قلق غربي من قذيفة «حزب الله» لباسيل

TT

قلق غربي من قذيفة «حزب الله» لباسيل

اتسعت دائرة ردود الفعل على الصورة التي يظهر فيها وزير الخارجية والمغتربين اللبناني رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وهو يتسلم «هدية صاروخية» من مخلفات معارك «حزب الله» ضد «جبهة النصرة» في جرود عرسال عام 2017، لتشمل دبلوماسيين غربيين في بيروت أبدوا قلقاً من الرسائل التي تحملها.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الهدية الصاروخية التي قدّمها «حزب الله» إلى باسيل في جبيل، كانت موضع تقويم بين عدد من الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين في لبنان الذين يلتقون في غالب الأحيان في عطلة نهاية الأسبوع.
وفي هذا السياق، سأل دبلوماسي يعمل في دولة كبرى عن الجدوى السياسية لقبول باسيل مثل هذه الهدية، خصوصاً أنها تتزامن مع التقرير النصف السنوي الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي جدّد فيه مطالبة الدولة اللبنانية بجمع سلاح «حزب الله» وبضرورة انسحابه من سوريا.
ولفت إلى أن «حزب الله» ليس لديه ما يخسره عندما وافق باسيل على تقبّل هديته الصاروخية وكان في مقدور الأخير الطلب من حليفه صرف النظر عنها لما سيترتب عليها من إحراج على المستويين الدولي والإقليمي، إلا إذا فوجئ بمسؤول الحزب يحضرها معه في خلال استقباله له في بلدة رأس أسطا في جبيل.
ورأى الدبلوماسي، كما علمت «الشرق الأوسط»، أن التزامن بين الهدية الصاروخية وتقرير الأمم المتحدة سيؤدي إلى إحراج لبنان حتى لو ادّعى باسيل لاحقاً أنه تسلّمها كرئيس لتيار سياسي وليس كوزير للخارجية. وقال إن ما حصل من شأنه أن يلحق الضرر السياسي بلبنان حتى من قِبل أصدقائه في المجتمع الدولي الذين يحرصون على التعاطف معه ويسعون إلى خفض منسوب الضغط الذي يتعرّض له على الصعيدين الدولي والإقليمي.
وأكد أن باسيل أقحم لبنان قبل أن يُقحم نفسه في مشكلة مع الأمم المتحدة كأنه عندما وافق على تسلُّم الهدية أراد تمرير رسالة اعتراضية على ما ورد في تقرير غوتيريش حول «حزب الله»، وبالتالي يمكن أن يكون لقبوله الهدية خلفية سياسية، خصوصاً أن البعض في المجتمع الدولي سيتعامل معها على أنها تشكّل ليس خرقاً للتقرير فحسب وإنما للقرار 1701.
واعتبر الدبلوماسي الغربي أن حكومة الرئيس سعد الحريري تحرص على اتباع سياسة متوازنة، وهذا ما أكدته في بيانها الوزاري، لكن من يقف على رأس الدبلوماسية في لبنان (في إشارة إلى باسيل) لا يلتزم بهذه السياسة.
أما القول إن هذه القذيفة الصاروخية هي من مخلّفات حرب «حزب الله» على الإرهابيين في جرود عرسال، فإن مثل هذا الكلام، كما يقول أحد الوزراء لـ«الشرق الأوسط»، لن يُسوّق دولياً لأن هناك أكثر من دولة أدرجت اسم الحزب على لائحة الإرهاب، وأيضاً العقوبات، رغم أن بعضها كان يميّز في السابق بين جناحيه العسكري والمدني ويتعاطى مع الأخير في العلن وبلا أي حرج.
ويؤكد أن باسيل «أخطأ في تقديره لردود الفعل المحلية والخارجية عندما وافق على تقبُّل الهدية، وبالتالي فإن شعبيته لن تزيد في الشارع المسيحي، ولم يكن في حاجة إلى كسب ودّ حليفه «حزب الله» وهو لا يزال يسلّفه الموقف تلو الآخر من دون أي تردّد.
ويقول إن الهفوة السياسية التي سقط فيها باسيل بقبوله الهدية، كان قد سقط فيها وزير الدفاع الوطني إلياس بو صعب عندما قال في جولته في الجنوب إن البحث في الاستراتيجية الدفاعية يأتي بعد زوال الأخطار الإسرائيلية على لبنان. ولفت إلى أن بو صعب تدارك السقطة لكنه حاول أن ينأى بنفسه عنها باتهام حزب «القوات اللبنانية» بأنه أعد رداً جاهزاً استبق فيه ما قاله، ويقول إن كلام وزير الدفاع يعني تأجيل البحث في الاستراتيجية الدفاعية إلى ما بعد زوال الأخطار الإسرائيلية، وبالتالي لن يكون هناك من مبرر لها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.