مصر: قرض صيني لتنفيذ أبراج العاصمة الجديدة يثير الجدل

تأكيدات حكومية بتمويل المشروع ذاتياً

نماذج لأبراج العاصمة الإدارية الجديدة
نماذج لأبراج العاصمة الإدارية الجديدة
TT

مصر: قرض صيني لتنفيذ أبراج العاصمة الجديدة يثير الجدل

نماذج لأبراج العاصمة الإدارية الجديدة
نماذج لأبراج العاصمة الإدارية الجديدة

أثار إعلان الحكومة المصرية عن الحصول على قرض صيني لتمويل بناء أبراج العاصمة الإدارية الجديدة، حالة من الجدل بسبب مخاوف من تزايد الديون على مصر، في ظل حالة الركود التي يشهدها السوق العقاري في الفترة الأخيرة، بينما تؤكد الحكومة المصرية أن العاصمة الإدارية تمول ذاتياً من خارج ميزانية الدولة.
ووقعت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية نهاية الشهر الماضي، بالعاصمة الصينية بكين، مع مجموعة البنوك الصينية الممولة للمشروع بقيادة بنك «أي سي بي سي»، اتفاقية القرض الخاص بالدفعة الأولى من أصل 3 دفعات، لتمويل تصميم وإنشاء منطقة الأعمال المركزية، بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك على هامش أعمال قمة الحزام والطريق التي اختتمت أعمالها مؤخرا في بكين.
وقال الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان المصري، في بيان صحافي، إن «قيمة الدفعة الأولى من القرض تبلغ نحو 834 مليون دولار تقريباً، من إجمالي 3 مليارات دولار قيمة تمويل المشروع، وتغطي الدفعة الأولى تكاليف تصميم وإنشاء 7 أبراج شاهقة الارتفاع، تضم برجين إداريين، و5 أبراج سكنية، تطل على الحدائق المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة (كابيتال بارك)، بارتفاعات تصل إلى 206 أمتار أي 51 طابقاً، وبمساحة بنائية تبلغ 600 ألف متر مربع».
وتتولى وزارة الإسكان المصرية ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية تنفيذ منطقة الأعمال المركزية، والحي السكني الثالث «ار3»، والحي السكني الخامس «أر 5»، وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017 وقعت الهيئة على اتفاق مع شركة الصين الحكومية لهندسة الإنشاءات بقيمة 3 مليارات دولار، لبناء أبراج العاصمة الإدارية الجديدة الـ20. تتولى بموجبه الحكومة المصرية تمويل 15 في المائة من قيمة المشروع، بينما يتم توفير الباقي عبر قروض من البنوك الصينية، ويسدد القرض على مدار 10 سنوات تبدأ بعد الانتهاء من إنشاء الأبراج، التي تضم البرج الأيقوني، وهو أعلى برج في أفريقيا، بارتفاع 385 متراً، الذي تم صب القواعد الخرسانية له مؤخرا بالتعاون بين وزارة الإسكان، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وشركة الصين الحكومية لهندسة الإنشاءات الصينية.
الخبير الاقتصادي تامر ممتاز، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا القرض يساهم في تشجيع الاستثمار في العاصمة الإدارية الجديدة، ويدعم القطاع العقاري المصري، والتنمية الاقتصادية بشكل عام»، موضحاً أن «المستثمر عندما يرى جدية من جانب الحكومة المصرية في الاستثمار العقاري، وفي إنشاء مشروعات بهذا الحجم في العاصمة الإدارية الجديدة، سيفكر هو الآخر في الاستثمار في نفس المكان»، وقال إن «الحكومة المصرية كان عليها أن تحرك الكرة الحديدية وتبدأ هي بالاستثمار لتشجيع المستثمر على وضع أمواله في المشروعات الكبرى».
والحديث عن تمويل الصين لأبراج العاصمة الإدارية الجديدة ليس جديداً، حيث أعلنت مصر منذ بداية المشروع عن أن الصين ستمول المشروع، وبموجب هذا الاتفاق تشارك شركة مقاولات صينية في تنفيذ المشروع، وحتى الآن تم الانتهاء من صب القواعد الخرسانية العادية والمسلحة للبرج الأيقوني بارتفاع 5 أمتار، ويجري الانتهاء من أعمال الأساسات لباقي الأبراج، وكذا الأعمال الخاصة بالمكاتب الدائمة للمالك ومكتب الإشراف على التنفيذ، وقال الجزار إن «تنفيذ مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، بدأ في مايو (أيار) 2018، ويتولى المقاول الدولي للمشروع تنفيذ جميع الأعمال وفقاً للمعايير الدولية».
من جانبه قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قيمة أي قرض تحدد بناء على عوائده في المستقبل، فقد يخدم القرض الجيل الحالي، بينما يدفع الجيل القادم تبعاته، ويكون ذلك فشلا في التخطيط»، مشيراً إلى أن «القرض الصيني لتمويل أبراج العاصمة الإدارية الجديدة هو نوع من التمويل العقاري، وكأن الحكومة هنا تاجر يسعى لبناء برج بتمويل من البنوك، ويأمل أن يسدد القرض من عائد بيع العقار مع تحقيق هامش ربح»، متسائلاً «عما إذا كان لدى الحكومة خطة لتسويق هذه الأبراج السكنية لتحقيق العائد المرجو منها في ظل الحديث المتكرر عن الفقاعة العقارية، خاصة أن الأسعار لن تكون في متناول معظم المصريين».وأضاف الدمرداش أنه «لا يمكن تحميل هذه القروض أو التمويلات العقارية أبعاداً أكبر والادعاء بأن لها تأثيرا على الاقتصاد والتنمية»، وتابع أن «كثرة الاقتراض مع مستوى الإنتاج المحلي والاستثمارات الحالية تؤدي إلى كارثة اقتصادية، وما يحدث غير مفهوم اقتصاديا إلا لو كان لدى الحكومة خطط وموارد أخرى نجهلها لسداد هذه الديون».لكن ممتاز يرى أن «الحكومة درست الإجراءات الخاصة بالقروض جيداً، ولديها خطط لسدادها وهو ما يحدث حتى الآن»، وقال إن «تسديد قرض العاصمة الإدارية ليس بالضرورة أن يكون من عائد بيع العقارات بها، فيمكن سداده من عوائد التنمية الاقتصادية بشكل عام».
ووفقا للتصريحات الرسمية المصرية فإن العاصمة الإدارية الجديدة لا تمول من ميزانية الدولة، وهو ما أكده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقوله مؤخراً إن «العاصمة الإدارية الجديدة تمول من خارج موازنة الدولة»، وأوضح الدكتور محمد معيط، وزير المالية المصري، في تصريحات صحافية، أن «الدولة لا تتحمل أي أعباء مالية عن إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، حيث يتم تمويلها ذاتياً عن طريق زيادة القيمة الاقتصادية للأرض وتحويلها إلى مصدر للتمويل».
ويخشى مراقبون أن يكون هذا القرض فخاً للديون كما حدث مؤخراً مع ميناء هامبانتوتا في سيريلانكا، والذي حصلت الصين على 70 في المائة من أسهمه، بعد تزايد الديون المستحقة للصين على سيريلانكا بأكثر من 8 مليارات دولار، حصلت عليها الأخيرة لتمويل بناء الميناء وعدد من المشاريع الأخرى.وأوضح الدمرداش أن «سيريلانكا كان لديها مشروع بنية تحتية، واقترضت لإنشاء ميناء له عوائد اقتصادية مستقبلية، والأزمة كانت في إدارته، لكن الاقتراض لإنشاء عقار أمر آخر»، وقال إنه «حتى لو فشلت مصر في سداد القرض، فما الضرر الذي سيقع على الاقتصاد المصري من سيطرة الصين على هذه الأبراج السكنية، وما العائد الذي ستجنيه الصين».


مقالات ذات صلة

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»