صانع فوانيس مصرية ضخمة يسعى لدخول «غينيس»

حسن فوزي يحترف صناعة الفوانيس الضخمة منذ أكثر من 35 سنة
حسن فوزي يحترف صناعة الفوانيس الضخمة منذ أكثر من 35 سنة
TT

صانع فوانيس مصرية ضخمة يسعى لدخول «غينيس»

حسن فوزي يحترف صناعة الفوانيس الضخمة منذ أكثر من 35 سنة
حسن فوزي يحترف صناعة الفوانيس الضخمة منذ أكثر من 35 سنة

يمثل فانوس رمضان أحد أهم المظاهر الاحتفالية التي يعبر بها المصريون عن فرحتهم بشهر الصوم منذ العهد الفاطمي، وتعد صناعة الفوانيس بكافة أشكالها وأنواعها صناعة مصرية خالصة باعتبارها موروثاً شعبياً أصيلاً، ورغم ما تعرضت له هذه الصناعة من تحديات تتعلق باستيراد «الفانوس الصيني»، فإنها سرعان ما استردت عافيتها بعد صدور قرار وزاري عام 2015. بوقف استيراد فوانيس رمضان من كافة دول العالم، والاعتماد على الصناعة المحلية.
ومع قرب نفاد «الفانوس الصيني» من الأسواق والمخازن، يشهد بيع الفانوس المصري التقليدي انتعاشة كبيرة، إذ يتبارى الحرفيون في مختلف أنحاء مصر في تطوير الأشكال والخامات والتصاميم، حتى بالنسبة للفوانيس الكبيرة التي كانت تستخدمها مصر في إنارة الشوارع حتى حلت محلها أعمدة الكهرباء، فأصبحت تستخدم الآن في تزيين الشوارع والميادين والفنادق السياحية.
ويصر «العم حسن فوزي عبد الجابر» على تطوير صناعة الفوانيس الضخمة، ففي الوقت الذي يحرص فيه على إنتاجها بالطريقة نفسها التي يتم تصنيعها منذ مئات السنين، لمنع اندثارها، فإنه يعمل على الإبداع والابتكار في تصنيعها، إلى حد أنه يسعى إلى تصنيع «الفانوس الأضخم» والذي لم يصل إليه حرفي آخر من قبل.
وحول خطوات التصنيع يقول العم حسن لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم بجميع مراحل تنفيذه من «الألف إلى الياء» في ورشتي، لا ألجأ إلى ورشة أخرى لإتمام أي مرحلة، بل أشتري الخامات بنفسي، لأطمئن إلى جودتها».
ويلفت: «يختلف تصنيع الفانوس الكبير عن الصغير في كل شيء، فالصغير سريع الإنتاج، وسهل التصنيع، وأقل في التكلفة، وتُستخدم فيه خامات خفيفة عكس الفانوس الكبير، الذي يتطلب خامات ثقيلة بما تتناسب مع حجمه ووزنه، كما أن وضع تصميم للفانوس الضخم في حد ذاته يعد أمراً صعباً للغاية لما يتطلبه ذلك من ضرورة تحقيق التناسق والتناغم في الحجم والشكل، ومن هنا فإنه يتطلب وقتاً وجهداً أكثر للغاية».
وأثناء حوارنا معه لم يتوقف الرجل عن العمل، ذلك أن الأسابيع التي تسبق رمضان - وفي بدايته ــ تُعد موسماً بالنسبة له، ويشرح طريقة صنع الفانوس، وهو يشير إلى أكوام من الصفيح الذهبي والفضي: «يتم قص الصفيح بعناية ودقة شديدتين، وبطريقة منظمة بحسب التصميم المعد سلفاً للتنفيذ، بمعنى أنه يتم قص المعدن وفقاً لعدد وشكل قطع أجزاء الفانوس المختلفة». ويتابع: «ثم يتم وضعه وتخريمه على شكل نجمة أو لوتس عن طريق (استامبة) أو نموذج ينفذ بالمكبس اليدوي أو الكهربائي، فتدخل أجزاء الفانوس إلى المكبس، لتشكيل وتخريم قطع المعدن المقصوص، ويدخل مرحلة (السمبكة) أي التجميع و(التقفيل)، ثم مرحلة الـ(كردنة) للف الحرف، كي يتم تركيب القطعة فوق الأخرى، ثم مرحلة اللحام بالقصدير».
ويشير العم حسن الذي يمارس حرفة تصنيع فانوس رمضان منذ نحو 35 سنة إلى مجموعة من ألواح الزجاج الملون قائلا: «ثم يأتي دور الزجاج الذي أقوم بتقطيعه بحسب المقاس المطلوب، ووفقاً للتصميم المستهدف، ثم يتم رشه، أو طباعته، وبعدها تتم مرحلة (السندقة)، وهي عملية ثني الحواف المدببة لقطع المعدن، ويتم التجميع لكل القطع وتركيبها فوق بعضها».
ولا يكتفي الرجل الستيني بصناعة الفوانيس الكبيرة، والتي يتجاوز ارتفاع بعضها 4 أمتار ونصف المتر، إنما يعمل الآن على تسجيل رقم عالمي جديد، بصناعة فانوس ضخم يتعدى 10 أمتار يسعى من خلاله إلى دخول موسوعة «غينيس للأرقام القياسية».
ورغم أنه كانت هناك محاولات من حرفيين آخرين بعضهم وصل بارتفاعه إلى ما يتجاوز الـ45 متراً ــ ولم يدخل الموسوعة ــ لكن الفارق أنها كانت عبارة عن مجموعة من فروع المصابيح الكهربائية الخفيفة، التي تحاكي الشكل الخارجي للفانوس، في حين أن ما يسعى إلى تصميمه العم حسن الآن لذلك الغرض هو الفانوس المصري التقليدي، بكل تفاصيله من حيث الشكل والإضاءة والزخارف والخامات.
يقول: «سأصنع فانوساً عملاقاً أدخل به موسوعة غينيس، ربما سأحتاج إلى شركة راعية، وعندما يتحقق ذلك سأجعل منه وسيلة للدعاية لهذه الحرفة وإحيائها».



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.