تراجع مطرد لمؤشري التمويل والودائع في المصارف اللبنانية

رغم ارتفاع إجمالي الأصول إلى عتبة ربع تريليون دولار

صورة أرشيفية للبنك المركزي في لبنان
صورة أرشيفية للبنك المركزي في لبنان
TT

تراجع مطرد لمؤشري التمويل والودائع في المصارف اللبنانية

صورة أرشيفية للبنك المركزي في لبنان
صورة أرشيفية للبنك المركزي في لبنان

سجلت تسليفات المصارف اللبنانيّة الموجهة إلى القطاع الخاصّ (المقيمين وغير المقيمين) انكماشا إضافيا وصلت نسبته إلى 3.46 في المائة خلال الفصل الأوّل من العام الحالي، لتبلغ نحو 57.3 مليار دولار. كما تقلّصت التسليفات بنسبة 2.88 في المائة على صعيدٍ سنويٍّ، ليصل معدلها الإجمالي من ودائع الزبائن إلى 32.37 في المائة، مقابل 33.26 في المائة في بداية السنة المالية، ومقارنة بنسبة 33.7 في المائة في نهاية الفصل الأول من العام الماضي.
ولم تشذ مؤشرات الموارد المالية للجهاز المصرفي عن منحنى الانكماش، برغم تسجيل نمو سنوي شكلي بحدود 1 في المائة فقط في نهاية الفصل الأول من العام الحالي، مقارنة بنظيره من العام الماضي. أي أقل بكثير من كلفة الفوائد على حسابات الادخار والتي تناهز متوسط 7 في المائة. وبلغ إجمالي الودائع نحو 177 مليار دولار، لتسجل تراجعا نسبته 0.82 في المائة قياسا ببداية العام. وجاء التراجع نتيجة انكماش ودائع القطاع الخاصّ المقيم بنسبة 0.7 في المائة لتصل إلى 135.6 مليار دولار، توازياً مع تدنّي ودائع القطاع الخاصّ غير المقيم بنسبة 2.13 في المائة لتصل إلى 36.92 مليار دولار.
ورغم التراجع المطرد على جانبي التمويل والادخارات، بينت إحصاءات البنك المركزي ارتفاعاً بنسبة 1.31 في المائة في الميزانيّة المجمَّعة للمصارف التجاريّة العاملة خلال الفصل الأوّل من العام الحالي، لتصل إلى 252.75 مليار دولار. وبذلك زاد إجمالي الأصول على صعيدٍ سنويٍّ، بنسبة 12.55 في المائة مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه في نهاية الفصل الأول من العام الماضي بفضل حصيلة العمليات الخاصة مع البنك المركزي والسماح بإعادة تضمين أصول عقارية ثابتة. كذلك ناهزت حسابات رأس المال المجمّعة العائدة للمصارف التجاريّة عتبة 22 مليار دولار في نهاية الشهر الثالث من العام الحالي، مقابل 21.6 مليار دولار للفترة عينها من العام الماضي.
وفي حال احتساب الفوائد المدفوعة والمقبوضة، تزيد معدلات التراجع بعدما كان الجهاز المصرفي متميزا في تحقيق معدلات نمو تفوق من 3 إلى 5 أضعاف نسبة نمو الناتج المحلي. وبذلك تدل الإحصاءات المنجزة على ضعف في قدرات المصارف على حفظ التميز بالنمو، في ظل انحدار نمو الاقتصاد إلى الصفر تقريبا، وإلى التأثير المباشر لتأخير إقرار الموازنة العامة للعام الحالي، وتأخير تنفيذ التزامات مؤتمر «سيدر» الذي يؤمل أن يضخ تمويلات بنحو 11.6 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة في حال تنفيذ الحكومة لبرنامجها الإصلاحي، وفي مقدمها خفض عجز الموازنة إلى 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي البالغ نحو 56 مليار دولار خلال 5 سنوات.
وقد تصرفت الحكومة بخلاف مضمون هذه الالتزامات عبر زيادات الرواتب وزيادة الإنفاق في مجالات متعددة، بما أفضى إلى تضخيم الإنفاق بما يزيد على 3 مليارات دولار، وأدى إلى ارتفاع حصة الرواتب للقطاع العام إلى نحو 38 في المائة من إجمالي الإنفاق. وهذا مما ساهم بارتفاع نسبة العجز من 8 في المائة إلى نحو 11.5 في المائة خلال العام الماضي. علما بأن المصارف تحمل في محفظتها التمويلية للقطاع العام ما يوازي نحو 18 مليار دولار من سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، ومثلها من السندات بالعملات الأجنبية. كما توظف نحو 120 مليار دولار لدى البنك المركزي بينها نحو 23 مليار دولار شهادات إيداع بالعملات الأجنبية.
وفي السياق ذاته، سَجَّلَت الأرباح المجمَّعة للمصارف اللبنانيّة الستّة المدرجة أسهمها على بورصة بيروت، انخفاضا بنسبة 5.04 في المائة إلى 307.56 مليون دولار خلال الفصل الأوّل من العام الحالي، مقارنة بنحو 323.87 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام السابق. بينما ارتفع مجموع أصول المصارف الستّة بنسبة 0.52 في المائة خلال الفصل الأوّل من العام الجاري إلى 135.59 مليار دولار، مقابِل 134.88 مليار دولار في نهاية العام 2018، وزادت الأموال الخاصّة المجمّعة بنسبة 1.26 في المائة خلال الفترة المعنيّة إلى نحو 12.35 مليار دولار.
لكن الإشارة الإحصائية الأهم تكمن في تراجع محفظة التسليفات الصافية المجمَّعة لهذه المجموعة التي تضم بينها أربعة من أكبر المصارف اللبنانية من حيث الحجم بنسبة 5.85 في المائة حتّى نهاية الفصل الأول لتصل إلى 31.98 مليار دولار. حيث إن المصارف الستّة شهدت انكماشاً في محفظتها التسليفيّة. وسجل بنك بيروت الانكماش الأكبر في هذا المجال (تراجع بنسبة 11.94 في المائة)، تبعه بنك بيمو (تراجع بنسبة 6.27 في المائة)، بنك عودة (تراجع بنسبة 6.21 في المائة)، بنك لبنان والمهجر (تراجع بنسبة 3.61 في المائة)، البنك اللبناني للتجارة (تراجع بنسبة 2.53 في المائة)، وبنك بيبلوس (تراجع بنسبة 2.42 في المائة). كما تقلّصت محفظة الودائع المُجَمَّعة لدى المصارف الستّة المدرجة بنسبة 0.49 في المائة خلال الفصل الأوّل من العام 2019. إلى 95.80 مليار دولار.
إلى ذلك، وبحسب إحصاءات مصرف لبنان المركزي، تراجع متوسّط الفائدة على الودائع المحررة بالليرة اللبنانيّة إلى 8.75 في المائة في نهاية الفصل الأول للعام الحالي، من 9.16 في المائة في الشهر الذي سبقه، غير أنّه يبقى أعلى بكثير قياسا بالمستوى الذي كان عليه في شهر مارس (آذار) من العام السابق والبالغ حينها 6.64 في المائة. ويرتبط هذا التراجع الشهري بالسقف الذي وضعته جمعيّة مصارف لبنان على الفوائد على الودائع باللّيرة عند مستوى 12 في المائة.
في المقابل، زاد متوسّط الفائدة على الودائع بالدولار الأميركي إلى 5.69 في المائة في نهاية الفصل، مقابل متوسط 4.04 في المائة في الشهر الموازي من العام 2018. كذلك تطوّر متوسّط الفائدة على التسليفات المُعَنونة بالليرة اللبنانيّة إلى 10.58 في المائة، ترافقاً مع ارتفاع متوسّط الفائدة على التسليفات المُحررة بالدولار الأميركي إلى 9.31 في المائة، ليصل بذلك متوسّط الهامش الشهري إلى 157 نقطة أساس ما بين التسليفات والودائع بالليرة اللبنانيّة، وإلى 341 نقطة أساس ما بين التسليفات والودائع بالدولار الأميركي.



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.