تنبيهات على «واتساب» للسوريات بعدم استخدام المساجد لأغراض اجتماعية

طالبتهن بعدم تحويل أماكن العبادة إلى حفلات استقبال وبحث عن عرائس

تنبيهات تسخر من بعض طبائع التجمعات النسائية يجري تداولها على نطاق واسع في مجموعات «واتساب» بالتصرفات غير المحبذة في دور العبادة (غيتي)
تنبيهات تسخر من بعض طبائع التجمعات النسائية يجري تداولها على نطاق واسع في مجموعات «واتساب» بالتصرفات غير المحبذة في دور العبادة (غيتي)
TT

تنبيهات على «واتساب» للسوريات بعدم استخدام المساجد لأغراض اجتماعية

تنبيهات تسخر من بعض طبائع التجمعات النسائية يجري تداولها على نطاق واسع في مجموعات «واتساب» بالتصرفات غير المحبذة في دور العبادة (غيتي)
تنبيهات تسخر من بعض طبائع التجمعات النسائية يجري تداولها على نطاق واسع في مجموعات «واتساب» بالتصرفات غير المحبذة في دور العبادة (غيتي)

مع أن أبو فراس (سبعيني) يعتقد أن «صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد» إلا إنه لا يمنع زوجته من الذهاب لأداء صلاة التراويح في «جامع بدر» بحي المالكي الراقي في دمشق، لأنها، حسب قوله، تعود من «الصلاة بنفس نشيطة وراضية» بعد يوم من التعب تقضيه في المطبخ لتحضير طعام الإفطار، فهي فرصة للعبادة ورؤية بناتها المتزوجات وحفيداتها وصديقاتها بعيداً عن البيت. إلا إن أبو فراس الراضي عن سلوك زوجته الستينية، لا يبدو كذلك مع بناته وحفيداته، فيكثر من انتقاداته لهن حول تبرجهن وتعطرهن الظاهر.
فقد كشفت قائمة تنبيهات طريفة تحدد غير المستحب من سلوكيات النساء في الجوامع، عن خلاف بين فريق يدعوا لصلاة المرأة التراويح في بيتها، وفريق يؤكد على أنه لو كان ممنوعاً على النساء الصلاة في الجامع لما تم تخصيص مكان لهن فيه. ومن غير المعقول أن تحرم النساء من طقوس رمضانية تنتظرها عاماً كاملاً. وتقول لميس (40 عاماً): «المسجد يكاد يكون الفسحة المجانية الوحيدة الباقية لنا للتنفس في دمشق»، مشيرة إلى تراجع عادات تبادل العزومات على الإفطار بين الأقارب واقتصارها على أول أيام الشهر ضمن العائلة الكبيرة، لأن «تكاليف المائدة الرمضانية باهظة»، وكذلك الذهاب إلى المطاعم والمتنزهات. والسؤال الذي تطرحه لميس: «إلى أين نذهب وأين يلتقي بعضنا بعضاً دون أن نتكبد مصاريف لا طاقة لنا بها»، وما المانع في «أن نلتقي على طاعة الله في بيته ونصل الأرحام».
أما عن الظواهر السلبية الناجمة عن تجمعات نسائية فيها من مختلف المستويات والطبائع الاجتماعية، فتقول: «إنها أمر عادي يمكن التغلب عليه بالنصح لا بالمنع والاستهزاء».
وتتضمن التنبيهات التي تسخر من بعض طبائع التجمعات النسائية، ويجري تداولها على نطاق واسع في مجموعات «واتساب» و«فيسبوك»، 17 تنويهاً بالتصرفات غير المحبذة في دور العبادة؛ منها أن الجامع ليس مكاناً للبحث عن عرائس للأبناء، وأيضاً الكف عن تبادل وصفات الحلويات والأطعمة بصوت مرتفع، فالمصلون الرجال حفظوها من خلف الستار، وعدم اصطحاب الأطفال لأن ضجيجهم يزعج الجميع، وعدم فتح سير مطولة وتبادل النمائم في المسجد، لأن «اللغو في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الهشيم». وعدم المبالغة في المكياج خشية أن يسيح في حال الانفعال والخشوع فـ«الصلاة في المسجد ليست حفلة عرس»، وعدم الشجار على الكراسي المخصصة لمن لا تستطيع السجود؛ إذ لا يوجد «حجز مسبق»، وعدم إحضار الحلويات والمسليات إلى الجامع «نعرف أنك ست بيت شاطرة، لكن لا يجوز الأكل أمام الآخرين»، والأهم؛ «إذا كان فطورك فتة بثوم فلا داعي لمجيئك إلى المسجد لا أنت ولا زوجك حتى لا يدوخ المصلون من الرائحة» و«ارتداء ملابس نظيفة خالية من روائح المطبخ والبصل والتوم» إلا إن أطرف التنبيهات كانت: «أثناء السجود ادعي بصوت منخفض، ولا تدعي على بنت حماك وسلفتك وغيرهما».
الحاج أبو محمود أكد أنه اضطر لمغادرة المسجد في المزة قبل إتمام عدد ركعات التراويح لأن «ضجيج الأطفال، وصرخات النساء بقول آمين، ورائحة العطور النفاذة»، شتته ومنعت عنه الخشوع أثناء الصلاة.
التنبيهات التي أضحكت بعض النساء، خصوصاً ممن يزعجهن تحول المسجد أثناء صلاة التراويح إلى ما يشبه حفل استقبال نسائياً، أغضبت فريقاً آخر منهن؛ إذ اعتبرن أن كاتبها رجل يكره النساء. ميادة؛ سيدة دمشقية تسكن في مشروع دمر، وتؤكد أنها من سنوات طويلة لم تنقطع عن صلاة التراويح خلال شهر رمضان، وتلاحظ ازدياد إقبال النساء، لا سيما ربات المنازل، على صلاة التراويح، وترد ذلك إلى أنها المجال الوحيد للمرأة للخروج من البيت والراحة من أعباء المنزل في الشهر الفضيل، لكنها تعيب على بعض الأمهات اصطحاب الأطفال، وترى أنه من الأفضل لو مكثن في البيت حتى لا يكونوا مصدر ازعاج للآخرين، وتقول: «مرافقة الطفل إلى الجامع تعني إحضار حقيبة طعام وشراب لتسليته وتسكيت ضجيجه، فيتحول المسجد إلى مكان ترفيه لا مكان عبادة، وهذا لا يجوز» وتشير إلى أن بعض النساء «يذهبن بغرض التسلية مع الجارات، أو غيرة منهن، وهذا لا يجوز».



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.