استمرار معارك طرابلس وقوات حكومة {الوفاق} تعزز مواقعها

TT

استمرار معارك طرابلس وقوات حكومة {الوفاق} تعزز مواقعها

في ظل استمرار المعارك بجنوب العاصمة الليبية طرابلس، قالت القوات الموالية لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي بحكومة «الوفاق»، في إطار ما تُعرف بعملية «بركان الغضب»، إنها عززت من مواقعها في محور وادي الربيع، ودمّرت دبابة وآلية عسكرية وسيطرت على آلية عسكرية أخرى، كما اعتقلت 5 مقاتلين من عناصر «الجيش الوطني».
وبعد شهر على بدء هجوم المشير خليفة حفتر على طرابلس، يبدو الوضع أمام طريق مسدود بالكامل. فالمواقع العسكرية على حالها، وأي حوار يبدو مستحيلاً للخروج من النزاع، في وقت قالت فيه حكومة السراج في بيان، نقلته وكالة «رويترز» أمس، إن 710 مقاتلين موالين لها قُتلوا منذ بدء معركة للسيطرة على العاصمة. لكن الوكالة عادت مساء أمس لتوضح أن هذا الرقم يشمل القتلى منذ عام 2014، وليس الآن فقط.
وتدور المواجهات في محيط المطار الدولي، على بُعد 30 كيلومتراً عن طرابلس، وهو غير مستخدم منذ تدميره في معارك بين فصائل مسلحة في 2014، بينما يتوقع محللون احتمال أن تفقد حكومة السراج دعم الزاوية، الواقعة على بعد 50 كيلومتراً غرب العاصمة.
إلى ذلك، وفي تصعيد لافت للانتباه باتجاه إيطاليا، قالت مجموعة عمليات المنطقة الغربية بالجيش «الوطني الليبي» إن معلومات استخباراتية، أفادت بوجود عدد من «الإرهابيين» المطلوبين محلياً ودولياً، يتلقون العلاج حالياً في المستشفى الإيطالي الميداني في مصراتة بغرب البلاد.
وحددت المجموعةـ التي يترأسها اللواء عبد السلام الحاسي، مساء أول من أمس، أسماء تسعة عناصر، قالت إنهم ينتمون إلى «القاعدة» و«داعش»، وخلايا «بيت المقدس». بالإضافة إلى عدد آخر من «الإرهابيين» التابعين للإرهابي المصري هشام عشماوي، الذي اعتقله «الجيش الوطني» مؤخراً في مدينة درنة بشرق البلاد.
وأضافت المجموعة أنها «تضع هذه الحقيقة أمام كل الذين يقاتلون إلى جانبهم، وأهالي مصراتة، ووزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة لمخاطبة نظيرتها الإيطالية بهذا الأمر»، معتبرة أن «السلطات الإيطالية خصصت هذا المستشفى الميداني لمكافحة الإرهاب لا لدعمه».
كان رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، قد أجرى مساء أول من أمس، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تناول الوضع في ليبيا، حيث أكد السيسي، حسب بيان للسفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، دعم مصر لمختلف الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية وفقاً لمبادئ الموقف المصري المتمسك بوحدة أراضي ليبيا ودعم مؤسساتها الوطنية واحترام إرادة شعبها وبما يسهم في عودة الاستقرار والأمن إلى منطقة الشرق الأوسط.
كان كونتي قد نفى خلال مشاركته في منتدى «الحزام والطريق» الثاني للتعاون الدولي في بكين، تقديم إيطاليا أي دعم عسكري لميليشيات مصراتة، المتحالفة مع حكومة السراج، عبر المستشفى الإيطالي الميداني بمصراتة.
وقال إن «موظفينا في مصراتة لا يقدمون أي دعم للأنشطة العسكرية، أو شبه العسكرية، أو غيرها من الأنشطة. لدينا مستشفى عسكري حيث نعالج الجرحى المدنيين، وما نحن على استعداد للقيام به هو علاج المقاتلين المصابين، ليس فقط من حكومة الوفاق، أو من جيش السراج ومصراتة. ولكن أيضاً من قوات الجيش بقيادة حفتر».
وجاءت هذه التصريحات، رداً على طلب الجيش الوطني، على لسان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسمه، من إيطاليا إغلاق مستشفاها العسكري في أقرب وقت ممكن، حيث اعتبر المسماري أنه لم تعد هناك دواعٍ إنسانية لبقاء المستشفى بعد القضاء على تنظيم «داعش» في مدينة سرت نهاية عام 2016.
من جانبها، قالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، إن رئيسها غسان سلامة ونائبه للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز، ناقشا أول من أمس، الوضعين الأمني والإنساني في العاصمة طرابلس خلال اجتماع مع مجموعة من شيوخ القبائل من غرب ووسط ليبيا وطرابلس، مشيرةً إلى أن سلامة عرض دعم الأمم المتحدة الكامل لمساعدة المدنيين المتضررين من القتال.
كما ‏اجتمع سلامة وستيفاني، بحضور ممثلين عن وكالات إنسانية في الأمم المتحدة، مع لجنة الطوارئ في حكومة السراج، لبحث تلبية الاحتياجات العاجلة للمدنيين المحاصَرين في مناطق النزاع.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم