المغرب يسعى لتحصين جاليته من التطرف في رمضان بـ422 مؤطراً دينياً

خبير: النموذج المغربي في التدين أصبح مطلوباً في أوروبا

TT

المغرب يسعى لتحصين جاليته من التطرف في رمضان بـ422 مؤطراً دينياً

كلف المغرب 422 مؤطرا دينيا تأطير أعضاء الجالية المغربية، المقيمين بالخارج خلال شهر رمضان، سيوزعون على 10 دول غالبيتها أوروبية، وذلك بهدف توحيد الصفوف، وتمتين أواصر العلاقة فيما بين مغاربة العالم، وصيانة المساجد المغربية وحمايتها من كل غلو وتطرف.
وأكدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية أن عدد المشفعين والوعاظ والواعظات خلال هذه السنة سجل زيادة 52 مؤطرا، مقارنة بالسنة السابقة التي شهدت بعث 370 مؤطرا دينيا لمواكبة مغاربة العالم خلال شهر رمضان.
واعتبرت الوزارة في موقعها الإلكتروني الرسمي أن الزيادات الملموسة في الأعداد المقترحة تمت لرفع «التحديات التي تواجهها الهيئات الممثلة، وكذا المساجد المغربية بصفة عامة، والمخاطر الحقيقية التي تواجه المساجد والنموذج المغربي في الشأن الديني». كما شددت على أن الطلبات المقدمة من طرف الهيئات المغربية تعكس «رغبة صادقة في تعميم واسع للنموذج المغربي، مقارنة بالنماذج الأخرى»، معتبرة أن الزيادات المقترحة «دعامة أساسية لترسيخ مرجعية المجلس العلمي المغربي لأوروبا، انطلاقا من بلجيكا».
وتعليقات على الموضوع، قال محمد جبرون، الباحث المختص في قضايا التاريخ والفكر السياسي الإسلامي، إن هذه الخطوة «ليست الأولى من نوعها لأن وزارة الأوقاف المغربية تقوم كل سنة ببعث عدد من الأئمة والوعاظ إلى أوروبا»، مؤكدا أنها تعكس اهتمام الوزارة بـ«الشأن الديني لمغاربة العالم، والحفاظ على روابطهم الروحية والمذهبية بالمملكة».
وأضاف جبرون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المغرب يسعى من خلال هذه العملية أيضا إلى تحصين جاليته من «الخطابات المتطرفة والاختراقات المذهبية، بالإضافة إلى توفير التأطير الديني للجالية المغربية بأوروبا، انطلاقا من الثوابت الوطنية للمملكة»، واعتبر هذه الخطوة «غير كافية لتحقيق هذه الأهداف».
كما شدد الباحث المغربي على أن الأئمة الذين سيخاطبون مغاربة العالم «يجب أن يكونوا على دراية بشأن العالم، وعلى دراية بقضايا المسلمين بالغرب»، مشددا على ضرورة «امتلاكهم الكفاية للجواب عن أسئلتهم، وهو ما ينقص كثيرا من أفراد هذه البعثة»، وذلك في إشارة إلى تواضع المستوى العلمي للمؤطرين، الذين تنتدبهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمواكبة مغاربة العالم خلال شهر رمضان.
بدوره، اعتبر إدريس الكنبوري، الباحث في الفكر الإسلامي وعلم الأديان، أن الوزارة دأبت على توجيه المؤطرين الدينيين لمغاربة العالم من أجل الحرص على «الاعتدال ونشر الفكر الوسطي، وبعث انطباعات إيجابية حول النموذج المغربي في التدين».
وأفاد الكنبوري في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط»، بأن الظروف الصعبة التي يعيشها العالم بعد حادثي نيوزيلندا وسريلانكا الإرهابيين تبين أن «أوروبا لم تعد بلدا آمنا في ظل تنامي موقف اليمين المتطرف الرافض للمسلمين بشكل عام وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا»، مؤكدا أن هذا الوضع يدعو الخطاب الديني نحو «المزيد من الحذر واستيعاب أن المسلمين يمثلون أقلية في هذه البلدان الأوروبية ومواطنيها المسيحيين، الذين لهم خصوصيات يجب مراعاتها».
وأبرز المتحدث ذاته أن العملية تمثل أحد أوجه التعاون المغربي - الأوروبي في المجال الديني، موضحا أن النموذج المغربي «لا يطرح مشكلة في أوروبا مثل بعض البلدان التي لديها تقليد سلفي»، كما أشار إلى أن النموذج المغربي أصبح «مطلوبا أكثر في أوروبا».
وذكر الكنبوري أن الزيادة التي عرفها عدد المؤطرين الدينيين لمغاربة العالم في أوروبا خلال هذه السنة يبين أن هناك «طلبا متزايدا على النموذج المغربي في التدين»، مقرا في الآن ذاته أنه من الصعب على المغرب «ربح مواقع جديدة في الوسط الديني داخل أوروبا، لأن هناك لوبي متنفذا له المال والشركات والمؤسسات يسيطر على المساجد».
كما اعتبر الكنبوري أن بلاده تواصل المقاومة إلى أن يتجذر «نموذجها في البلدان الأوروبية ويصبح مقبولا»، مؤكدا أن هذه المسألة «مرتبطة بالزمن إلى أن يتجذر ويصبح مقبولا من طرف مسلمي أوروبا».
وسجلت الوزارة في موقعها الإلكتروني الرسمي أن عدد المشفعين خلال هذه السنة بلغ 361 مشفعا، فيما وصل عدد الوعاظ إلى 29 واعظا و32 واعظة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.