مكتبة في تل رفعت لتعليم نازحي عفرين و«إخراجهم من العزلة»

تضم كتباً باللغتين العربية والكردية... وتدرب الشباب على الرسم

نازحة من عفرين تقرأ قرب خيمتها في تل رفعت (الشرق الأوسط)
نازحة من عفرين تقرأ قرب خيمتها في تل رفعت (الشرق الأوسط)
TT

مكتبة في تل رفعت لتعليم نازحي عفرين و«إخراجهم من العزلة»

نازحة من عفرين تقرأ قرب خيمتها في تل رفعت (الشرق الأوسط)
نازحة من عفرين تقرأ قرب خيمتها في تل رفعت (الشرق الأوسط)

بات بمقدور نازحي مدينة عفرين الكردية، لا سيما الأطفال، قراءة الكتب والمجموعات القصصية بفضل مكتبة «العصر» التي أنشئت على عجل للمساهمة في إخراجهم من عزلتهم، على مساحة تقدر بنحو 100 متر مربع داخل مخيم يُعد ثاني أكبر مخيم لنازحي مدينة عفرين في مناطق الشهباء.
حياة محمد البالغة من العمر 15 ربيعاً، فرت رفقة أسرتها من مسقط رأسها عفرين بعد سيطرة الجيش التركي وفصائل «غصن الزيتون» في مارس (آذار) العام الماضي، تركت مقاعد الدراسة جراء الحرب الدائرة في بلادها، أما اليوم فتواظب على المجيء يومياً إلى مكتبة مخيم العصر بناحية فافين التابعة لريف حلب الشمالي، بعد انتهاء دوامها المدرسي، وقد أنشئت مدرسة داخل المخيم أيضاً.
تقول حياة: «أهتم بقراءة الكتب والمطالعة وأحب قراءة القصص القصيرة والروايات الأدبية»، ومن الملاحظ إقبال الشباب والأطفال على المكتبة بهدف المطالعة، وتضيف حياة: «معظم صديقاتي يأتين هنا. عندما أكبر أريد أن أصبح مدرسة، لتعليم الطلاب الذين أجبروا على ترك دراستهم كحالنا اليوم».
وتحتوي المكتبة على ألفي كتاب معظمها باللغة العربية والكردية وتتوفر كتب ومراجع باللغة الإنجليزية، وتتضمن كتباً أدبية من روايات وقصص ومسرحيات عالمية، وقصصاً قصيرة للأطفال، وكتباً عن تعليم الرسم والمهن كالخياطة، وقواميس عربية - إنجليزية وكتباً عن قواعد اللغة والحساب، ويشكو القائمون على المشروع من نقص كتب الأطفال وقلة قصصهم والمراجع التعليمية.
والفكرة خرجت من أوساط مثقفين يعملون في «اتحاد مثقفي عفرين» ومجموعة من المتطوعين لتأسيس مكتبة في المخيم من أجل إتاحة الفرصة أمام النازحين لاستغلال أوقات فراغهم في القراءة والدراسة وتعلم اللغات.
يقول أسامة أحمد مدير «اتحاد مثقفي عفرين» وهو أديب وناقد، إنهم في البداية تواصلوا مع مجموعة من الأصدقاء بهدف التفكير بإنشاء مكتبة بالمخيم، مضيفاً: «أول تحدٍ كان البحث عن الكتب وتأمين عناوين لإغناء المكتبة. بعدها طلبنا من إدارة المخيم تخصيص مكان للعاملين بالمكتبة وجهزنا غرفة من ألواح الصفيح وعزلناها من الرطوبة والمطر».
وبحسب أسامة أحمد، تبرع كثير من الأهالي النازحين الذين اصطحبوا معهم كتباً وأهدوها للمكتبة، كما حصلوا على مجموعة من الكتب من سكان مناطق الشهباء لدعم المشروع، ولفت قائلاً: «المكتبة افتتحت قبل عام تقريباً، خلال هذه الفترة نظمنا جلسات للمطالعة الجماعية، ونظمنا ورشة لفن الكتابة والقصة القصيرة مدة 3 أشهر وكثيراً من الأنشطة الثقافية».
وأشارت فيدان محمد وهي متطوعة في المكتبة وتتحدر من مدينة عفرين، إلى أن الكادر الإداري أطلق مسابقة أدبية لفئة الشباب من عمر 15 إلى 30 سنة، والهدف «اكتشاف المواهب لا سيما بين الشباب المهتمين بكتابة الأدب والقصة والمقالة وتبني هذه الأقلام».
فيما طور رودي رشيد ويبلغ من العمر 17 سنة، مهارته في الرسم بعد مطالعته على فنون وكيفية إتقان فن الرسم من المكتبة، ولقي تشجيعاً ودعماً من إدارة المكتبة للعمل على تطوير مهاراته، حيث رسم أكثر من 100 غلاف كتاب عبر ألبوم صور لتعرض لاحقاً في معرض أو مرسم.
ويقول رودي: «كنت أرسم الأطفال والخيم والناس، وبعد افتتاح المكتبة أركز على رسم غلاف الكتب ولوحات معبرة عن الواقع الذي نعيشه هنا، أنتظر الفرصة لدراسة الفن التشكيلي لأصبح رساماً».
أما أفستا إبراهيم من «اتحاد مثقفي عفرين»، وتعمل متطوعة في مكتبة العصر، فنقلت أنه أسبوعياً هناك نحو 500 أو 600 كتاب استعارة خارج المكتبة، والرقم نفسه يقرأ داخل المكتبة، وبشكل أسبوعي هناك ما بين 40 و50 قارئاً يزود المكتبة بملخص عن الكتاب الذي طالعه.
والرواد يتصفحون معظم ما هو متوفر في المكتبة، واللافت اختيار الشباب عناوين لها علاقة بالمسرح والرواية والقصة القصيرة، وتضيف أفستا: «أنشأنا مصنفاً ونطلب من كل قارئ كتابة ملخص عن الكتاب الذي طالعه، والهدف من العملية إعادة العلاقة بين الكتاب الورقي والقارئ ومساعدتهم على فن الكتابة ودعم مواهبهم».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.