمل للشباب في ظل البطالة القائمة»، لافتاً إلى أن السعوديين والخليجيين يعرفون لبنان حق المعرفة ولهم فيه ذكريات ويتوقون للعودة إليه، «وهذا ما أسمعه منهم وتردنا اتصالات كثيرة من قبلهم يتمنون خلالها للبنان الأمن والسلام والاستقرار كي يعودوا إليه كما السابق».
وعلى خط موازٍ، ثمة ورشة قائمة في وزارة السياحة وفي قرى وبلدات الاصطياف للتجهيز والاستعداد للموسم المقبل. وتشير أرقام مكاتب السياحة والسفر إلى أن الحجوزات كبيرة بعد عيد الفطر، إضافة إلى أعداد أخرى من المغتربين اللبنانيين القادمين من كندا وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية ودول الاغتراب بشكل عام.
ويؤكد مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط» أن «الأجواء إيجابية على صعيد ما ينقل إلينا من قدوم أعداد كبيرة من السعوديين والخليجيين»، متمنياً أن يجتاز لبنان ملف الموازنة بعيداً عن الخلافات وإقرارها في ظل إجماع سياسي.
وقال المصدر: «كل ذلك يؤدي إلى إضفاء أجواء إيجابية تكون لها انعكاسات مريحة على الموسم السياحي»، مضيفاً: «إنّنا نسمع من سفراء دول الخليج كلاماً يحمل على الطمأنينة ويؤكد وصول أعداد كبيرة من المصطافين بعد عيد الفطر، وبعض منهم بدأ يصل إلى لبنان، والسفارات الخليجية مستنفرة في هذا الموسم للسهر على راحة رعاياها وهي تتواصل وتنسق مع المسؤولين اللبنانيين في مختلف الوزارات والقطاعات والمؤسسات».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.