بكتيريا صحراوية قد تنقذ المحاصيل

تمكَّن فريق بحثي من عزل بكتيريا «إس إيه 187» (SA187) التي تعيش داخل العقد الجذرية لنبات النيلة الصحراوية الذي ينمو في منطقة جيزان الجنوبية ومناطق أخرى في شبه الجزيرة العربية... ووجد الفريق أن لدى هذه البكتيريا كثيراً من الجينات التي تعزِّز نمو النباتات في البيئات الصعبة.
تمثل النتيجة التي تَوصَّل إليها الفريق جزءاً من مشروع لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) يسمى «داروين 21» DARWIN21، ويهدف إلى استكشاف التنوع الميكروبي للنباتات الصحراوية، وفحص إمكانية استخدامها في تحسين الاستدامة الزراعية في الأراضي الجافة والمناطق الهامشية.
وأوضح عالِم النبات هيربيرت هيرت أن الباحثين فوجئوا بالعثور على عشرات أنواع البكتيريا من مجموعات نباتية يختلف بعضها تماماً عن بعض، قادرة على مساعدة مجموعة متنوعة من النباتات على أن تنمو بصورة أفضل في ظل ظروف حيوية قاسية.
وتقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن المزارعين سيحتاجون إلى زيادة إنتاجهم من الغذاء بنسبة 70 في المائة بحلول عام 2050 لتلبية احتياجات التعداد المتزايد للسكان في العالم. وفي الوقت نفسه، فإن 70 في المائة من إنتاج الغذاء العالمي السنوي يُفقد بسبب تحديات تفرضها عوامل حيوية مختلفة (مثل مسببات الأمراض، والحشرات، وآكلات الأعشاب) وعوامل لا حيوية (مثل الجفاف، والحرارة، والبرودة) كما يوضح هيربيرت.
تحتاج المحاصيل إلى أن تكون أكثر مقاومةً للضغوط، ولكن الهندسة الوراثية وتقنيات إنتاج المحاصيل تأخذ وقتاً طويلاً لكي تتطور، ولا يمكنها أن تخدم آنيّاً الناس الأشد احتياجاً إلى الغذاء. ويؤكد هيربيرت على أهمية استنباط حلول سريعة ومنخفضة التكلفة لمواجهة ذلك، وهو ما يعمل عليه مشروع «داروين 21»، ويهدف إلى العثور على بكتيريا يمكن أن تساعد المحاصيل لتصبح مقاوِمةً لأبرز الضغوط اللاحيوية المسؤولة عن 60 في المائة من الفقد في إنتاجية المحاصيل.
عالج الباحثون شتلات عمرها خمسة أيام من نبات مزهر صغير يسمى Arabidopsis thaliana بالبكتيريا SA187. وبعد ذلك، جرى زرع النباتات في ظروف تختبر قدرتها على تحمُّل ضغوط الجفاف، والحرارة، والملوحة. وكانت النتيجة أن النباتات المعالَجة ببكتيريا SA187 نمت على نحوٍ أفضل من تلك التي لم تُعالَج بالبكتيريا.
أظهرت التحاليل أيضاً أن بكتيريا SA187 يمكن أن تتكيف مع بيئات متنوعة وقاسية، حيث تستعمر النباتات وتعدل إنتاجها من الهرمونات، وبالتالي تعزِّز النمو، وتنتج إنزيمات تحمي النبات من البكتيريا المسببة للأمراض، والحشرات، والفطريات.
جدير بالذكر أن الفريق قارن جينوم بكتيريا SA187 بجينوم أنواع أخرى من البكتيريا، ووجدوا أنه يمكن أن يكون جنساً جديداً ينتمي إلى عائلة البكتيريا Enterobacteriaceae غير أنه من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات لتحديد موقعها التصنيفي.
ويشير خبير المعلومات الحيوية، انتخاب علام، من «مركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية» التابع للجامعة إلى أن الفريق تمكَّن من تحليل جينوم البكتيريا بالتفصيل، وكذلك تقييم الوظائف المحتملة لكثير من جيناته باستخدام أنظمة الحوسبة في «كاوست».
وجرت إضافة الجينات التي جرى التعرف عليها إلى قاعدة البيانات المسماة INtegrated Database of microbial / meta GenOmes (INDIGO)، لتوفير منصة سهلة الاستخدام لعلماء الأحياء من أجل مزيد من الاستكشاف لهذه الجينات.
كما طور ماجد سعد (وهو عالِم باحث ضمن الفريق) تطبيقاً يُغلف بذور النباتات بالبكتيريا قبل زراعتها. ويعطي هذا للبكتيريا ميزةً تنافسيةً لتنمو على النبات قبل أن يتعرض لبكتيريا أخرى في التربة.
ويعمل أربعة من طلاب هيرت حاليّاً على تأسيس شركة غير هادفة للربح لتوزيع بكتيريا SA187 على المزارعين الذين يعيشون على حد الكفاف في مختلف أنحاء العالم.

- خدمة «جامعة كاوست»