روسيا نصحت لبنان بالاتصال مباشرة بالنظام السوري

لتنفيذ مبادرتها لحل أزمة النازحين وتسهيل عودتهم

TT

روسيا نصحت لبنان بالاتصال مباشرة بالنظام السوري

السؤال الذي يدور في أذهان اللبنانيين يتعلق بمصير المبادرة الروسية لمساعدة لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم وهل لا تزال حية أم أنها مجمدة؟
المبادرة أُطلقت في الصيف الماضي، وكرر السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين في أكثر من مناسبة أن سوريا جهّزت قرى وبنى تحتية لاستقبال النازحين. وأكد ممثل وزير الخارجية جبران باسيل، في اللجنة اللبنانية - الروسية أمل أبو زيد في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أن المبادرة الروسية حية وأن روسيا نصحت لبنان بالاتصال المباشر مع النظام السوري، لأن التعاطي معه لحل مشكلات هذا الملف يساعد على معالجة ما يُطرح من صعوبات مادية.
أما النصيحة الثانية، فهي توحيد موقف الفاعليات والتيارات السياسية من موضوع إعادة النازحين لأن ذلك يقوّي الموقف اللبناني في أي تفاوض حول هذا الملف.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري يرفض أي تعاطٍ سياسي مع النظام السوري ويؤيده قادة آخرون مع التذكير بأن الحريري لم يعارض مهمة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بتنظيم رحلات لإعادة النازحين إلى ديارهم بواسطة حافلات وبحراسة مؤمّنة بعد إعطاء الضوء الأخضر لدخولهم إلى الأراضي السورية.
ولفت مصدر متابع لملف النازحين أن عدداً من المسؤولين ومن القوى السياسية غير راضٍ عن هذا التعاطي البطيء، وفي مقدمهم الرئيس ميشال عون الذي أثار مخاوفه من خطورة وضع النازحين ونسبتهم السكانية المرتفعة أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة التي عقدها معه في موسكو، كما طرحها مع الزوار الأجانب لبيروت، لكن ما يثير دهشة عون هو الثناء على حسن الضيافة وأن لبنان من أكثر الدول المضيفة للنازحين السوريين، من غير الإقدام على أي تحرك عملي يعيد أعداداً من هؤلاء إلى ديارهم.
ويعترف مصدر دبلوماسي في بيروت على اطّلاع على ملف النازحين بأن الرئيس السوري بشار الأسد لم يتجاوب مع ما طلبته منه روسيا للتخفيف من الشروط على العائدين كالتساهل في ملف الخدمة العسكرية الإلزامية، لتكون لفترة ستة أشهر مع فترة سماح عن السنوات التي انقضت أو تسوية أوضاعهم بدفع 4000 دولار بدلاً من 8000، ولفت إلى أن موسكو أصبحت بعد قمة عون - بوتين تَعتبر لبنان من الدول المؤثرة ولا يجوز تغييبه عن أي مفاوضات ذات صلة بالأزمة السورية تجري، ودعمت ترشيحه ليكون مراقباً في الاجتماع المقبل لمؤتمر آستانة. وهذا يمنح لبنان الحق في مناقشة بعض المسائل المطروحة كالاتصال المباشر بالقيادة السياسية للتصدي لكل ما يتعارض مع مصلحة لبنان ويهدده.
ورأى المصدر أن عون أصبح يستعمل نمطاً جديداً لإيجاد مخطط مبرمج زمنياً لإعادة النازحين، إذ هدد بالتخلي عن الأمم المتحدة والاتصال المباشر بسوريا، وأجرى أول اتصال رسمي بهذا الصدد لجس النبض لدى استقباله سفير سوريا لدى لبنان.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.