معارك عنيفة شمال حماة... وغارات مكثفة على ريف إدلب

قوات النظام تتقدم وسط سوريا

TT

معارك عنيفة شمال حماة... وغارات مكثفة على ريف إدلب

أعلنت القوات الحكومية السورية، أمس الاثنين، سيطرتها على قرية في ريف حماة الغربي بعد معارك عنيفة مع مسلحي المعارضة، في وقت واصلت فيه طائرات روسية وسورية قصف «مثلث الشمال» الذي يضم إدلب وأرياف حلب وحماة واللاذقية وسط وجود خطة لفتح طريقين رئيسيتين.
وقال مصدر عسكري سوري لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «سيطرت وحدة من الجيش على قرية ألبانة - الجنابرة بعد معارك عنيفة مع مسلحي المعارضة»، مشيراً إلى أن «معارك عنيفة تجري حالياً للسيطرة على تل عثمان القريب من القرية والذي يعدّ نقطة استراتيجية». وأكد المصدر: «مقتل عشرات المسلحين التابعين للمعارضة في قرية الجنابرة وتل عثمان وعابدين وكفرسجنة بريفي حماة وإدلب».
من جانبه، أقر قائد عسكري في «جيش النصر» التابع لـ«الجيش السوري الحر» بـ«دخول القوات الحكومية السورية قرية ألبانة بعد معارك مع مسلحي (جيش النصر) وفصائل أخرى من (الجبهة الوطنية للتحرير)». وقال إن «القوات الحكومية تكبدت خسائر كبيرة، خصوصاً مجموعات الاقتحام التابعة لقوات النمر (العميد سهيل الحسن)، وتدمير دبابتين ومقتل طاقميهما، إضافة إلى تدمير عدد من الآليات».
وأضاف القائد: «ما زالت المعارك تدور على أطراف تل عثمان، بينما تقاتل فصائل المعارضة بشراسة رغم القصف الجوي من الطيران الروسي، وما دام تل عثمان تحت سيطرتنا، فإن قرية ألبانة تبقى ساقطة نارياً حتى لو كانت تحت سيطرة القوات الحكومية».
وقال قائد عسكري في «الجبهة الوطنية للتحرير» المعارضة إن «الطيران الحربي الروسي شن عشرات الغارات على قرى كفرنبودة وعابدين وكفرسجنة بريفي حماة وإدلب وقريتي سحاب وكورة بجبل شحشبو غرب حماة».
وكانت المعارضة السورية أعلنت عن مقتل 10 على الأقل من القوات الحكومية، وإصابة العشرات خلال التصدي لهجوم شنته صباح أمس بريف حماة الشمالي.
وقال قائد عسكري في «الجبهة الوطنية للتحرير» لوكالة الأنباء الألمانية: «تصدت فصائل المعارضة لهجوم كبير شنته القوات الحكومية على جبهة بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي، وقتلت وجرحت العشرات منهم».
وكانت القوات الحكومية السورية البرية بدأت عملياتها على محور ريف حماة الشمالي أول من أمس بالقصف المدفعي والصاروخي العنيف باتجاه بلدات
كفرزيتا وكفرنبودة ومورك. وقال قائد ميداني يقاتل مع القوات الحكومية إن «مدفعية الجيش قصفت مقرات وخطوط تحرك مسلحي المعارضة في ريف حماة الشمالي بعد استهدافهم المتكرر مواقع الجيش والمناطق المدنية في ريف حماة».
من جانبه، قال مصدر في «جيش العزة» التابع لـ«الجيش السوري الحر» إن «فصائل المعارضة استهدفت قاعدة حميميم العسكرية الروسية التي تنطلق منها الطائرات الحربية الروسية لقصف مناطق ريفي حلب وإدلب، بأكثر من 20 صاروخ (غراد)، وحققت إصابات مباشرة في القاعدة».
وواصلت الطائرات الروسية قصفها مناطق حلب، وقال مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية إن «الطائرات الحربية الروسية شنت فجر (أمس) غارتين على بلدة الزربة في ريف حلب الجنوبي؛ استهدفت الأولى مركزاً صحياً، والثانية استهدفت منازل المدنيين الذين قتل منهم طفلان كما
أصيب 5 أشخاص آخرون». ولفت إلى قصف الطيران الروسي بالصواريخ الفراغية، قرية السرمانية في ريف حماة الغربي، وطال القصف الجوي بلدات كفرعويد وكنصفرة والنقير وشنان وديرسنبل بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
وقال مقاتلون من المعارضة السورية تدعمهم تركيا أمس الاثنين إن موسكو وحليفتها الحكومة السورية تحاولان انتزاع السيطرة على طريقين رئيسيتين في آخر جيب يسيطرون عليه في شمال غربي البلاد في محاولة لتعزيز الاقتصاد السوري الذي أثرت عليه العقوبات.
وقال المقاتلون إن سادس يوم من هجوم القوات الحكومية شهد هجمات جوية عنيفة استهدفت مدينة جسر الشغور وسهل الغاب بالإضافة إلى بلدتي اللطامنة ومعرة النعمان في جنوب محافظة إدلب.
والسيطرة على تلك المناطق ستجعل القوات الحكومية السورية تقترب من استعادة السيطرة على طريقي «إم5» و«إم4» الاستراتيجيتين من إدلب إلى حماة واللاذقية على ساحل البحر المتوسط، وهما من أهم الشرايين في سوريا قبل الحرب.
واستهدفت الأيام القليلة الأولى من الهجوم بلدات في شمال حماة وجنوب محافظة إدلب داخل منطقة عازلة تم الاتفاق عليها في سبتمبر (أيلول) الماضي بين روسيا وتركيا في إطار اتفاق أدى إلى تفادي شن هجوم ضخم على آخر معقل رئيسي للمعارضة السورية.
وتقول روسيا والجيش السوري إنهما يردان على تصعيد لهجمات المتشددين على مناطق تسيطر عليها الحكومة، وينفيان شن هجمات عشوائية يقول مسعفون ورجال إنقاذ إنها قتلت عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة ودمرت ما لا يقل عن 5 مراكز طبية وأصابت الحياة اليومية بالشلل.
وقالت الأمم المتحدة إن الهجمات تضمنت أعنف استخدام للبراميل المتفجرة من قبل الجيش السوري خلال 15 شهراً. وتقول إنها تقدر أن 323 ألف شخص شردوا في شمال غربي سوريا منذ سبتمبر من العام الماضي.
ويقول سكان إن عشرات الآلاف فروا من ديارهم، ومعظمهم إلى مخيمات على الحدود التركية منذ بدء أحدث هجوم. وقال سكان وشهود إن بعض الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى تلك المخيمات لجأوا إلى بساتين الزيتون.
وقال ناجي مصطفى، عضو «الجبهة الوطنية للتحرير» التي تدعمها تركيا، إن «القصف يزداد بشكل مكثف، ورقعة القصف تزداد وتتوسع بكثافة وعنف».
وتقول روسيا إن تركيا لا تفعل ما يكفي لإجلاء المتشددين من المنطقة العازلة أو فتح طريقي «إم5» و«إم4» اللتين تربطان المدن التي تسيطر عليها الحكومة وتمتدان من الطرف الجنوبي لسوريا قرب الحدود مع الأردن إلى الحدود الشمالية مع تركيا.
ويقول خبراء اقتصاديون إن فتح الطرق التجارية وطرق السفر عبر محافظة إدلب سيؤكد من جديد سيطرة الدولة على اقتصاد مجزأ نشأ خلال الحرب الدائرة منذ 8 سنوات ويواجه الآن عقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي إنه لا يستبعد شن هجوم كامل على المتشددين في محافظة إدلب.
وتتهم المعارضة السورية التي تسعى لإسقاط الرئيس بشار الأسد موسكو باستخدام المتشددين حجة لتصعيد الهجمات على المناطق المدنية والضغط على تركيا.
وقال الرائد يوسف حمود، المتحدث باسم «الجيش الوطني» الذي تدعمه تركيا، لـ«رويترز» أمس: «كان هناك هدف روسي للسيطرة على الطرق، ولقي موقفاً ثابتاً رافضاً من قبل فصائل الثوار، وهو مرفوض لأنه تهجير لعشرات الآلاف ممن يرفضون أن يكونوا تحت (حكم) الروس».



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».