«داعش» يوحد أكراد العراق وسوريا وتركيا وإيران.. لكن التصدعات باقية

دبلوماسي غربي: الانقسامات عميقة جدا

مقاتل من حزب العمال الكردستاني في موضع رفع فيه علم الحزب في بلدة مخمور جنوب غرب أربيل (أ.ف.ب)
مقاتل من حزب العمال الكردستاني في موضع رفع فيه علم الحزب في بلدة مخمور جنوب غرب أربيل (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يوحد أكراد العراق وسوريا وتركيا وإيران.. لكن التصدعات باقية

مقاتل من حزب العمال الكردستاني في موضع رفع فيه علم الحزب في بلدة مخمور جنوب غرب أربيل (أ.ف.ب)
مقاتل من حزب العمال الكردستاني في موضع رفع فيه علم الحزب في بلدة مخمور جنوب غرب أربيل (أ.ف.ب)

وضع أكراد العراق والبلدان الثلاثة المجاورة خلافاتهم جانبا، وتوحدوا على قتال مسلحي «داعش»، لكن هذه الوحدة الحديثة تعاني من تصدعات، ولا يرجح أن تدوم طويلا.
وعلى خطوط التماس مع إقليم كردستان العراق وأجزاء من سوريا، انخرط مقاتلون أكراد من تركيا وإيران مع قوات البيشمركة العراقية ومقاتلين أكراد سوريين، للقتال ضد «داعش» في هذه المناطق التي غالبية سكانها من الأكراد. لكن تحالفهم ينظر إليه على أنه لا يزال ضعيفا ومن غير المعروف إن كان سيصمد لفترة طويلة.
وقال هامير كمال علاء، وهو قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، إن تنظيم «داعش» هو «عدو مشترك... ومواجهة إرهابهم جمعنا سوية». وأضاف، متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية من على قمة جبل، حيث تتمركز قوات البيشمركة، أن «الخطر الذي يمثله عناصر (داعش) كبير، ومن الضروري لنا أن نتعاون».
وتخوض قوات البيشمركة قتالا ضد «داعش» على عدة جبهات في العراق، مدعومة بغطاء جوي أميركي، وتجهيزات عسكرية دولية، فيما تقاتل ما يسمى وحدات حماية الشعب الكردي السورية مسلحي «داعش» في داخل سوريا. وعملت هذه الوحدات على حماية وإجلاء آلاف الإيزيديين الذين حاصرتهم عناصر «داعش» في جبل سنجار شمال العراق.
وقال سيامند عثمان، وهو مقاتل كردي سوري يقوم بحماية نقطة عبور فيشخابور، الواقعة على الحدود العراقية السورية: «قبل الأزمة كانت هناك مشكلات بين البيشمركة ووحدات حماية الشعب، لكن الآن الأمور تختلف».
بدوره، شارك حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) الذي يتمركز في جبال كردستان العراق في قتال «داعش» في مناطق مخمور وقدم مساعدة لقوات البيشمركة. وقال ريناس مروان، وهو أحد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في مخمور: «قوات البيشمركة تتمركز خلف الجبل، تقدم لنا الإسناد وترسل لنا الأسلحة».
وحزب العمال الكردستاني الذي تتمركز قواته في شمال العراق، خاض حركة تمرد ضد السلطات التركية منذ عام 1984 مطالبا بحكم ذاتي، وقد صنف في قائمة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة، لكنه بدأ في عام 2012 محادثات سلام.
كما أعلن حزب الحياة الحرة (بيجاك)، وهي الجماعة الكردية الإيرانية التي قاتلت ضد القوات الإيرانية، أنها ستنشر مقاتليها قرب بلدة جلولاء الواقعة شرق العراق، حيث تخوض قوات البيشمركة الكردية حاليا معارك لاستعادة السيطرة عليها.
وحتى لو استمرت هذه الوحدة الهشة، فمن غير الواضح ما ستؤول إليه، وإن كان يمكن أن تجمع الكرد من أجل تحقيق حلمهم في تأسيس دولة خاصة بهم. ففي الوقت الذي يتمتع أكراد العراق بالحكم الذاتي، ويسيطر أكراد سوريا على مناطق انتشارهم، تختلف الحال في إيران وتركيا، كما أن المضي في تشكيل دولة تضم أكراد الدول الأربع مشروع تعارضه حكومات البلدان الأربعة.
ويقول عاطف حسن، وهو ناشط سياسي كردي سوري يعيش في أربيل: «نحن الأكراد لدينا حلم، لكن هذه الحركات الكردية متعطشة للسلطة». بدوره، قال شيروان إبراهيم، وهو ناشط كردي آخر: «على المستوى العسكري فإن هجوم (داعش) دفع المجموعات الكردية إلى العمل سوية، لكن الوحدة في الحروب أسهل من أيام السلم».
وقال دبلوماسي غربي: «أظن أن الانقسامات ستستمر، إنها عميقة جدا». وأضاف: «إذا كان السؤال هو هل سيتحدون ويساعدون بعضهم في تشكيل دولة كردستان، فإن الجواب هو: لا أعتقد أن النتيجة ستكون كذلك».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.