تشكيلي مصري يعيد رسومات المستشرقين بأسلوب جديد

أحمد لطفي يفتح مرسمه مجاناً لراغبي التعلم في حي شعبي بالقاهرة

لطفي يعيد رسم لوحات المستشرقين بأسلوبه الخاص
لطفي يعيد رسم لوحات المستشرقين بأسلوبه الخاص
TT

تشكيلي مصري يعيد رسومات المستشرقين بأسلوب جديد

لطفي يعيد رسم لوحات المستشرقين بأسلوبه الخاص
لطفي يعيد رسم لوحات المستشرقين بأسلوبه الخاص

وجهٌ آخر يمنحه «غاليري الفنان التشكيلي المصري أحمد لطفي» لحي السيدة زينب الشعبي، إذ يتوسط الغاليري الورش الصاخبة والمقاهي العتيقة، مقدماً معروضاته التي تحاكي اللوحات العالمية وأعمال المستشرقين، والتي يعيد لطفي رسمها بلمسة خاصة، وأسلوب جديد، بجانب معروضات غيره من الشبان الموهوبين، ممن يحرص الفنان الثمانيني على دعمهم.
يؤكد لطفي أن اقتناء لوحة من عمل فنان، أمر لا يضاهيه شيء آخر، رافضاً اللوحات التي يتم طباعة نسخ منها عن الأصل، والتي في رأيه لا تحمل روحاً، فهي وفقاً لتعبيره «شغل مكن (ماكينات)».
الرضا والاكتفاء صفتان مصاحبتان للرجل الثمانيني، الذي يفتح الغاليري يومياً من التاسعة صباحاً حتى السابعة مساءً، حيث يفضل قضاء الوقت بين الألوان واللوحات بدلاً من الوحدة. والحوار مع لطفي يأخذك إلى زمن آخر، إيقاعه هادئ، ومتسامح ومتعدد الثقافات، وقت أن كانت شوارع القاهرة بلا زحام، ولا أغاني المهرجانات الصاخبة، التي يمقتها لطفي بشدة، كما يقاطع الإنترنت الذي يرى فيه عالماً غير حقيقي، ويستبدله به الإذاعة المصرية، وما تبثه من أغاني أم كلثوم، ومنيرة المهدية، وصالح عبد الحي.
وللطفي حكايات مع الغربة، فقد أمضى 25 عاماً متنقلا بين شوارع بريطانيا، كرسام ومرمم لجداريات الكنائس، قبل أن يقرر فجأة العودة إلى القاهرة، والاستقرار في حي السيدة زينب حيث ولد.
يقول لطفي لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد حصوله على درجة الثانوية العامة نهاية خمسينات القرن الماضي، قرر استكشاف العالم، وقتها كان السفر أسهل من اليوم، وبالفعل سافر إلى عدة دول، قبل أن يقرر الاستقرار في بريطانيا، والحصول على دراسة أكاديمية قصيرة، وتحويل موهبته في الرسم إلى مهنة توفر له نفقات العيش.
يقول لطفي إنه كان يرسم في الأماكن العامة والميادين، وكان العابرون يطلبون منه رسومات للأهرامات والنيل، ويسألونه عن الحياة في القاهرة، ويتعجبون من المدنية التي وصلت إليها وقتها.
ففي ذلك الوقت كانت رؤية الغرب عن الحياة في مصر مصدرها اللوحات الشهيرة للمستشرقين، التي أعاد لطفي رسمها عند عودته من أوروبا، لمنحها لمحبي الفن والأصالة ممن يترددون على الغاليري الخاص به.
حياة لطفي في بريطانيا اتسمت بالصخب والمطاردات من قبل رجال الشرطة في البداية، حيث لم يكن يملك تصريحاً لممارسة المهنة، ثم تحسن وضعه بعد ذلك، وزادت مكاسبه حتى تمكن من تحمل نفقات شقة خاصة به، بعد أن عاش سنوات في بيوت الشباب.
«الفن للفن» كان شعار لطفي طوال السنوات التي عاشها خارج مصر، حيث لم يهتم بترك بصمته على عمل فني أو مدرسة فنية بعينها، بل كان يرسم كما يرغب دون تقيد، معتمداً على طريقته المميزة في استخدام الألوان المائية، مفضلاً إياها عن الألوان الزيتية، التي يراها أقل تحدياً ودقة.
الحنين أعاد لطفي إلى القاهرة خلال الثمانينات من القرن الماضي، ليجد الحياة تغيرت كثيراً، فقد حل محل القاهرة الكوزموبوليتانية الرائقة، قاهرة أخرى صاخبة، كل شيء يحدث فيها على عجل، لكن لطفي مع ذلك تقبل التغيرات، وقرر الاستقرار وسط دفء العائلة. لكن رغم تكريس لطفي حياته للفن، فإنه رفض أن يتبع أي من أولاده مواهبهم الفنية التي ورثوها عنه بالدراسة الأكاديمية، بل أراد لهم حياة أكثر استقراراً، خاصة أن الفنون في مصر لا تضمن استقراراً مادياً، ويعانى أصحابها دائماً من قلة الفرص والقلق على المستقبل. ويتميز «غاليري لطفي» عن غيره من المعارض الأخرى، بأنه لا يقتصر فقط على عرض اللوحات، بل يمتد إلى كونه قبلة لراغبي تعلم تقنيات الفن التشكيلي دون مقابل، حيث يرحب لطفي بكل من يقبل عليه، بشرط أن يمتلك الموهبة والرغبة الصادقة، ومن الممكن أن يوفر لهم الأدوات أيضاً، حيث يستمتع بأداء دور الجد اللطيف الزاهد.
يرفض لطفي الاشتراك في المعارض والفعاليات الثقافية العامة، «في سني هذا لا يرغب المرء في شيء»، مشيراً إلى حياته الصاخبة التي حقق فيها الكثير من أحلامه، وإتباعه شغفه الخاص بالفن.



سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.