صندوق الاقتراع المصري شاهد على مائة سنة من الانتخابات

بدأ بالخشب وانتهى بالبلاستيك

الصندوق البلاستيكي الشفاف ظهر بعد ثورة 25 يناير 2011
الصندوق البلاستيكي الشفاف ظهر بعد ثورة 25 يناير 2011
TT

صندوق الاقتراع المصري شاهد على مائة سنة من الانتخابات

الصندوق البلاستيكي الشفاف ظهر بعد ثورة 25 يناير 2011
الصندوق البلاستيكي الشفاف ظهر بعد ثورة 25 يناير 2011

يقف صندوق الاقتراع المصري والتطورات التي أدخلت عليه كشاهد على أكثر من مائة سنة من الانتخابات والمنافسات السياسية. وبدأت صناعة هذه الصناديق بالخشب وانتهت حاليا بصناديق البلاستيك الشفافة التي سيدلي فيها المصريون بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور الجديد يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين. ويقول ناصر شعيشع، الأمين العام للمفوضية العليا للانتخابات بمصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن فرز أصوات الناخبين من الصناديق سيجري داخل اللجان الفرعية قبل إبلاغها للجنة العليا للانتخابات.
ومر صندوق الاقتراع بالكثير من المحطات، شهد بعضها نزاهة في العملية التصويتية، وشهد بعضها الآخر تلاعبا في العملية برمتها، وفقا لما قررته المحاكم المصرية خلال نصف القرن الماضي على الأقل. ويقول اللواء رفعت قمصان، المدير السابق لإدارة الانتخابات بوزارة الداخلية، لـ«الشرق الأوسط»، إن صندوق الانتخاب المصري تغير على مر السنين ليأخذ أشكالا مختلفة من حيث شكله ولونه وطريقة حمله وغلقه.
ويتابع اللواء قمصان قائلا إن صندوق الانتخابات كان في بادئ الأمر خشبيا ذا لون بني غامق. ويضيف: «كان مثل هذا الصندوق يقفل برزة وقفل نحاسي، بجانب احتوائه على فتحة علوية كانت تقفل بشاش أبيض ويختم بالشمع الأحمر.. وكان يحمل بمقبضين من النحاس على جانبيه».
ولم تكن عملية فرز الصناديق قديما تجرى داخل لجان الاقتراع، ولكن كان يجري نقلها من هذه اللجان إلى مقار رئيسة للفرز. وتوجد الكثير من القصص والحكايات عن طرق اعتراض الصناديق من المنافسين في الانتخابات، والحيلولة دون وصول الصناديق التي يشتبه في احتوائها على أصوات لصالح الخصم، إلى مقار الفرز. وكان البعض يقوم بإلقاء صناديق الاقتراع بما فيها من بطاقات اقتراع في النيل.
وعلي مدى ما يقرب من مائة سنة، كان لصندوق الاقتراع دور في حياة المصريين. وشهدت مصر انتخابات كثيرة بدأت منذ عام 1924 واكتسحها حزب الوفد في ذلك الوقت. ومنذ أول انتخابات رئاسية في عام 1956، حمل الصندوق، ولو نظريا، مهمة تحديد اسم الحاكم الفعلي للدولة المصرية وإقرار دستورها. وتشير دراسات حقب التاريخ المصري الحديث إلى أن مصر عرفت الصندوق الانتخابي كرمز للديمقراطية منذ أيام الملكية، في بداية النصف الأول من القرن الماضي. وانتخبت أحزابها ومجلس نوابها وحكومتها من خلاله، ولكن بشكل مختلف عن الشكل الحالي.
وظل شكل صناديق الاقتراع الخشبية مستمرا في الانتخابات المصرية إلى عام 2005 حين جرى تزويدها بجدران شفافة، ومن بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) تغيرت من صناديق خشبية إلى صناديق بلاستيكية شفاف تقوم بتصنيعها إحدى الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج مستلزمات الأدوات الانتخابية داخل مصر، كما يقول قمصان.
ويضيف المدير السابق لإدارة الانتخابات بوزارة الداخلية أن الصناديق البلاستيكية هي التي تستعمل حتى الآن في عمليات الاقتراع، حيث تغلق بأقفال بلاستيكية ذات أرقام كودية لا يمكن فتحها إلا بإتلاف الصندوق بالكامل.
ويتابع اللواء قمصان قائلا إن التصويت الانتخابي تطور في معظم دول العالم الآن بفضل الثورة التكنولوجية الحديثة من خلال ما يعرف بالتصويت الإلكتروني، مشيرا في ذلك إلى التجربة الهندية التي أوضح أنها من أولى الدول التي تطبق آليات الانتخابات الإلكترونية. وسعت مصر لنقل التجربة الهندية في الانتخابات من خلال فتح باب التعاون مع خبراء لجنة الانتخابات الهندية، خاصة بعد ثورة يناير 2011. وتقول المفوضية العليا للانتخابات إنها تبحث إمكانية الاستغناء عن الصندوق مستقبلا وإدخال نظام التصويت الإلكتروني بديلا عنه.
ويبلغ عدد صناديق الانتخابات في الاستفتاء الذي سيجري يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين 30 ألف صندوق، بحسب اللجنة العليا للانتخابات، رغم أن البعض كان يعتقد أنه يمكن أن تكون مصر قد بدأت الأخذ بنظام التصويت الإلكتروني. وتقول ميرفت السنباطي، المديرة باللجنة العليا للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يوجد تصويت إلكتروني يطبق على عملية الاستفتاء هذا العام»، مشيرة إلى أن «هذا الاقتراح قتل بحثا». وتضيف السنباطي، وهي مسؤولة التواصل مع المصريين بالخارج بشأن التصويت في الانتخابات، أن المتاح الآن هو التسجيل الإلكتروني للمصريين في الخارج عبر الموقع الرسمي للجنة العليا للانتخابات.
ومن جانبه أوضح شعيشع قائلا إنه «مما لا شك فيه أن الاستفتاء على الدستور هذه المرة له أهمية خاصة من ناحية تطبيق (خارطة الطريق) وعودة الدولة بمؤسساتها من جديد، كذلك لا نغفل أنه حق من حقوق المواطن السياسية من خلال المشاركة في اختيار طريقة الحكم في بلده». ويضيف أن «الاستفتاء يجري في لجان فرعية تتولى فرز الصناديق الانتخابية وإبلاغ النتائج إلى اللجنة العامة التي تبلغ بها اللجنة العليا للانتخابات وهي عملية غاية في الدقة».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).