كيف استغل جواسيس صينيون أدوات أمنية أميركية في القرصنة؟

حصلوا عليها بعد هجمة سيبرانية ضدهم واستخدموها ضد حلفاء واشنطن

خوادم شركة «سيمانتيك» في كاليفورنيا (نيويورك تايمز)
خوادم شركة «سيمانتيك» في كاليفورنيا (نيويورك تايمز)
TT

كيف استغل جواسيس صينيون أدوات أمنية أميركية في القرصنة؟

خوادم شركة «سيمانتيك» في كاليفورنيا (نيويورك تايمز)
خوادم شركة «سيمانتيك» في كاليفورنيا (نيويورك تايمز)

تمكن عملاء الاستخبارات الصينية من الحصول على أدوات القرصنة الخاصة بوكالة الأمن القومي الأميركية وأعادوا توظيفها في شن الهجوم على حلفاء الولايات المتحدة والشركات الخاصة في أوروبا وآسيا عام 2016، وفق ما اكتشفت إحدى الشركات الرائدة في مجال الأمن السيبراني مؤخراً. وتعد هذه الحلقة الأخيرة في سلسلة الأدلة التي تفيد بفقدان الولايات المتحدة السيطرة الكاملة على أجزاء رئيسية من ترسانة الأمن السيبراني الخاصة بها.
واستناداً إلى توقيت الهجمات الصينية، والأدلة الواردة في شفرات الحواسيب، يعتقد الباحثون في شركة «سيمانتيك» أن الصينيين لم يسرقوا الشفرات وإنما حصلوا عليها من هجمة شنتها وكالة الأمن القومي الأميركية على حواسيبهم، تماماً مثل مطلق الرصاص الذي يأخذ بندقية العدو ويبدأ في إطلاق النار في الاتجاهات كافة.
ويعكس التصرف الصيني مدى انتشار الصراع السيبراني، وما يخلقه من بيئة متوحشة لا تحكمها القواعد ويشيع فيها عدم اليقين، كما يعكس أيضا الصعوبة التي تجدها الولايات المتحدة في متابعة وتعقب البرمجيات الخبيثة التي تستخدمها في اختراق الشبكات الأجنبية وشن الهجمات على البنى التحتية لشبكات الخصوم.
وأثارت الخسائر نقاشاً حاداً داخل مجتمع الاستخبارات الأميركي، حول ما إذا كان حرياً بالولايات المتحدة مواصلة تطوير أسلحة سيبرانية ذات التقنية العالية والسرية الكبيرة في الوقت الذي تفقد فيه القدرة على الاحتفاظ بتلك القدرات قيد الرقابة والسرية المطلقة.
وتعتبر وكالة الأمن القومي الأميركية مجموعة القراصنة الصينيين التي سطت على أدوات القرصنة الأميركية «المجموعة الأكثر خطورة»، وفق مذكرة سرية جرى تعميمها داخل أروقة الوكالة وتمكنت صحيفة «نيويورك تايمز» من الاطلاع عليها. وتعد هذه المجموعة من مقاولي الاختراق السيبراني الصينيين مسؤولة عن شن الكثير من الهجمات على بعض من أكثر الأهداف الدفاعية حساسية داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك برامج الفضاء، والأقمار الصناعية، وتكنولوجيا الدفع النووي المتقدمة.
وتشير النتائج التي توصلت إليها شركة «سيمانتيك»، التي أميط اللثام عنها أول من أمس، أن القراصنة الصينيين أنفسهم الذين تعقّبت الوكالة الأميركية آثارهم لما يربو على عقد من الزمان، قد قلبوا الطاولة في وجه الوكالة مؤخراً.
ووجدت بعض الأدوات التابعة لوكالة الأمن القومي الأميركية، من التي حصل عليها القراصنة الصينيون، طريقها على شبكة الإنترنت بواسطة مجموعة مجهولة حتى الآن، تُطلق على نفسها مسمى «وسطاء الظل». وهي نفسها التي تستخدمها روسيا وكوريا الشمالية في شن هجمات إلكترونية مدمرة على نطاق عالمي، رغم عدم وجود صلة مؤكدة تربط بين الاستحواذ الصيني على أدوات الوكالة الأميركية وأنشطة مجموعة «وسطاء الظل».
غير أن النتائج التي توصلت إليها شركة «سيمانتيك» تقدم أولى الأدلة على أن القراصنة الصينيين الموالين للحكومة في بكين قد حازوا على بعض تلك الأدوات قبل شهور من أول ظهور مسجل لمجموعة «وسطاء الظل» على شبكة الإنترنت في أغسطس (آب) من عام 2016.
ومما تكرر ذكره غير مرة عبر العقد الماضي، أن وكالات الاستخبارات الأميركية يملكون أدواتهم الخاصة بعمليات القرصنة والاختراق والتفاصيل المعنية ببرامج الأمن السيبراني فائقة السرية التي بدأت تظهر في أيدي بعض البلدان الأخرى أو بعض المجموعات الإجرامية.
وكانت وكالة الأمن القومي الأميركية قد استخدمت برمجيات خبيثة عالية التطور في تدمير أجهزة الطرد المركزية النووية الإيرانية، ثم فوجئت بالشفرات نفسها يشيع استخدامها في غير مكان حول العالم وتُلحق الأضرار بالأهداف العشوائية هنا وهناك، بما في ذلك الشركات الأميركية العملاقة من شاكلة «شيفرون» على سبيل المثال. وتمكن إدوارد سنودن، المقاول الأميركي الأسبق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية الذي يقطن منفاه حاليا في موسكو، من إبلاغ الصحافيين عن التفاصيل السرية لبرامج الأمن السيبراني الأميركية. كما نشر موقع «ويكيليكس» حفنة من الأسلحة السيبرانية الخاصة بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي تزعم الوكالة أنها قد سُربت على أيدي أحد موظفي الوكالة.
وقال إريك تشين، مدير الشؤون الأمنية في شركة «سيمانتيك»: «علمنا أنه لا يمكن ضمان عدم تسرب أدواتك وإعادة استخدامها ضدك وضد حلفائك فيما بعد». «والآن، ومع تسرب الأسلحة السيبرانية للدولة، وتعرضها للقرصنة، وإعادة توظيفها في شن الهجمات من قبل خصوم الولايات المتحدة»، كما يقول السيد تشين، «حان الوقت للدول لإدراج هذه المعلومات ضمن تحليلاتهم لمخاطر استخدام الأسلحة السيبرانية، والاحتمال الحقيقي من إعادة توجيه هذه الأسلحة وإطلاقها في وجه الولايات المتحدة نفسها أو في وجه حلفائها».
وفي السيناريو الأخير، يفتقر الباحثون لدى شركة «سيمانتيك» للمعلومات المؤكدة بشأن كيفية حصول القراصنة الصينيين على الشفرات الأميركية المتطورة. ولكنهم يعلمون أن مقاولي الاستخبارات الصينية استخدموا الأدوات الأميركية المُعاد توظيفها في تنفيذ عمليات الاختراق السيبراني ضد 5 بلدان على الأقل، وهي: بلجيكا، ولوكسمبورغ، وفيتنام، والفلبين، وهونغ كونغ. وشملت الأهداف المؤسسات البحثية، والمؤسسات التعليمية، وشبكات الحواسيب لحكومة حليفة للولايات المتحدة الأميركية.
ومن شأن هجمة واحدة على شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية أن تتيح لضباط الاستخبارات الصينية منفذ الوصول إلى مئات الآلاف أو الملايين من الاتصالات الخاصة، وفق ما كشفته نتائج شركة «سيمانتيك».
ولم تأتِ شركة «سيمانتيك» على ذكر الصين تحديدا في بحثها المذكور. عوضا عن ذلك، عرفت المهاجمين بأنهم «مجموعة بوكآي»، وهو المسمى الخاص بشركة «سيمانتيك» في توصيف القراصنة الذي اعتبرته وزارة العدل الأميركية وغيرها من شركات الأمن السيبراني مرادفا لأحد المقاولين التابعين لوزارة أمن الدولة الصينية الذي يعمل انطلاقا من مدينة غوانزو.
ونظرا لطبيعة عمل شركات الأمن السيبراني على الصعيد العالمي، فإنهم يطلقون مسمياتهم الخاصة في أغلب الأحيان على الوكالات التابعة للاستخبارات الحكومية تفادياً لإثارة حفيظة أي حكومة بعينها. وتشير شركة «سيمانتيك»، وغيرها من شركات الأمن السيبراني، إلى قراصنة وكالة الأمن القومي الأميركية باسم «مجموعة إكويشن». ويشار إلى «مجموعة بوكآي» أيضا بمسمى «إيه بي تي 3»، وتعني «التهديدات المتقدمة المستمرة»، وغير ذلك من المسميات المستخدمة في هذا المجال.
وفي عام 2017، أعلنت وزارة العدل الأميركية عن لائحة اتهام موجّهة ضد ثلاثة قراصنة صينيين من أعضاء المجموعة التي تسميها شركة «سيمانتيك» «مجموعة بوكآي». وفي حين أن الادعاء العام الأميركي لم يؤكد على أن القراصنة الثلاثة كانوا يعملون بالنيابة عن الحكومة الصينية، إلا أن الباحثين المستقلين ومذكرة وكالة الأمن القومي السرية، التي اطّلعت صحيفة «نيويورك تايمز» عليها، أوضحت أن تلك المجموعة كانت على اتصال مباشر مع وزارة أمن الدولة الصينية، وأنّها نفذت الهجمات السيبرانية المعقدة على الولايات المتحدة، وفق الأوامر الصادرة من هناك.
وفي تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية الأسبوع الماضي بشأن المنافسة العسكرية الصينية، تُوصف بكين بأنها اللاعب الأكثر مهارة وثباتا بين آخرين فيما يتعلق بالعمليات السيبرانية ذات الطبيعة العسكرية والاستخبارية والتجارية، وهي تواصل سعيها الحثيث لتقويض التقدم الجوهري المحرز أميركياً على الصعيد العملياتي والتكنولوجي.
وفي هذه الحالة، يبدو أن الجانب الصيني قد تمكّن من رصد الاختراقات السيبرانية للولايات المتحدة، وتمكنوا من سرقة الشيفرات، التي يجري تطويرها بنفقات مالية هائلة يتحملها دافعو الضرائب من المواطنين الأميركيين.
واكتشفت شركة «سيمانتيك» أنه اعتبارا من مارس (آذار) لعام 2016، كان القراصنة الصينيون يستخدمون نسخا معدّلة من أدوات وكالة الأمن القومي الأميركية، تسمى «إيترنال سينرجي» و«دوبل بولسار» في شن الهجمات. وبعد ذلك بشهور في أغسطس (آب) من عام 2016، أطلق «وسطاء الظل» العينات الأولى المسروقة من أدوات وكالة الأمن القومي الأميركية، تلاها نشر المجموعة الكاملة من أدوات وكالة الأمن القومي الأميركية المستغلة من طرفهم، في أبريل (نيسان) لعام 2017، على شبكات الإنترنت.
ولاحظ الباحثون من شركة «سيمانتيك» أن هناك الكثير من الحالات السابقة التي تمكّن خبراء الأمن السيبراني من اكتشاف البرمجيات الخبيثة من التي نشرت علنا على الإنترنت، ثم سيطرت عليها أجهزة التجسس أو حازت عليها مجموعات إجرامية، ثم أعيد استخدامها في شن الهجمات. ولكنهم لم يقفوا على سابقة واحدة تتعلق بالضلوع الصيني في هذه القضية: أي الاستحواذ الخفي لشفرات الحواسيب المستخدمة في الهجمات، ثم السيطرة عليها وإعادة استخدامها ضد أهداف جديدة.
ويقول تشين إن «هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها حالة - من التي أشار الناس إليها على نحو نظري منذ فترة طويلة - لمجموعة تستغل نقاط الضعف ومواطن الاستغلال التي كانت مجهولة لديهم، ثم يعيدون استخدامها وتوجيهها في شن الهجمات على الآخرين».
ولا يبدو أن الجانب الصيني قد أعاد توجيه الأسلحة مرة أخرى ضد الولايات المتحدة، وذلك لسببين محتملين كما قال الباحثون في شركة «سيمانتيك». ربما افترض الجانب الصيني أن نظيره الأميركي قد طور الدفاعات المضادة لأسلحتهم السيبرانية الخاصة، وأنهم لا يرغبون في أن يكشفوا للولايات المتحدة سرقتهم لأدواتهم السيبرانية.
أما بالنسبة إلى وكالات الاستخبارات الأميركية، فإن ما كشفته شركة «سيمانتيك» تقدم أسوأ سيناريو حاول مسؤولون أميركيون تجنبه عبر استخدام برنامج البيت الأبيض المعروف باسم (عملية معادلة نقاط الضعف).
وبموجب هذه العملية، التي بدأت إبّان إدارة الرئيس الأسبق أوباما، يقدر منسق الأمن السيبراني في البيت الأبيض وممثلين من مختلف الوكالات الحكومية المعنية الأخرى، الموقف إزاء الحفاظ على مخزون الولايات المتحدة من نقاط الضعف السرية غير المعلنة. ويناقش الممثلون الحكوميون تجميع نقاط الضعف المذكورة لصالح جهود جمع المعلومات الاستخبارية أو الاستخدام العسكري، مقابل خطر اكتشافها من قبل خصوم مثل الصين.
وكان من جراء نشر مجموعة «وسطاء الظل» لأكثر أدوات وكالة الأمن القومي الأميركية طلباً في عامي 2016 و2017، أن اضطرت الوكالة إلى تسليم ترسانتها الخاصة من نقاط ضعف البرمجيات إلى شركة مايكروسوفت العملاقة من أجل الترميم وإغلاق بعض من عمليات مكافحة الإرهاب عالية الحساسية لدى وكالة الأمن القومي، كما صرح اثنان من موظفي الوكالة مؤخراً.
وكانت أدوات وكالة الأمن القومي الأميركية التي حصلت عليها كوريا الشمالية وروسيا قد استخدمت في إعاقة عمليات نظام الرعاية الصحية البريطاني، وإغلاق العمليات في شركة «ميرسك» للشحن البحري، وقطع الإمدادات اللازمة لإحدى اللقاحات من تصنيع شركة «ميرك». وفي أوكرانيا، تسببت الهجمات الروسية في إصابة الخدمات الأوكرانية الحرجة بالشلل، بما في ذلك المطار الدولي، والخدمات البريدية، ومحطات التزود بالوقود، وماكينات الصرف الآلية.
يقول مايكل دانيال، رئيس شركة «سايبر ثريت ألايانس»، الذي كان يشغل منصب منسق الأمن السيبراني الأسبق في إدارة الرئيس أوباما: «لا يمكن اعتبار أي من القرارات المتضمنة في العملية خالية من المخاطر. وهي ليست طبيعة عمل هذه الأشياء. ولكن الواقع الراهن يعزز من الحاجة الملحة لصياغة عملية مدروسة تنطوي على الكثير من المعادلات المختلفة، التي يجري تحديثها بصفة متواترة».
وبعيداً عن أجهزة الاستخبارات الأميركية، تتضمن العملية المذكورة وكالات حكومية أخرى مثل وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، ووزارة الخزانة التي ترغب في ضمان أن نقاط الضعف المكتشفة لدى وكالة الأمن القومي لن يعلم بها أي من الخصوم أو المجرمين ويُعاد توجيهها ضد البنية التحتية الأميركية، مثل المستشفيات، أو المصارف، أو مصالح البلاد في الخارج.
وهذا بالضبط ما يبدو أنه حدث وفق ما كشفت عنه شركة «سيمانتيك»، كما قال تشين، الذي أوضح: «في المستقبل، سوف يحتاج المسؤولون الأميركيون إلى اعتبار الاحتمال المرجح بأن يُعاد توجيه أدواتهم الخاصة ضد الأهداف الأميركية أو حلفاء الولايات المتحدة». وقال المتحدثة الرسمية باسم وكالة الأمن القومي الأميركية إنه ليس لدى الوكالة تعليق فوري على تقرير شركة «سيمانتيك».
ومن بين عناصر تقرير شركة «سيمانتيك» التي تقلق تشين، كان ملاحظته أنه رغم اختفاء «مجموعة بوكآي» في أعقاب لائحة اتهام وزارة العدل الأميركية بشأن ثلاثة من أعضاء المجموعة في عام 2017، فإن أدوات وكالة الأمن القومي الأميركية المُعاد توظيفها لا تزال قيد الاستخدام في شن الهجمات السيبرانية في أوروبا وآسيا، واستخدمت تحديدا طيلة شهر سبتمبر (أيلول) لعام 2018.
وقال تشين متسائلا: «هل تزال (مجموعة بوكآي) ناشطة؟ أو ربما أنهم نقلوا تلك الأدوات إلى مجموعة أخرى لاستغلالها؟ لا تزال الإجابة غامضة. الناس يأتون ويذهبون. لكن الأدوات لم تبرح مكانها حتى الآن».

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

هبة القدسي (واشنطن)
تكنولوجيا صورة لفرع شركة «مايكروسوفت» للتكنولوجيا في حي مانهاتن بمدينة نيويورك الأميركية (د.ب.أ - أرشيفية)

«مايكروسوفت» تواجه شكوى تتهمها بتخزين بيانات مراقبة إسرائيلية لفلسطينيين

تواجه مجموعة «مايكروسوفت» العملاقة للتكنولوجيا، شكوى تتهمها بأنها تخزّن بشكل غير قانوني داخل الاتحاد الأوروبي بيانات مراقبة الجيش الإسرائيلي لفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال مأدبة عشاء عمدة لندن بقاعة غيلدهول في وسط لندن... 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

بكين: ستارمر يوجّه «اتهامات لا أساس لها» بأن الصين تهدّد الأمن القومي البريطاني

اتهمت بكين، الثلاثاء، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بتوجيه «اتهامات لا أساس لها» بأن الصين تهدّد الأمن القومي البريطاني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا عناصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب - أرشيفية)

سجن 3 أشخاص في فرنسا بتهمة التجسس والتدخل لحساب روسيا

وُجهت اتهامات قضائية لـ3 أشخاص، أودعوا على إثرها السجن في باريس، في إطار تحقيق مع امرأة فرنسية روسية يُشتبه بها في التجسس الاقتصادي والتدخل لصالح روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ الجاسوس جوناثان بولارد (رويترز)

البيت الأبيض: لم نكن على علم بلقاء سفيرنا لدى إسرائيل مع جاسوس مدان

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن البيت الأبيض لم يكن على علم بلقاء السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي مع جوناثان بولارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».