تحذير مصري لتركيا من التنقيب شرق المتوسط

القاهرة تقول إن الإجراءات الأحادية ستنعكس على أمن المنطقة

تحذير مصري لتركيا من التنقيب شرق المتوسط
TT

تحذير مصري لتركيا من التنقيب شرق المتوسط

تحذير مصري لتركيا من التنقيب شرق المتوسط

بينما اعتبر درجة من «التصعيد النسبي» من قبل القاهرة، وجهت مصر، أمس، تحذيراً لتركيا من اتخاذ إجراءات أحادية للتنقيب والحفر عن مكامن الطاقة في البحر المتوسط قبالة قبرص.
وجدد الموقف المصري، الذي أعلنته خارجية البلاد، الخلافات العلنية مع تركيا، التي قالت، في فبراير (شباط) 2018 إنها لا تعترف بـ«قانونية اتفاق وقعته مصر وقبرص عام 2013 للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط»، فيما شددت القاهرة حينها على أن «الاتفاقية لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، وهي تتسق وقواعد القانون الدولي، وتم إيداعها بصفتها اتفاقية دولية في الأمم المتحدة».
وأشارت القاهرة، أمس، إلى أنها «تتابع باهتمام وقلق التطورات الجارية حول ما أُعلن بشأن نيات تركيا البدء في أنشطة حفر في منطقة بحرية تقع غرب جمهورية قبرص».
وحذرت كذلك من «انعكاس أي إجراءات أُحادية على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط»، ومؤكدة «ضرورة التزام أي تصرفات لدول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه».
وقال الدكتور محمد عبد القادر خليل، رئيس تحرير دورية «شؤون تركية» للدراسات، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الموقف المصري الأحدث يتسق مع سياسة التدرج التي تتبعها القاهرة في التعامل مع أنقرة، ويتضمن درجة من التصعيد النسبي وبما يتناسب مع التجاوزات التركية للقواعد القانونية والاتفاقيات الدولية، ومحاولة تصدير التوتر في المنطقة البحرية للمتوسط».
وأظهرت نتائج أعمال البحث والتنقيب خلال السنوات الثلاث الماضية حقولا هائلة للغاز، بينها حقل ظهر، الذي تصفه الحكومة المصرية بالأكبر حول العالم، والذي يقع داخل حدود البلاد في مياه البحر المتوسط، وقبل أسبوع افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرحلة الإنتاج المبكر في الحقل، الذي ينتج 350 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً، وتقدر احتياطياته بنحو 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز. ومنذ أكثر من عام بث الجيش المصري، وأثناء احتدام التجاذبات بين القاهرة وأنقرة على خلفية اتفاقية التنقيب، بيانات، تظهر قدرات وجاهزية «القوات البحرية المصرية»، وتستعرض الأسلحة الحديثة التي انضمت إلى صفوفها مثل حاملتي المروحيات من طراز الميسترال الفرنسية اللتين تحملان اسمي «جمال عبد الناصر»، و«أنور السادات». وبدا لافتاً في المقاطع التي بثها الجيش المصري، حينها «ظهور عدد من سفن التنقيب عن الغاز في وسط المياه وانتشار وحدات عسكرية حولها لتأمينها».
وخفضت القاهرة وأنقرة علاقاتهما الدبلوماسية منذ عام 2013 بسبب موقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، المناهض لـ«ثورة 30 يونيو (حزيران)» التي أطاحت حكم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد استمراره في الحكم، وإطلاقه عددا من التصريحات التي اعتبرتها مصر عدائية، وقررت على أثرها استدعاء سفيرها إلى القاهرة وطرد سفير أنقرة. ولم يستبعد خليل، أن يكون هناك «رابط بين المسعى التركي الأخير للتنقيب، واعتراض أنقرة على بحث الإدارة الأميركية لإدراج جماعة الإخوان ضمن قائمة الكيانات الإرهابية، خصوصا أن نية التنقيب أعلنت منذ أكثر من عام وكانت أنقرة تقول حينها إنها ستكون في القريب لكنها لم تنفذها».
وشرح أن «الإدارة التركية عادة ما تخلق تشابكات بين ملفاتها الداخلية والسياسة الخارجية، وإن خلافات دخلتها أنقرة مع أطراف أوروبية وعربية كانت تأتي بعد مشكلات داخلية تركية ومنها إقرار الدستور والانتخابات المحلية، وغيرها».
وسبق للخارجية التركية أن أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 اعتراضها على «مناورات عسكرية مشتركة بين مصر واليونان يجري التحضير لها في جزيرة (رودس) اليونانية»، غير أن القوات البحرية والجوية المصرية نفذت بالفعل التدريب الذي حمل اسم (ميدوزا 5) بمشاركة حاملة مروحيات من طراز ميسترال (أنور السادات) والفرقاطة طراز فريم (سجم تحيا مصر) والغواصة (41) وعدد من القطع البحرية اليونانية، إضافة إلى تشكيل من الطائرات المقاتلة متعددة المهام من طراز إف 16.
واعترضت أنقرة في (فبراير) 2018 سفينة تنقيب عن الغاز في المياه القبرصية، وردت مصر، وإن بشكل غير مباشر، عبر تنفيذ القوات المسلحة المصرية، حينها «أنشطة تدريبية بمسرح عمليات البحر المتوسط، وتضمنت إطلاق أربعة صواريخ أرض بحر وسطح بحر، للتعامل مع جميع التهديدات والعدائيات بالمياه الإقليمية».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.