«داعش» يدفع خلاياه إلى وسط أفريقيا

استهداف الكونغو الديمقراطية «مؤشر خطر»

«داعش» يتبنى استهداف كنائس في سريلانكا... من مواقع تابعة للتنظيم
«داعش» يتبنى استهداف كنائس في سريلانكا... من مواقع تابعة للتنظيم
TT

«داعش» يدفع خلاياه إلى وسط أفريقيا

«داعش» يتبنى استهداف كنائس في سريلانكا... من مواقع تابعة للتنظيم
«داعش» يتبنى استهداف كنائس في سريلانكا... من مواقع تابعة للتنظيم

في مؤشر خطير، دفع تنظيم «داعش» الإرهابي عناصره وخلاياه إلى الكونغو الديمقراطية سعياً للتمدد هناك، بحثاً عن مناطق ينتشر فيها، عقب هزائم سوريا والعراق، معتمداً في ذلك على الذراع الموالية له؛ جماعة «بوكو حرام»، وفرعه في «الصحراء الكبرى»، وعناصره في الصومال، و«أنصار السنة» في موزمبيق.
وأعلنت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» أخيراً تبني التنظيم لأول هجوم له في الكونغو الديمقراطية على معسكر للجيش بالمنطقة الحدودية مع أوغندا، أودى بحياة 3 جنود... «أعماق» بثت فيديو لمجموعة من العناصر تحمل السلاح، وتطالب المؤيدين للتنظيم بأفريقيا بأن ينضموا إلى «دولتهم الجديدة بوسط أفريقيا»، المسماة بـ«مدينة التوحيد والموحدين»، على حد زعمها، وانتشر هذا الإصدار على مواقع تابعة لـ«داعش»، تحدث فيه شخص باللغة العربية داعياً مؤيدي التنظيم للهجرة إلى أرض الكونغو الديمقراطية لـ«الجهاد».

تمدد زائف

وأكد اللواء محمد قشقوش، الخبير العسكري والاستراتيجي أستاذ الأمن القومي الزائر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بمصر، أن «تبني (داعش) لعملية الكونغو تأكيد زائف على أنه لم ينتهِ»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطورة تكمن في (العمليات الخاطفة) التي قد تتم من عناصر تم تجنيدها إلكترونياً بهدف تنفيذ هجمات إرهابية».
وقال مراقبون إن «القارة الأفريقية تشهد، منذ منتصف عام 2018، تصاعداً في العمليات الإرهابية، وبدأت تشهد انتشاراً للكثير من التنظيمات الإرهابية... وإعلان (داعش) عن تنفيذه أول عملية في الكونغو الديمقراطية منحى خطير في أفريقيا، خصوصاً مع عودة المقاتلين الأفارقة في صفوف التنظيم».
وأكد المراقبون أن «التقديرات الأولية تشير إلى أن عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ ظهوره إلى الآن يصل إلى 6 آلاف مقاتل، وفقاً لتقارير مراكز بحثية غربية، ويمثل عودة ما تبقى منهم إلى أفريقيا مشكلة كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن الكثيرين منهم شباب صغير السن، وليس لهم روابط إرهابية سابقة، وأغلبهم تم استقطابه عبر الإنترنت»، لافتين إلى أن «مساعي التنظيم للتمدد داخل القارة الأفريقية سوف تتواصل خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً كلما تعرّض لمزيد من الضربات العسكرية في المناطق التقليدية، التي سبق أن سيطر عليها، وما زال يوجَد فيها عبر (خلاياه النائمة)، على نحو يفرض على الدول الأفريقية رفع مستوى التنسيق الأمني فيما بينها، للتعامل مع المعطيات الجديدة التي فرضتها الهزائم العسكرية التي مُني بها (داعش) في المنطقة».
وأكدت دراسة حديثة لمرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن «تنظيم (داعش) يحاول أن يتمدد عبر الكونغو الديمقراطية مستغلاً وجود بعض المناطق التي تعاني من صراعات داخلية، وهي البيئات المفضلة لمثل هذه التنظيمات، فتوجد في الكونغو الديمقراطية جماعات مسلحة... ومنذ عام 2014 سقط نتيجة صراع هذه الجماعات ما يقرب من ألف شخص».
اتسق ذلك مع دراسة أخرى لمركز «المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة» في أبوظبي، أكدت أن «(داعش) ما زال حريصاً على تبني السياسة نفسها، التي سبق أن اتبعها في العراق وسوريا، وهي العمل على استغلال تصاعد حدة الأزمات الداخلية، وتراجع قدرة الدولة على ممارسة سلطاتها بشكل كامل... وهو ما يبدو جلياً في حالة الكونغو الديمقراطية، التي تشهد انتشاراً لبعض التنظيمات المسلحة، إذ تشير تقديرات إلى أن عددها يصل إلى 12 جماعة مسلحة، مثل (ماي ماي كاتا كاتانغا) إلى جانب العصابات الإجرامية».

دعوة البغدادي

وتشير تقارير ومعلومات إلى أن «العناصر التي نفذت أول عملية في الكونغو الديمقراطية لم تتبنّ آيديولوجية (داعش) فقط، بل تلقت أموالاً من التنظيم على يد مواطن كيني يُدعى وليد أحمد زين، وهو أحد مؤيدي (داعش)، ومُدرج على قوائم الإرهاب بنشرة وزارة الخزانة الأميركية».
ودعا أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لما سماها «ولايات دولة الخلافة» في «أفغانستان، والقوقاز، وإندونيسيا، وغرب ووسط أفريقيا» للقيام بعمليات إرهابية.
في السياق ذاته، أوضحت دراسة الإفتاء أنه «عُثر على كتب تحمل آيديولوجية (داعش) في مواقع تمركز وانتشار (قوات التحالف الديمقراطية)، وهو فصيل متمرد يرفع السلاح في وجه الدولة بالكونغو الديمقراطية، وأنه وفقاً لخرائط (داعش) فإن تقسيم الولايات كان يشتمل أيضاً على ما يُسمى بـ(أرض الحبشة)، وكانت الكونغو من بين هذه الدول التي يسعى (داعش) فيها لإقامة ما يُعرف بـ(الدولة)، كما أن عناصر منشقة عن هذا الفصيل، كانت ترفع راية (داعش) في أماكن قوات التحالف الديمقراطية».
أما دراسة «مركز المستقبل»، فأكدت أن «هناك اتجاهات عديدة أبدت شكوكاً أولية في أن يكون (داعش) هو مَن نفذ هجوم الكونغو الديمقراطية، في ظل وجود عدد من الجماعات والميليشيات المسلحة هناك، إلا أن اعتبارات كثيرة ترجح أن يكون التنظيم هو الذي نفّذ تلك العملية بالفعل، خصوصاً أنه سعى خلال الفترة الأخيرة إلى تعزيز نشاطه في القارة الأفريقية».
وذكرت الدراسة أن «(داعش) حرص بالتوازي مع تنفيذ الهجوم، على إعلان تأسيس ولاية جديدة تابعة له في الكونغو الديمقراطية، على خلاف الهجمات الأخرى التي نفذها في بعض الدول، مثل الفلبين وغيرها، حيث غالباً ما كان يكتفى بإعلان مسؤوليته فقط من دون تأسيس ولاية جديدة».
وكان لافتاً أن الهجوم الأخير وقع بعد فترة وجيزة من سقوط الباغوز، آخر معاقله في سوريا، بشكل يطرح دلالة مهمة تتمثل في أن التنظيم قد يحاول توجيه رسائل متعددة تفيد بقدرته على تنفيذ عمليات في مناطق جديدة، بعد تراجع نشاطه ونفوذه في المناطق الرئيسية التي كان قد سيطر عليها في الأعوام الأربعة الماضية.

تنظيمات متنافسة

في السياق ذاته، أشار مؤشر لدار الإفتاء المصرية إلى أن «القارة الأفريقية شهدت، في الأسبوع الأخير من أبريل (نيسان) الماضي، 14 عملية إرهابية من إجمالي 24 عملية هزّت العالم، بنسبة 58 في المائة من عدد العمليات الإرهابية، حيث ضرب الإرهاب 9 دول أفريقية هي (الصومال، والنيجر، وتشاد، وبوركينا فاسو، وليبيا، وتونس، والكاميرون، ومالي، والكونغو الديمقراطية)». وأفاد المؤشر بأنه «لا تزال أفريقيا مهددة بانتشار التنظيمات الإرهابية، وهناك تنافس قوى بين كل من التنظيمات المُبايعة لـ(داعش) في غرب القارة، والمبايعة لـ(القاعدة)، وانتقل هذا التنافس أخيراً إلى وسط القارة، من خلال فرع (داعش) في الصحراء الكبرى، وجماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) الموالية لـ(القاعدة)».
وقال الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، لـ«الشرق الأوسط»: «شهدت الساحة الأفريقية أخيراً حالة من التنافس الجهادي بين التنظيمات القاعدية، وعلى رأسها (حركة الشباب)، والتنظيمات الداعشية، وعلى رأسها (بوكو حرام)»، مضيفاً أن «العلاقة بين التنظيمات الجهادية علاقة تنافسية صراعية، فقد تراجعت (القاعدة) لصالح (داعش) في مرحلة من المراحل، والآن حدث العكس»، لافتاً إلى أن «ما قام به (داعش) في الكونغو هو محاولة لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه تنظيم (عابر للحدود)».
وسبق أن حذر رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي «من احتمال قيام (داعش) بمحاولات لتعزيز وجوده في القارة الأفريقية، بعد هزيمته عسكرياً في سوريا والعراق». وقال المراقبون إن «بعض دول أفريقيا ربما رصدت تحركات كثيرة دعمت احتمال اتجاه التنظيم لمحاولة دعم نشاطه داخلها».
وقالت دراسة «مركز المستقبل» إن «الهزائم العسكرية التي تعرض لها (داعش) في سوريا والعراق فرضت ضغوطاً قوية عليه، لدرجة أضفت مزيداً من الشكوك إزاء قدرته على الاستمرار كتنظيم رئيسي على خريطة التنظيمات الإرهابية في العالم، بل إن الشعارات نفسها التي سبق أن تبناها، على غرار (باقٍ ويتمدد)، أصبحت موضع تساؤلات كثيرة بعد التطورات الميدانية التي قلصت من القدرات العسكرية والبشرية التي امتلكها (داعش) في الأعوام الأخيرة»، مؤكدة: «لذا بدأ التنظيم في الإعلان عن تنفيذ عمليات إرهابية في مناطق بعيدة عن معاقله الرئيسية، ليس فقط لتأكيد قدرته على البقاء، وإنما لإثبات قدرته على التمدد في مناطق متفرقة، وفي وقت واحد، في إطار ما يُمكن تسميته بـ(الانتشار أفقياً)، الذي انعكس في ظهور خلايا وأفرع تابعة له في أفغانستان، والفلبين، وشمال أفريقيا، إلى جانب الكونغو الديمقراطية».
ويُشار إلى أن الهجوم الأخير الذي وقع في الكونغو الديمقراطية، سبق، بفترة وجيزة، العمليات الإرهابية المتزامنة التي وقعت في سريلانكا، واستهدفت ثلاث كنائس وفنادق، وراح ضحيتها أكثر من 300 قتيل و500 جريح... وأعلن «داعش» مسؤوليته عن هذه العمليات.
وأكدت دارسة «مركز المستقبل» أن «العمليات الإرهابية النوعية الأخيرة قد تعكس مستوى الضغوط التي بات يتعرض لها (داعش) في الفترة الحالية، خصوصاً بعد أن ساهمت الهزائم العسكرية التي مُني بها في تضييق الخناق على قياداته، لا سيما زعيمه البغدادي، على نحو يزيد من احتمال اعتقاله أو قتله، في مرحلة لاحقة، وهو ما يبدو أن التنظيم يحاول الاستعداد له مُسبقاً من خلال تنفيذ عمليات إرهابية، والإعلان عن تأسيس أفرع جديدة له في دول ومناطق مختلفة».


مقالات ذات صلة

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».