«الجيش الوطني» يُسقط طائرة حربية لحكومة طرابلس... والسراج يحشد لدعم أوروبي

كونتي يستبعد «الحل العسكري»... ويشدد على ضرورة العودة إلى الحوار

صورة وزعها مكتب المشير خليفة حفتر لقائد  طائرة «ميراج F1» البرتغالي الجنسية الذي اعتقل في محور الهيرة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
صورة وزعها مكتب المشير خليفة حفتر لقائد طائرة «ميراج F1» البرتغالي الجنسية الذي اعتقل في محور الهيرة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

«الجيش الوطني» يُسقط طائرة حربية لحكومة طرابلس... والسراج يحشد لدعم أوروبي

صورة وزعها مكتب المشير خليفة حفتر لقائد  طائرة «ميراج F1» البرتغالي الجنسية الذي اعتقل في محور الهيرة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
صورة وزعها مكتب المشير خليفة حفتر لقائد طائرة «ميراج F1» البرتغالي الجنسية الذي اعتقل في محور الهيرة جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)

واصلت قوات «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر هجومها الرامي «لتحرير» العاصمة الليبية من قبضة الميليشيات المسلحة وأسقطت طائرة حربية تابعة لحكومة السراج، أمس، وسط دعوات أممية وأفريقية لم تلقَ أي صدى لوقف إطلاق النار. وفي غضون ذلك سعى رئيس حكومة الوفاق إلى حشد دعم أوروبي للقوات الموالية لحكومته، حيث أجرى رفقة وزيري داخليته فتحي باش أغا ومحمد سيالة وزير خارجيته، وبعض مستشاريه محادثات في العاصمة الإيطالية روما مع رئيس الحكومة جوزيبي كونتي، أمس، علماً بأنه كان من المقرر أن يلتقي أيضاً في وقت لاحق من مساء أمس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، على أن يلتقي صباح اليوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، وذلك في إطار جولته التي تشمل بريطانيا أيضاً.
ووفقاً لبيان أصدره مكتبه، أشاد السراج عقب محادثاته مع كونتي، بموقف إيطاليا، الذي رأى أنه كان واضحاً في إدانته للعدوان على العاصمة الليبية طرابلس، في إشارة إلى عملية «الجيش الوطني».
وطالب السراج من سمّاهم الأصدقاء الإيطاليين «ببذل جهد أكبر لما لدى إيطاليا من مكانة وثقل دولي، يمكنه أن يُحدث تغييراً إيجابياً»، فيما وصفه بـ«المواقف المترددة لدول أوروبية وإقليمية»، وبما «يعجّل بوقف العدوان، وعودة القوات المعتدية إلى الأماكن التي انطلقت منها، وتجنيب ليبيا المزيد من إراقة الدماء».
ونقل البيان عن كونتي تجديده موقف إيطاليا الداعم لحكومة السراج، مؤكداً «أنه لا حل عسكرياً للأزمة الليبية»، وشدد على ضرورة العودة إلى المسار السياسي والحوار.
في سياق ذلك، أعلن كونتي أنه يسعى للقاء المشير حفتر في القريب العاجل، وقال للصحافيين في «زلّة لسان» على هامش لقاء احتضنه مطار براتيكا دي ماري العسكري في العاصمة روما، «تحدّثت مع (الرئيس حفتر)»، قبل أن يصحح: «تحدثت مع الرئيس السراج. لديّ ثقة في المقابل أنه يمكننا أن نلتقي مع المشير حفتر، ونحن بصدد البحث في الكيفية والوقت».
وأضاف موضحاً: «في كل محادثاتي ما زلت أقول إن الحل لا يمكن أن يمر بالوسائل العسكرية»، معتبراً أن هناك «حالة من الجمود. السيناريو حرج ويمكن أن يتطور إلى وضع أكثر حرجاً من لحظة إلى أخرى».
ميدانياً، أعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني، عن إسقاط طائرة حربية لـ«الحشد الميليشياوي بعد محاولتها استهداف قواتنا المسلحة»، في إشارة إلى قوات حكومة السراج، وأسر قائدها، الذي يحمل الجنسية البرتغالية، في جنوب طرابلس.
وقالت الشعبة في بيان لها، أمس، عززته بصور فوتوغرافية للطيار: «لقد تم إسقاط الطائرة، وهي من طراز «ميراج F1» في محور الهيرة، واعتقال قائدها»، مؤكدة أن الدفاعات الجوية أسقطت طائرة تابعة للميليشيات الإرهابية فوق منطقة الهيّرة يقودها «طيار مرتزق»، يحمل الجنسية البرتغالية، بعدما شنت غارة على وحدات تابعة للجيش في المنطقة، وحاولت تنفيذ غارة أخرى في غريان.
وأظهرت الصور الطيار البرتغالي وهو مضرج في الدماء، وجالس على كرسي، ونصفه العلوي عارٍ، فيما يتفقده عسكريون من بينهم اللواء عبد السلام الحاسي، رئيس مجموعة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الوطني، ويتم تقديم مياه وإسعافات أولية له.
ولاحقاً ظهر الطيار البرتغالي في سلسلة لقطات مصورة، وهو في حضرة مقاتلين من الجيش بعد اعتقاله، وهو يتبادل أطراف الحديث معهم، قبل أن يخبر محققين من الجيش بأنه يدعى «جيمي ريز»، وأنه يبلغ 29 عاماً، لافتاً إلى أنه حضر للعمل بعقد مدني، حيث كانت مهمته تدمير الطرق والجسور.
وبينما تحدثت وسائل إعلام برتغالية عن اتصالات لتحديد الهوية الكاملة للطيار، والتحقيق في ملابسات خروجه من بلاده، اعتبرت وكالة الأنباء الموالية للجيش أن أسر هذا الطيار «المرتزق» يشير إلى حقيقة حكومة السراج، ودعمها وتأييدها للميليشيات والتنظيمات الإرهابية، وجلب المرتزقة لمحاربة القوات المسلحة الليبية.
وهذه هي المرة الثالثة على التوالي التي تعلن فيها قوات الجيش إسقاط طائرة حربية للسراج، الذي تبنت حكومته، بدورها، إسقاط طائرة لقوات حفتر منذ بدء المعارك أوائل الشهر الماضي حول طرابلس.
وواصلت قوات «الجيش الوطني» قصف مواقع ميليشيات السراج في الضواحي الجنوبية لطرابلس، بينما قالت عمليات الجيش إن الأجهزة الأمنية نجحت في تأمين خروج عدد من ضباط رئاسة الأركان العامة بطرابلس ‏من المنشقين عن حكومة السراج، خلال الساعات الـ48 الماضية، إلى غريان وترهونة وتونس، مشيرةً إلى أنه تم إخراج 51 ضابطاً مع ‏عائلاتهم، دون أن تفصح عن مزيد من التفاصيل.
كما شرع الجيش الليبي أيضاً في شن حرب إلكترونية عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ضد الصفحات الموالية لحكومة السراج، والميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس. إذ قال المركز الإعلامي لعملية «الكرامة»، التابعة لـ«الجيش الوطني» بطرابلس، إن فريق الحرب الإلكترونية تمكن من إغلاق العديد من الصفحات التابعة لـ«الإخوان»، والتي تعمل بشكل واضح ضد قوات الجيش، لافتاً إلى أن ما سماها الحرب الإلكترونية ما زالت مستمرة ضد الكذب والتدليس لهذه الصفحات.
وتأتي هذه التطورات، فيما جدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقّي، الدعوة لوقف إطلاق النار في ليبيا، خلال مؤتمر صحافي مشترك في نيويورك أول من أمس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.