السودان يتوقع استثمارات عقارية كبرى بعد الحكومة الجديدة

طرح عطاءات دولية لبناء مدن سكنية رأسية

ما زالت هناك تحديات قائمة في إيجاد التمويل العقاري الدولي لقطاع الإسكان في السودان
ما زالت هناك تحديات قائمة في إيجاد التمويل العقاري الدولي لقطاع الإسكان في السودان
TT

السودان يتوقع استثمارات عقارية كبرى بعد الحكومة الجديدة

ما زالت هناك تحديات قائمة في إيجاد التمويل العقاري الدولي لقطاع الإسكان في السودان
ما زالت هناك تحديات قائمة في إيجاد التمويل العقاري الدولي لقطاع الإسكان في السودان

في وقت تشهد فيه سوق العقارات والمقاولات في السودان ركوداً كبيراً متأثراً بالركود الاقتصادي العام في البلاد بسبب التغيير السياسي والاقتصادي، يتوقع مستثمرون وخبراء عقاريون أن تنهمر استثمارات عربية وعالمية عقارية كبيرة، بعد تشكيل الحكومة الجديدة في غضون اليومين المقبلين.
ويرى مراقبون أن السوق العقارية في السودان يوجد بها كثير من الفرص الاستثمارية، مما شجع الهيئات الدولية، كاتحاد المقاولين العرب، وعدد من المستثمرين الإقليميين، خلال الأعوام الماضية، على الاتفاق مع الخرطوم على مشاريع مشتركة.
كما اتفق السودان بداية العام الماضي مع «اتحاد البناء العالمي» بالولايات المتحدة لنقل التجربة الأميركية في مجال السكن قليل التكاليف. كذلك أبرم الصندوق القومي للإسكان والتعمير واتحاد المقاولين السودانيين، اتفاقات مع دول مثل روسيا وبلاروسيا وسنغافورة وتركيا والإمارات ومصر، لنقل تجاربها في الإسكان للسودان.
وتشهد السوق العقارية السودانية حالياً ركوداً كبيراً منذ أكثر من عام، بعد قرار السلطات قصر البيع والشراء بالشيكات المصرفية، مما تسبب في قلة المعروض من الأراضي والعقارات، التي يفضل أصحابها الحصول على أموالهم نقداً.
وزادت الأزمة في السوق العقارية بعد ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية في تلك الفترة إلى أكثر من 70 جنيهاً، فيما سعره في بنك السودان المركزي 45 جنيهاً، مما خلق فجوة كبير وارتفاعاً في أسعار مواد البناء المستوردة.
ورغم الركود في عمليات الشراء والبيع، فإن أسعار الأراضي والمساكن الجاهزة زادت بنسبة عالية، وبلغت أسعار بعض الوحدات السكنية نحو 6 ملايين جنيه (نحو 133 ألف دولار)، فيما تجاوز سعر المتر في بعض المناطق المميزة بالخرطوم ألفي دولار.
وقال عمر سعدان عمر، مدير الإعلام في الصندوق القومي للإسكان والتعمير، لـ«الشرق الأوسط»، إن الركود في سوق العقارات والبناء في السودان يعود إلى تعطل وتوقف الأجهزة الإدارية التي تعمل في مجالات الإسكان، كذلك حل اتحادات ملاك العقارات والمقاولين، وذلك بسبب قرارات صدرت من السلطة الحاكمة في البلاد.
يذكر في هذا الصدد أن السلطات قد أصدرت أوامر الشهر الماضي لإدارات الأراضي بوقف التصرف والبيع في كل العقارات التي ثبت الحصول عليها بطرق فاسدة من قبل مسؤولين في السلطة الحاكمة السابقة، التي أطيح بها في 6 أبريل (نيسان) الماضي بثورة شعبية عارمة.
وأضاف سعدان أنه رغم هذه الظروف، فإن قطاع الإسكان الشعبي والاقتصادي ما زال يواصل نشاطه المحدود في توفير وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود والفئويين. وأعلن سعدان عن طرح الصندوق القومي للإسكان والتعمير شققاً في 3 مدن رئيسية في العاصمة تصل إلى نحو 10 آلاف وحدة سكنية.
وأضاف سعدان أن الصندوق طرح عطاءات في الصحف الأسبوع الماضي لتأهيل مقاولين وشركات مواد بناء، وذلك لتنفيذ مشروع السكن الرأسي في ولاية الخرطوم، وهو عبارة عن شقق سكنية تتراوح مساحتها بين 120 و130 متراً.
وتشمل المشاريع السكنية التي شرع الصندوق في بيعها واستقبل طلباتها، «مدينة عبد الوهاب عثمان» السكنية، وتحتوي على 3500 شقة، كذلك «مدينة الماحي» السكنية في جبرا بجنوب العاصمة الخرطوم، وسعتها نحو 3 آلاف شقة، بجانب مشروع السكن الرأسي الجديد في مدينة أم درمان في حي الإسكان الواقع شمال «الثورات»، والذي يضم شقق تمليك لشرائح المواطنين كافة بمبالغ تتراوح بين 6 و8 ملايين جنيه سوداني (نحو 144 ألف دولار).
من جانب آخر، شرع الصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان، في تنفيذ شبكة قومية للمأوى، بمشاركة كل الشركاء والجهات العاملة والناشطة في مجال الإسكان والتعمير بالبلاد من مؤسسات رسمية وقطاع خاص. وتعنى الشبكة بالتنسيق بين الصندوق والجهات المعنية، من أجل إنفاذ سياسات الدولة في هذا الشأن لتوفير المأوى للشرائح المختلفة. كما شرع الصندوق في إنشاء مرصد للإسكان لتوفير أي معلومات عن الحاجة وحجم المشروعات السكنية المنفذة والتي قيد التنفيذ والمقترحة.
وفقاً لسعدان، يعد هذان المشروعان من المبادرات والبرامج التي ستساهم في توفير قاعدة بيانات ومعلومات للراغبين والعاملين والباحثين في مجال الإسكان والعقارات، مما يؤثر إيجاباً في ترقية وتطوير مشروعات واستثمارات الإسكان.
وأضاف سعدان أن مشروع الشبكة سيعمل على تجميع جهود كل العاملين في قطاع الإسكان في البلاد، من أجل توفير مأوى لك مواطن، وفقاً للمشروع القومي للدولة الذي أقرته الدولة العام الماضي، لتوفير المأوى لجميع شرائح المجتمع السوداني.
وأشار سعدان إلى أن الشبكة الجديدة ستعمل على ربط مجموعة من الجهات التي تعمل في مشاريع الإسكان في البلاد، بما في ذلك المنظمات الدولية التي تعمل في مشاريع التوطين في غرب البلاد.
وأكد أنه سيتم التنسيق بين هذه الجهات لتحقيق هدف توفير المأوى للجميع، مشيراً إلى أن البلاد عانت كثير من تشتت الجهود في مجال الإعمار والإسكان، حتى تعددت الجهات دون أن يكون هناك رابط بينها.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان وفي إطار تنفيذ «المأوى للجميع» وتوجيه الدولة في هذا المجال، أعلن عن تسلم 5 آلاف وحدة سكنية بالنظام القديم (غرفتان ومنافع)، وتم فتح باب التقديم للسكن الشعبي خلال الفترة الماضية، كما تم توفير 90 ألف وحدة سكن شعبي واقتصادي بمناطق مختلفة بالولاية.
وتعود الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان إلى بداية العام الماضي، وأدت إلى احتجاجات ضد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، انتهت بثورة شعبية في أبريل (نيسان) الماضي أطاحت بنظام عمر البشير، بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية وعدم استقرار صرف الجنيه مقابل الدولار، والارتفاع المتواصل لمواد البناء، وانعدام التمويل العقاري.
ويشير عمر سعدان إلى أن الصندوق القومي للإسكان والتعمير، طرح حلولا جديدة لتمويل مشاريع الإسكان، لمجابهة الأزمة الاقتصادية، على رأسها إنشاء محافظ مصرفية خاصة بالإسكان وبنك متخصص. وتم تشكيل آلية نهاية العام الماضي، تضم صناديق الإسكان في الولايات والصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي والبنوك التجارية واتحاد المقاولين وملاك العقارات، وذلك لتأسيس وقيام محافظ مالية خاصة بمشاريع الإسكان، والاهتمام بدراسات تقليل تكلفة مواد البناء، التي تشهد ارتفاعاً في الأسعار يومياً، بسبب عدم ثبات سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار.
وأدى هذا الوضع إلى تقليص مشاريع الإسكان التي يطرحها الصندوق القومي للإسكان في بعض ولايات السودان، فمثلا طرح مشروع سكني بولاية سنار يتكون من 500 وحدة سكنية، وبعد مرور شهرين ارتفعت التكلفة بسبب عدم استقرار سعر صرف الجنيه، وتم تخفيض المشروع إلى 300 وحدة سكنية، وحدث الشي نفسه، فاضطرت إدارة الصندوق إلى طرح 200 وحدة سكنية فقط.
وشهدت الخرطوم خلال العام الماضي ملتقى جامعاً لقطاع الإسكان في البلاد، شارك فيه الصندوق القومي للإسكان بولاية الخرطوم بتنظيم الملتقى وتقديم ورقتي عمل حول آفاق وتحديات الإسكان في السودان. وأوصى المشاركون في الملتقى بإنشاء محافظ للإسكان تضم بنك السودان المركزي والبنوك التجارية وصناديق الإسكان بالولايات، لتمويل مشاريع الإسكان ورفع رأس مال البنك العقاري التجاري الذي يعمل في هذا المجال.
كما أوصى المشاركون بتقديم تسهيلات جديدة لقطاع الإسكان في البلاد، وإعادة إحياء الإعفاءات التي تمنح للصندوق القومي للإسكان، مثل إعفائه مدخلات مشاريع الإسكان من الضرائب والرسوم، وبقية الامتيازات الأخرى، مثل تخفيضات الأراضي. ويعد مشروع إنشاء المحافظ التمويلية هو الحل لهذه المعضلة التي لازمت البلاد طيلة العام الماضي، رغم التسهيلات التي منحتها الدولة للقطاع.
وقالت مصادر في الصندوق القومي للإسكان إن مشروع محافظ التمويل قد طرحه الصندوق بمشاركة عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات، وكان ضمن التوصيات التي خرج بها ملتقى الإسكان الأخير في السودان.
وما زالت هناك تحديات قائمة في إيجاد التمويل العقاري الدولي لقطاع الإسكان في البلاد، رغم رفع الحصار والعقوبات الأميركية عن السودان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، حيث تقدمت شركات عقارات عالمية لتنفيذ مشاريع في السودان، إلا إن عدم مقدرتها على تحويل أموالها للخارج قد أعاق الفكرة.
ووجهت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي العام الماضي بنك السودان المركزي بضخ مزيد من الأموال لمشاريع التمويل العقاري في البلاد، وتقديم التسهيلات والضمانات اللازمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى سوق العقارات في السودان، كما وافقت على زيادة رأسمال البنك العقاري ليكون الذراع الرئيسية للصندوق في تمويل مشاريع الإسكان الفئوي وإسكان محدودي الدخل، «لكن بعض هذه التوجيهات لم تنزل إلى أرض الواقع أيضاً».
ويعوّل الصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان على البنوك والمصارف المحلية في توفير التمويل لمشروعات السكن الميسّر لمحدودي الدخل في البلاد، التي أعد لها رؤية تقوم على توفير أنماط متنوعة من السكن، تستوعب رغبات الجميع وإمكاناتهم.
ووافق البنك الإسلامي للتنمية في جدة على تقديم تمويلات كبيرة لمشروعات الإسكان في السودان والإسناد الفني لمشاريع الإسكان واستقطاب خبراء دوليين لدراسة ونقل الخبرات الدولية لقطاع الإسكان في البلاد. وفي نهاية العام الماضي دعا الصندوق القومي للإسكان، البنوك السودانية، لتمويل مشروعات إسكان ذوي الدخل المحدود، وذلك في إطار المسؤولية الاجتماعية للبنوك، وذلك خلال ملتقى مديري صناديق الإسكان بالولايات الذي استضافته الخرطوم بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيس وقيام الصندوق القومي للإسكان.
وكان السودان قد طرح بداية العام الحالي مشروعات إسكانية لمحدودي الدخل بالعاصمة الخرطوم، للاستثمار والتمويل الدولي. وتقدر هذه المشروعات بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وتأتي ضمن خطة واسعة لتحريك وتطوير برامج الصندوق في الإسكان، التي تتطلب تمويلاً.
وتبحث ولاية الخرطوم حالياً عن قروض وفرص للتمويل الخارجي طويل الأجل لتنفيذ مشروعات إسكان الشرائح المختلفة في المجتمع، خصوصاً الفئات الضعيفة، بجانب ذوي الدخل المحدود، فضلاً عن السعي لتفعيل علاقات السودان الخارجية مع المنظمات ذات الصلة لتوفير الدعم الفني والمالي للإسكان في السودان.
ويصل سعر المتر في بعض المواقع بالخرطوم، البالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة، إلى نحو 1500 دولار، متجاوزاً سعر المتر في أكبر العواصم العالمية مثل لندن. وتقدر حجم الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو مليونين ونصف المليون وحدة سكنية، وطرح الصندوق القومي للإسكان في السودان رؤية لإسكان ذوي الدخل المحدود، بنظام التقسيط المنتهي بالتمليك العام الماضي، تقوم على توفير أنماط متنوعة من السكن، تستوعب رغبات وإمكانات الجميع.
وتضم قائمة أنواع السكن، التي يجري العمل على تنفيذها حالياً في مناطق واسعة في المدن السودانية، خصوصاً الخرطوم، التي حظيت بأكثر من 120 ألف وحدة، السكن الشعبي والاقتصادي والاستثماري، وبناء وحدات نموذجية، في شكل سكن ريفي ومنتج وتعاوني وادخاري.


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».