الحكومة العراقية غير المكتملة مهددة بفقدان وزراء

على خلفية اتهامات لأربعة منهم بـ«الفساد» ومخالفة «اجتثاث البعث»

TT

الحكومة العراقية غير المكتملة مهددة بفقدان وزراء

رغم مضي نحو 7 أشهر على تصويت مجلس النواب العراقي على تمرير التشكيلة غير المكتملة لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فإن «حبال» التشكيل لا تزال على «جرار» التوافقات والخلافات السياسية. وما زالت وزارات الداخلية والدفاع والعدل والتربية بانتظار «معجزة» قبول الكتل السياسية بهذه الشخصية أو تلك لشغل مواقعها الشاغرة.
وكان البرلمان العراقي صوّت بالإجماع في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 على تمرير 14 وزيراً في حكومة عبد المهدي. وإلى جانب الشواغر الأربعة الأساسية في التشكيلة، ثمة أنباء وتصريحات نيابية تشير إلى أن بعض الوزراء الحاليين مهددون بالإقالة، بسبب «مخالفتهم شروط الاستوزار».
وقال عضو اللجنة القانونية في البرلمان النائب حسين العقابي، أمس، إن «رئيس الوزراء تسلم أسماء 4 وزراء مطلوبين للقضاء ومخالفين لشروط التعيين من أجل إقالتهم، والكتل السياسية بانتظار رد عبد المهدي للخروج بموقف موحد». وأضاف أن «التهم الموجهة إلى الوزراء متعددة، بضمنها الشمول بالمساءلة والعدالة (اجتثاث البعث)، والفساد، وقضايا جنائية أخرى». ورجح عدم استمرارهم في عملهم التنفيذي «بسبب التهم الموجهة إليهم».
وإذا نجحت الكتل السياسية في إقالة الوزراء الأربعة، فإنها ستقوض حكومة عبد المهدي وتعرضها إلى التصدع، وربما خطر الإقالة في حال فقدت نحو نصف أعضائها، إلا أن عضو اللجنة القانونية الآخر صائب خدر يستبعد وصول الكتل السياسية إلى خيار إفشال الحكومة وإمكانية إسقاطها.
وقال خدر لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الوزراء يتحمل المسؤولية الكبرى، ربما في موضوع التلكؤ في اكتمال تشكيلته، لأنه لا يتخذ مواقف حاسمة وضرورية في مسألة اختيار الشخصيات المرشحة». لكنه لا ينفي «مسؤولية الكتل، والصراعات داخل المكون الواحد على موضوع اختيار من تبقوا من الوزراء، لكن الأجدر برئيس الوزراء ألا يلجأ دائماً لقضية التوافق، ويقوم على الأقل بعرض المرشحين على البرلمان للتصويت، وإن لم يحدث ذلك فسيكون أخلى مسؤوليته».
أما هاشم الحبوبي، نائب الأمين العام لحزب «الوفاق» الذي يتزعمه إياد علاوي، فيضع اللوم على الكتل السياسية في تأخير اكتمال التشكيلة الوزارية. ويقول الحبوبي لـ«الشرق الأوسط» إن «القوى الكردية الثلاث، الحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد وحركة التغيير، تتصارع فيما بينها للحصول على منصب وزير العدل، وكذلك أسامة النجيفي وخميس الخنجر يتصارعان على منصب وزير التربية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى منصب وزارة الداخلية. وهذا كله آخر عملية اكتمال الحكومة».
ورجّح الحبوبي «قبول الكتل السياسية وعادل عبد المهدي المرشح لمنصب وزارة الدفاع من القائمة (الوطنية) برئاسة إياد علاوي». وتوقع أن يقوم رئيس الوزراء «بعرض ما تبقى من أسماء الوزراء على مجلس النواب مطلع الأسبوع المقبل».
وإلى جانب التعقيد المتعلق بقضية اكتمال الحكومة، تنتظر رئيس الوزراء والكتل السياسية مسألة أخرى لا تقل تعقيداً، هي القضية المتعلقة باختيار المرشحين لوكلاء الوزارات والهيئات المستقلة والمديرين العامين، إذ يشغل تلك المناصب عن طريق التعيين بالوكالة، وليس الأصالة، أكثر من 5 آلاف مسؤول، تعهد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في برنامجه الحكومي بالانتهاء من ملف تعيينهم خلال 6 أشهر من توليه المنصب. ويرى الحبوبي أن «ملف التعينات بالوكالة أمر في غاية التعقيد، ولن يكون في مقدور رئيس الوزراء أو الكتل النيابية حسمه الشهر المقبل كما يقولون».
واستبعد عضو «ائتلاف دولة القانون» محمد شياع السوداني، أمس، إمكانية إنهاء ملف إدارة المناصب بالوكالة في المدى القريب. وقال في تصريحات صحافية إن «عدد الدرجات الخاصة إلى الآن مبهم، ويتراوح بين 4 إلى 10 آلاف. الرقم بصراحة غير واضح لدى أعضاء مجلس النواب».
ولفت إلى أن «البرنامج الحكومي ثبّت في 25 أبريل (نيسان) إنهاء ملف الوكالات، وقانون الموازنة أيضاً ثبّت فقرة أو مادة خاصة بحسم الوكالات إلى يونيو (حزيران) 2019. ونحن إلى الآن ننتظر حسم هذا الملف». وأضاف: «في الحقيقة لست متفائلاً بعملية التعاطي مع هذه المناصب المهمة، وأن حسمها سيكون بمهنية أبداً. إنما هي حصص سيتقاسمها الكبار الذين أشرفوا على تشكيل هذه الحكومة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.