رئيس البرلمان العراقي يمهد لمصالحة مجتمعية في المحافظات الغربية

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي
رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي
TT

رئيس البرلمان العراقي يمهد لمصالحة مجتمعية في المحافظات الغربية

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي
رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي

أكد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أن «العراق سيبقى بلداً موحداً، وأن الفتنة الطائفية قد ولت إلى غير رجعة». والتقى الحلبوسي خلال زيارته مساء أول من أمس محافظة صلاح الدين وأقضيتها التي استمرت حتى فجر أمس، أعضاء الحكومة المحلية في المحافظة بالإضافة إلى شيوخ ووجهاء العشائر.
وقال بيان لمكتب الحلبوسي أمس إنه «التقى خلال الزيارة رئيس وأعضاء المجلس وإدارة المحافظة والقادة الأمنيين وشيوخ ووجهاء العشائر، بحضور رئيس كتلة المحور الوطني أحمد الجبوري، وعددٍ من أعضاء مجلس النواب». وأضاف البيان أن «رئيس مجلس النواب، استمع خلال الزيارة إلى عرض قدَّمه رئيس مجلس المحافظة حول المشاكل والمعوقات التي تواجه عمل المؤسسات الخدمية فيها».
كما بحث اللقاء جهود إعادة الاستقرار والإعمار في المحافظة، وعودة النازحين، وضرورة تعويض المتضررين جراء الإرهاب، وملف تطوير القطاع الزراعي والصناعي والاستثماري، وتوفير فرص العمل لأبناء المحافظة.
كما حضر الحلبوسي الاحتفال الجماهيري الذي أقيم في ناحية «مكشيفة» بقضاء سامراء التي كانت شهدت معارك ضارية أثناء احتلال «داعش» لمحافظة صلاح الدين. وأشاد خلال كلمته بـ«التضحيات التي بُذلت لتحرير المحافظة من تنظيم (داعش) الإرهابي».
وتجيء زيارة الحلبوسي لمحافظة صلاح الدين في سياق خطة تهدف إلى تمهيد الأرضية في المحافظات الغربية (الأنبار وصلاح الدين ونينوى) التي احتلها «داعش» خلال الأعوام 2014 - 2017 لتحقيق نوع من المصالحة السياسية والمجتمعية، فضلا عن إعادة من تبقى من النازحين في هذه المحافظات لكي تبدأ المرحلة الثانية وهي بدء عمليات إعادة الإعمار فيها.
وفي هذا السياق، أكد شعلان الكريم عضو البرلمان العراقي السابق عن محافظة صلاح الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة تأتي أولا في سياق كونه رئيسا للبرلمان العراقي وبالتالي فإن من واجبه الاطلاع على مجريات الأوضاع في المحافظات كلها وفي المقدمة منها المحافظات الغربية التي عانت كثيرا طوال السنوات الماضية، وتأتي ثانيا في إطار الجهود المبذولة لتهيئة الأرضية المناسبة لإعادة الإعمار والبناء فيها وهو مالا يمكن أن يتحقق إلا من خلال البدء بخطوات سليمة لكيلا نعود إلى المربع الأول». وأضاف الكريم أن «هناك أربع نقاط أساسية يمكن الإشارة إليها خلال زيارة الحلبوسي لصلاح الدين؛ وهي أولا مسألة النازحين وأهمية إعادتهم إلى منازلهم بعد تأمين ولو الحد الأدنى المقبول من الخدمات لأنه المقدمة الضرورية لتحقيق الأمن والاستقرار وعدم عودة تنظيم (داعش) مجددا، وثانيا قضية المعتقلين والمغيبين من محافظتي صلاح الدين والأنبار الذين يبلغ عددهم نحو 3000 معتقل ومغيب لا نعرف حتى الآن مصيرهم في وقت ينتظر أهالي هؤلاء موقفا حقيقيا باتجاه مصير أبنائهم». وتابع الكريم أن «المسألة الثالثة في ملف هذه الزيارة هي المصالحة السياسية والمجتمعية التي يجب أن نثبت أركانها بين مختلف الأطياف في المحافظة لكي نطوي صفحة الماضي تماما ولن يتحقق ذلك ما لم يتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات وهو ما تم بحثه خلال هذه الزيارة»، موضحا أن «المسألة الرابعة هي مدينة سامراء بوصفها العاصمة الثقافية للمحافظة وهو ما يتطلب تأمين الأوضاع الأمنية والاجتماعية فيها ومنع عسكرتها بل إعادتها إلى جوها المدني والثقافي والحضاري الذي عرفت به على مدى التاريخ ومن خلال أهالي سامراء الأصلاء دون أي تدخلات من أي طرف».
من جهته، أكد النائب عن كتلة المحور الوطني عبد الله الخربيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة الحلبوسي لصلاح الدين أكثر من عادية نظرا لطبيعة الاستقبال الذي حظي به في مختلف المناطق التي زارها في هذه المحافظة، ما يؤكد أن هناك رغبة مشتركة بين رئاسة البرلمان ورئيسه تحديدا وبين أهالي هذه المناطق لإيجاد حلول عملية لما تعانيه هذه الأقضية والنواحي سواء جراء احتلال (داعش) لها وما خلفه من آثار سلبية»، مضيفا أن «تفعيل ملف المصالحة المجتمعية بين أبناء هذه المناطق سيوفر الأرضية لتحقيق تقدم سريع في الملفات الأخرى». وأوضح الخربيط أن «عملية الإصلاح والمصالحة إنما هي عملية مستمرة وتبقى منوطة بما يقوم به البرلمان عبر رئيسه أو رئاسة الجمهورية من أدوار تمهد الطريق أمام الحكومة بوصفها جهة تنفيذية للقيام بواجباتها تجاه تلك المناطق».
أما رئيس مؤتمر صحوة العراق، أحمد أبو ريشة، فأكد من جانبه لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة رئيس البرلمان لصلاح الدين أو أي محافظة من المحافظات الغربية إنما تمثل مصالحة مجتمعية وسياسية في آن واحد وهو ما يعمل عليه الرجل عبر خريطة طريق يمتلكها لهذا الغرض». وحول الأوضاع في محافظة الأنبار حاليا، يقول أبو ريشة إن «الأنبار اكتملت من كل الجوانب وتشهد في الواقع استقرارا واضحا، لكن لدينا فقط ملف التعويضات وهو ما تجري متابعته من قبل رئيس البرلمان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم