أوزبكية من «أرامل داعش» تروي تفاصيل الهروب من «الجحيم»

«التنظيم» أعدم زوجها وتركها وحيدة مع أطفال صغار

الأوزبكية ديلنوز
الأوزبكية ديلنوز
TT

أوزبكية من «أرامل داعش» تروي تفاصيل الهروب من «الجحيم»

الأوزبكية ديلنوز
الأوزبكية ديلنوز

لم يكن الهروب من جحيم ما يسمى بـ«دولة الخلافة» التي أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي عن تأسيسها بالأمر السهل. ويصبح الأمر شبه مستحيل عندما يدور الحديث عن «أرملة داعشي»، أعدم «التنظيم» زوجها، وتُركت وحيدة وسط «وحوش العصر»، مع أطفال صغار، بعضهم لم يكتب له البقاء على قيد الحياة، وكل هذا خلال رحلة الهروب إلى، ومن «داعش»، التي استمرت عدة سنوات، عبر إيران نحو «طالبان»، ومن ثم إيران مجدداً ومنها إلى تركيا وأخيراً سوريا، المحطة الأخيرة قبل «النجاة». فصول مأساوية جديدة عن حياة «أرامل داعش» كشفت عنها مواطنة أوزبكية اسمها ديلنوز.
حالها حال معظم «زوجات» و«أرامل الدواعش»، تقول ديلنوز إن كل شيء جرى دون معرفة مسبقة منها بأنها ذاهبة مع زوجها وصغارها في رحلة محطتها الأخيرة «داعش»، بعد عدة سنوات في مناطق «طالبان». وحسب روايتها بدأت رحلتها مع صغارها نحو المجهول في عام 2011. حين قررت الانضمام إلى زوجها، الذي كان يعمل في مدينة بطرسبورغ في روسيا. ومن هناك عبر أذربيجان، انتقل الزوجان إلى إيران. وبعد شهرين تقريباً انتقلا إلى أفغانستان.
مقابل إصرارها على العودة إلى أوزبكستان، وافق الزوج لكن على أن تعود وحدها مع الأطفال. وحسب روايتها أدركت في هذه اللحظة تحديداً أن زوجها «انضم إلى الجهاد». تؤكد ديلنوز إنها حاولت الفرار، لكنها لم تجرؤ على ذلك، وتقول في إشارة إلى طالبان: «لو علموا بأنني أريد الفرار سيقتلونني».
رغم تعقيدات الحياة هناك، ورغم خلافها مع زوجها بشأن ضرورة العودة إلى أوزبكستان، أنجبت ديلنوز في أفغانستان طفلهما الثالث، عبد الرحمن، إلا أنه توفي نتيجة إصابته بمرض الحصبة، بينما كان والده غائباً طيلة 7 أشهر. تقول ديلنوز إن الزوج «طلب المغفرة» عندما أدرك أنه خسر ابنه، وقال: «علينا الآن أن نسافر إلى تركيا»، وأصر على رفض فكرة العودة إلى أوزبكستان، خشية من أن يتعرض هو وزوجته للاعتقال.
في إسطنبول التي وصلاها عبر إيران دون أن تكون بحوزتهما أي وثائق إثبات شخصية، قرر الزوج حلق لحيته التي كبرت خلال وجوده مع «طالبان»، ورغم التعقيدات توفرت له فرصة عمل، حسب رواية زوجته ديلنوز، وبدأت أمورهما تسير على نحو جيد، ورزقا هناك بطفل جديد أسمياه أيضاً عبد الرحمن. بدأ الفصل الجديد من معاناة ديلنوز حين أصيب عبد الرحمن بمرض، واحتاجا المال لتغطية علاجه.
وقال الأطباء إن الطفل بحاجة إلى العلاج وإلا سيموت. هنا ظهر أوزبكي آخر، اسمه علي، قال الزوج إنه عرض عليهما مبلغ 10 آلاف دولار لعلاج الصغير.
وما إن تماثل عبد الرحمن للشفاء أخذ علي يطالب الزوج برد الدين، ولما كان الأخير عاجزاً عن توفير المبلغ، اقترح عليه علي «الذهاب إلى سوريا للعمل في مجال النفط». وبالفعل تم نقل الزوج إلى الرقة من ثم إلى الميادين. إلا أنه عاد بعد عدة أشهر، وقال لزوجته إنهم «يكذبون، لا يوجد أي نفط، الجميع إرهابيون». رغم ذلك، ولأسباب لم توضحها، انتقلت ديلنوز مع زوجها وطفليهما للعيش في مناطق «داعش» داخل الأراضي السورية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017. أتي شخص وأبلغ ديلنوز أنها باتت أرملة، وعليها التزام «العدة»، وعندما حاولت الاعتراض، عرض لها الرجل تسجيلاً على الهاتف، يظهر فيه زوجها قتيلاً بعيار ناري، بعد أن كسروا له قدمه. وعلم ابنها البكر من أطفال آخرين تلقى معهم تدريبات بأن «التنظيم» أعدم والده لأنه حاول الفرار.
وفي روايتها «الهروب من (داعش)» تقول ديلنوز إنها علمت بعد نقلها إلى «دار الأرامل» بمهرب يمكنه نقلها مع صغارها الثلاثة إلى تركيا مقابل مبلغ محدد، لذلك قررت الاتصال بوالدتها، وقامت بذلك من خلال ابنها البكر البالغ 11 عاماً، كانت تكتب له نص الرسالة وهو يرسلها عبر مقهى الإنترنت إلى جدته في أوزبكستان، وتواصل بالطريقة ذاتها معها الأمن الأوزبكي، وطلبت منه المساعدة لتأمين هروبها. وبعد توفر المبلغ بدأت عملية الهروب، وجلست الأم مع صغارها في صندوق تحمله سيارة.
بعد عدة أيام وصل الجميع إلى إدلب، إلا أنهم وقعوا مجدداً بأيدي «داعش»، وقام مقاتلوه بإعدام المهرب بتهمة «اختطاف أرملة مع أطفالها». رغم ذلك لم تفقد ديلنوز الأمل وتواصلت مجدداً مع «عناصر استخبارات أوزبكيين في المنطقة».
وتقول إنها وصلت بعد ذلك إلى تركيا وسلمت نفسها هناك لموقع عسكري. وبعد اتصالات مع السفارة تم نقلها، وحصلت على الوثائق الضرورية للعودة إلى أوزبكستان. وهي موجودة هناك حالياً، وتوكد أن الجميع استقبلها بشكل جيد وأن أطفالها الثلاثة بخير ويذهبون إلى المدارس مثل أي أطفال آخرين.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.