الحكومة التونسية تحسم «نزاع الشرعية» بين قيادات «النداء»

TT

الحكومة التونسية تحسم «نزاع الشرعية» بين قيادات «النداء»

حسمت رئاسة الحكومة التونسية الجدل الدائر حول خلافات شقّي حزب النداء حول مسألة «الشرعية»، بعد انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب بداية الشهر الماضي، حيث أكدت أن الملف الذي تقدمت به «مجموعة الحمامات» التي يتزعمها سفيان طوبال، رئيس الكتلة النيابية لحزب النداء، يمتلك كل الشروط، مما يفرض الاعتراف به رسمياً على حساب «مجموعة المنستير» التي يتزعمها حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي، والتي تتمسك بدورها بشرعية وجودها، وتصر على امتلاكها كل الشروط المطلوبة.
وبررت رئاسة الحكومة موقفها الداعم لـ«مجموعة الحمامات» بتطبيق قانون الأحزاب، واستناداً إلى المحاضر القانونية ذات العلاقة بنتائج مؤتمر حزب النداء، الذي عُقد في مدينة الحمامات، والذي حصل فيه سفيان طوبال على 115 صوتاً، مقابل صوت واحد لحافظ قائد السبسي، المترشح الثاني لرئاسة اللجنة المركزية لنفس الحزب.
وكرد فعل على هذا الاعتراف الرسمي بـ«مجموعة الحمامات»، قال المنجي الحرباوي، القيادي في حزب النداء (شق نجل الرئيس): «من يريد تثبيت شرعيته عليه التوجه إلى القضاء التونسي لحسم الخلاف». معتبراً أن المجموعة المناوئة «تواصل بث الإشاعة، وتتعمد التشويش على حزب النداء، وضرب مصداقيته لدى الناخبين التونسيين»، على حد تعبيره.
وكانت رئاسة الحكومة قد تلقت في 15 من أبريل (نيسان) الماضي ملفين في نفس اليوم، لقيادتين مختلفتين لحزب لنداء، أحدهما للجنة مركزية يرأسها سفيان طوبال، والآخر للجنة مركزية يرأسها حافظ قائد السبسي. وقد مثّلت المراسلة التي وُجهت إلى سفيان طوبال اعترافاً قانونياً له بأنه يمتلك القيادة الشرعية لحزب النداء، وهو ما سيخلق مزيداً من الصراعات داخل الحزب، الذي أسسه الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي منتصف سنة 2012.
على صعيد غير متصل، واصلت وحدات من الجيش، منذ مساء أول من أمس، تزويد عدد من محطات بيع المحروقات، في ظل استمرار موظفي نقل المحروقات إضرابهم عن العمل لليوم الثالث على التوالي، رغم توصل وزارة النقل التونسية إلى اتفاق مع اتحاد الشغل (نقابة العمال) والغرفة التونسية لنقل المواد الخطرة، التابعة لمجمع رجال الأعمال.وتم الاتفاق حسب محضر الجلسة، التي احتضنها مقر وزارة النقل، على إقرار زيادة بقيمة 250 دينار تونسي (نحو 80 دولاراً) تشمل 400 سائق شاحنة. غير أن الطرف النقابي رفض هذا المقترح، وطالب في المقابل بمنحة قدرها 600 دينار تونسي (نحو 200 دولار)، مع إعادة تصنيف المهنة من نقل وتوزيع المحروقات، إلى ممارسة مهنة خطرة، والتمتع بمنح أخرى، يفرضها قانون العمل في تونس.
وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد اتخذ قراراً يلزم سائقي الشاحنات بمواصلة العمل رغم الإضراب، وكلف عدداً من العسكريين بتأمين نقل المحروقات إلى محطات البنزين، بهدف تفادي النقص الحاصل نتيجة إضراب عمال نقل وتوزيع المحروقات. وشوهد عسكريون تونسيين بأزيائهم العسكرية وهم يقودون الشاحنات الثقيلة، ويتوجهون بها إلى محطات توزيع المحروقات في عدد من المدن التونسية.
في السياق ذاته، برمجت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى أمس، 140 رحلة لشاحنات نقل المحروقات، وخصت الجهات الداخلية بالنصيب الأوفر من تلك الرحلات.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.