200 ألف يؤدون صلاة الجمعة الأولى من رمضان في الأقصى

الشرطة الإسرائيلية تهدد بإزالة فانوس القدس الرمضاني من فوق أسوار المدينة

حشود من المصلين في الجمعة الأولى من رمضان في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
حشود من المصلين في الجمعة الأولى من رمضان في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
TT

200 ألف يؤدون صلاة الجمعة الأولى من رمضان في الأقصى

حشود من المصلين في الجمعة الأولى من رمضان في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
حشود من المصلين في الجمعة الأولى من رمضان في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)

على الرغم من سلسلة إجراءات أمنية مشددة وقيود على وصول المصلين من الضفة الغربية ومنع من هم دون 40 عاماً من العمر من حقهم في ممارسة شعائر العبادة، تدفق نحو 200 ألف مواطن من القدس ومن فلسطينيي 48 وبعض مدن الضفة الغربية وقراها، ومعهم بضع مئات من المسلمين من جنسيات أجنبية، إلى المسجد الأقصى وشاركوا في صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان الفضيل.
وركّز خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد سليم محمد علي، في خطبته، على شهر رمضان وفضائله، وأهمية استثماره في التوبة والتعبّد، ودعا المسلمين والعرب إلى القدوم للأقصى لتكريس مكانته الرفيعة لدى المسلمين ومواجهة القمع الاحتلالي و«مؤامرات التهويد».
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أعلنت أنها ستوسع من حرية العبادة في جمعة رمضان الأولى، وستتيح للمصلين القدوم من الضفة الغربية. ولكنها ميدانياً نكثت بالوعود وفرضت عدداً من القيود التي حالت دون وصول عشرات الألوف الآخرين للصلاة في الأقصى. ففي ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة، حضرت قوة احتلالية إلى المسجد وسلّمت المدير العام للأقصى الشيخ عمر الكسواني بلاغاً للتحقيق في مقر «القشلة». وفرض الاحتلال أيضاً إجراءات مشددة عدة، منذ ساعات الصباح، من خلال الانتشار الواسع لعناصر الأمن والدوريات العسكرية والشرطية في مختلف أنحاء المدينة المقدسة، خاصة على الحواجز العسكرية الثابتة على المداخل الرئيسية للقدس، وعلى طول مقاطع جدار الضم والتوسع العنصري المُلتف حول المدينة، ووسط القدس وعلى بواباتها القديمة وبالقرب من أبواب المسجد الأقصى الرئيسية (الأبواب الخارجية). وأعلنت قوات الاحتلال كذلك عن منع سكان الضفة الغربية في جيل ما دون الأربعين، من الوصول إلى الأقصى. وشددت في تنفيذ الأمر، لدرجة أنها أعادت الأطفال الذين حضروا مع ذويهم إلى الحواجز وخيّرتهم بين ترك أطفالهم أو العودة إلى بيوتهم.
وتسببت هذه الإجراءات بالتوتر، فيما سُجّل اعتداء قوات الاحتلال بالضرب على أحد طواقم الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في منطقة باب الأسباط من أبواب القدس القديمة، بعد محاولة إدخال سيارة إسعاف لنقل أحد المرضى في منطقة باب الأسباط.
وأغلقت سلطات الاحتلال محيط سور القدس التاريخي، والطرقات والشوارع المؤدية إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى، والتي شملت إغلاق الشوارع في حي راس العامود ببلدة سلوان، وطريق أريحا وحي واد الجوز، ومفرق شارع المحكمة، وشارع السلطان سليمان، وشارع نابلس، ومفرق باب العامود- مقطع القطار، ومفارق جورة العناب، وباب المغاربة، فضلاً عن إغلاق الشوارع الرئيسية الفاصلة بين شطري المدينة المقدسة، وأهمها شارع رقم واحد، وأجزاء من حي الشيخ جراح وسط المدينة.
وبلغ التوتر أوجه عندما اقتحمت قوات الشرطة الإسرائيلية وطواقم بلدية الاحتلال في القدس، أمس، مقر جمعية «برج اللقلق» الملاصقة لسور القدس التاريخي من جهة باب الساهرة داخل البلدة القديمة في القدس المحتلة، بهدف إزالة «فانوس القدس الرمضاني»، الذي تمت إضاءته ليلة أمس بمشاركة واسعة من المواطنين والشخصيات الاعتبارية. وبعدما تصدى لها أبناء الحي ومجلس إدارة المؤسسة، اضطرت قوات الاحتلال إلى التراجع عن إزالة الفانوس مع إبقاء التهديدات بإزالته خلال الأيام القادمة.
في المقابل، استقبلت دائرة الأوقاف الإسلامية واللجان المساندة مثل الكشافة واللجان الصحية والإغاثية والتطوعية، ولجان الحارات والأحياء في القدس القديمة، عشرات الآلاف من المصلين وساعدت في التخفيف عنهم من أعباء إجراءات الاحتلال. وخصصت الأوقاف مصلى الصخرة المشرفة وباحات صحنها وبعض اللواوين لصلاة النساء، بينما تم تخصيص سائر المصليات والباحات لصلاة الرجال.
وكما في كل أسبوع، نظم أهالي الضفة الغربية في عدة مواقع مسيرات ومظاهرات سلمية تم فيها رفع الشعارات المنددة بالاحتلال وباعتداءات المستوطنين ومشروعات التهويد والإغلاق بالجدار العنصري وغير ذلك. وفي كفر قدوم أصيب طفل بعيار معدني والعشرات بالاختناق خلال قمع جيش الاحتلال للمسيرة الأسبوعية التي تنظّم فيها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.